مسار الارتفاع.. بالأسعار والدولار والذهب!

مسار الارتفاع.. بالأسعار والدولار والذهب!

يؤخذ الذهب عادة كأحد السلع المعبرة عن مستوى التضخم في سورية، حيث أن ارتفاع سعره ومشترياته، يعبر عن عملية السعي إلى حفظ القيمة المتراجعة في الليرات، والثابتة في الذهب نسبياً.

سنقارن بين تغيرات أسعار الذهب والدولار، وبين تغيرات تكاليف المعيشة خلال عام 2016

لا بد أولاً، من الإشارة إلى أن الاعتماد على تغيرات مستويات أسعار سلع الاستهلاك، نستمدها من حسبة قاسيون لتكاليف المعيشة، التي تبين بأن تكاليف سلة الاستهلاك، لأسرة من خمسة أشخاص في دمشق، قد ارتفعت من 178 ألف ليرة شهرياً في بداية العام، وصولاً إلى 298 ألف ليرة في نهاية 2016، وبداية العام الحالي، بنسبة زيادة في التكلفة والأسعار تبلغ: 67%.

وهذا الارتفاع، هو التعبير الأدق عن تراجع قيمة الليرة، وتراجع الأجور، التي ترتبط قيمتها بقدرتها على الشراء.

فماذا عن الدولار؟!

سعر صرف الدولار في السوق الرسمية، قد انتقل من قرابة 311 ليرة مقابل الدولار بداية عام 2016، وصولاً إلى 520 ليرة مقابل الدولار، وفق السعر الرسمي لتمويل المستوردات. وبنسبة ارتفاع 67% متطابقة تقريباً مع ارتفاع المستوى العام للأسعار.

والمفارقة التي ذكرناها سابقاً، بأن الارتفاع في سعر صرف الدولار في السوق، لم يكن بالنسبة ذاتها، بل بنسبة أقل حيث انتقل من 390 ليرة بداية 2016، وصولاً إلى 515 بنسبة ارتفاع: 32% تقريباً.على الرغم من وصوله إلى مستويات قياسية في شهر 5-2016 عندما بلغ السعر في السوق ذروته بمقدار: 620 ليرة مقابل الدولار.

يعتبر عام 2016 العام الوحيد الذي شهد فترة تراجع في سعر صرف السوق السوداء، انعكس تراجعاً أقل في سعر الصرف الرسمي، ولكن بالمقابل ارتفع سعر الصرف في الفترة الأولى من العام بمستويات قياسية، حيث وسطي الارتفاع الشهري لسعر الصرف في السوق السوداء بلغ 12% شهرياً خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام، ثم انخفض بمعدل وسطي 2.4% خلال الأشهر السبعة الأخيرة من 2016.

وفي هذه الانتقالات، مع الفوارق بين سعر السوق السوداء، والسوق الرسمية، تجري عمليات جني الأرباح الواسعة من عمليات المضاربة، ولعل هذا العام يكون أكثرأعوام الأزمة في الربح المضاربي.

أما الذهب..

انتقل سعر غرام الذهب من قرابة 12 ألف ليرة للغرام من عيار 21 في بداية 2016، وصولاً إلى 17 ألف ليرة في نهايته. بنسبة ارتفاع 42% تقريباً، أقل من نسبة ارتفاع المستوى العام للأسعار، ولكن أعلى من نسبة ارتفاع سعر السوق السوداء.

وبمقارنة هذا الارتفاع مع عام 2015، فإن نسبة ارتفاع أسعار الذهب، قد انخفضت إلى حد بعيد، حيث أن أسعار الذهب ارتفعت في عام 2015 بنسبة تزيد على  70%، من قرابة 7000 ليرة للغرام بداية 2015، وصولاً إلى 12 ألف في نهايته.

والملفت، أن مبيعات الذهب السنوية، لم تشهد تغيرات كبيرة وفق التصريحات عن وسطي المبيع اليومي، فكما في عامي 2013-2014 فإن الوسطي اليومي للمبيع في سوقي دمشق، وحلب الرئيسيين، يبلغ 3 كغ مبيع يومي، ويقدر رئيس جميعة الصاغة للإعلام المحلي، بأن هذه المبيعات تقارب 1،5 طن من مبيعات الذهب خلال العام. رغم أن مبيعات الذهب اليومية، وصلت في 2013-2014 إلى مبيعات يومية تقارب 12 كغ، أي أربع أضعاف الوسطي في موجات خسارة الليرة، للجزء الأهم من قيمتها في العامين المذكورين.

هذه المبيعات التي تقارب قيمتها 25،5 مليار ليرة سورية، تم دفع رسم إنفاق منها في دمشق، وحلب، وحمص، بقيمة 540 مليون ليرة، ونسبة 2% تقريباً، كرسم إنفاق استهلاكي، بارتفاع 25% بين قيمة الرسم في النصف الأول من العام والنصف الثاني.

إن ارتفاع مستوى الأسعار، المتطابق مع ارتفاع سعر الصرف الرسمي، يدفع للتساؤل، حول محركات الارتفاع في المستوى العام للأسعار، والتغيرات في سوق الدولار، أي ارتفاع سعر الصرف. حيث أن المفاتيح الأساسية للارتفاعين كليهما كانت رسمية، فالموجة الأولى من المضاربة على الليرة التي بدأت مع ارتفاع أسعار الكهرباء بداية العام، لتصل إلى سعر 500 ليرة مقابل الدولار في شهر 3-2016. والموجة الثانية، في شهر آيار والتي قامت السلطات النقدية بإطفائها بضخ كميات كبيرة من الدولار، نقلت السعر من 620 إلى قرابة 480 خلال شهر، ولكن السياسة الاقتصادية بالمقابل، قامت برفع المستوى العام للأسعار، عبر رفع أسعار المحروقات في حينها، لينتج عن هذا تخفيض في سعر الدولار، ولكن إطلاق لمزيد من التراجع الحقيقي في قيمة الليرة..

الجزء الأكبر من الأرباح المجنية من ارتفاع أسعار السلع، لم يكن يتحول إلى مدخرات بالذهب خلال 2016، بل كان عملياً يتوجه بالدرجة الأولى إلى سوق الدولار، التي كانت تتقد فيها نار المضاربة، في هذا العام بالارتفاع إلى مستويات قياسية خلال فترات قصيرة، ثم عملية هبوط بطيئة ومتذبذة، وهي البيئة المناسبة لعملية استثمار الأرباح في تحقيق أرباح مضاربية. والأهم أن السياسات كانت تستمر بتغذية عملية جني الأرباح عبر رفع أسعار المواد الأساسية، وتحفز كذلك سوق استثمار هذه الأرباح في المضاربة، عبر استمرار التغيرات في سعر الصرف الرسمي، واستمرار توسع سوق بيع الدولار والضخ..

67%

ارتفعت تكاليف المعيشة في دمشق خلال عام 2016 بنسبة 67% من 178 ألف شهرياً، وصولاً إلى 298 ألف ليرة نهاية العام.

67%

ارتفع  سعر صرف الدولار الرسمي خلال عام 2016 بنسبة 67%،من 311 وصولاً إلى 520 ليرة مقابل الدولار.

32%

ارتفع سعر صرف الدولار في السوق السوداء خلال عام 2016 بنسبة 32% من 390 وصولاً إلى 515 ليرة مقابل الدولار.

42%

ارتفع سعر الذهب في سورية خلال عام 2016 بنسبة 42% من قرابة 12 ألف للغرام، وصولاً إلى 17 ألف ليرة لغرام 21.

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
792
آخر تعديل على السبت, 07 كانون2/يناير 2017 16:36