الأمم المتحدة (تتطرف) أم تبحث عن حل؟!

الأمم المتحدة (تتطرف) أم تبحث عن حل؟!

يدعو تقرير الأمم المتحدة للتجارة والتنمية لعام 2016 إلى هجر النيوليبرالية الاقتصادية، ويوجه نصائحه للدول الصاعدة، لتنبذ النخب المالية.. الإعلام الاقتصادي العالمي يتلقى التقرير موصفاً إياه (بالتطرف)، فلماذا تتطرف الأمم المتحدة، وهي التي روجت للنيوليبرالية طويلاً خلال مرحلة سيادتها؟!

 

تقرير اليونكتاد وبعد دراسة علاقة الشركات غير المالية في الدول النامية، مع النظام المالي العالمي، وبعد التركيز على الشركات الصناعية تحديداً، يخلص إلى ما يسميه مراجعة السياسة الصناعية في الدول الصاعدة، تصل الأمم المتحدة إلى استنتاج يراه الإعلام الاقتصادي متطرفاً، حيث يشير التقرير إلى أنه: (على العالم أن يهجر الآيديولوجية النيوليبرالية، ويصل إلى اتفاق عالمي جديد مع تركيز الاستثمارات في القطاعات الاستراتجية، والعودة إلى الدولة التنموية، مع اعتماد سياسات صناعية قوية، مدعومة بضوابط قاسية للتحكم بحركة رأس المال).

وينصح تقرير الأمم المتحدة الدول الصاعدة بالقول: (بضرورة أخذ زمام المبادرة، والتحكم بالمصير، وذلك بقلب الطاولة على النخب المالية، حيث على الدول الصاعدة أن تتحكم بحركة رأس المال، وتفرض الضرائب المتصاعدة على الأرباح الاحتياطية، والموزعة، كما أن عليها أن تعيد تموضع الإقراض، وأن تتعلم الطرائق الضرورية لممارسة القمع المالي)..

صحيفة التلغراف البريطانية تفسر إنذار الأمم المتحدة بالقول: (إن الأمم المتحدة تقول بأن هذه الأزمة ستكون الأزمة النهائية للرأسمالية المعولمة، وإعلان انتهاء معتقدات منظومة السوق الليبرالية الحرة، المتشكلة منذ 40 عاماً، بمؤسسات بريتون وودز، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادي، ودافوس وغيرها من المؤسسات..)

الأمم المتحدة، تحاول أن تهز الفكر الاقتصادي، والسياسات الاقتصادية، وتنقلها إلى مستوى الأزمة، للتخلص من أوهام الحلول النيوليبرالية التي يصعب على البعض الخروج منها، وهي بالتالي تحاول أن تسرع الأمور، في مسعى لإخراج المنظومة من أزمتها، ولكن هل سيكون هناك فرصة للرأسمالية بالاستمرار بعد العودة عن العولمة، وعن توسيع المنظومة المالية، وكبح هيمنتها؟! وهل كان ترك الصناعة هو خيار للمستثمرين العالميين، أم أن الانخفاض الموضوعي لمعدل الربح، دفعهم نحو الخيارات الأخرى لتحقيق أقصى ربح؟! وبالتالي هل تنفع الدعوة للعودة إلى الصناعة، دون الدعوة إلى القبول بتخفيض الربح؟!

إن الظرف الاقتصادي للمنظومة الرأسمالية اليوم، يقول أن العودة عن كل ما سبق، هي تسليم آخر أدوات المنظومة في المحافظة على استمرار معدل الربح، وسط تمركز الثروة الحالي، ونستطيع القول أن خروج الدول الصاعدة من الأزمة العميقة اليوم، واتجاهها نحوتنظيم عملية الاستثمار وتوسيعها، سيتطلب خروجاً عن السعي نحو الربح الأقصى، وهو خروج عن جوهر قوانين الرأسمالية..