عبدي يوسف عابد عبدي يوسف عابد

خصخصة الاتصالات.. «جحا أولى بلحم ثوره»!

من أجل القيام بخصخصة شركات ومؤسسات ومنشآت القطاع العام بأشكال مختلفة وفق النهج الليبرالي الجديد، وذلك تنفيذاً لتوجيهات وتعليمات البنك وصندوق النقد الدوليين، استندت الحكومة السورية إلى ذريعة أن هذه المؤسسات خاسرة وأصبحت عبئاً على البلاد، وهي ترهق خزينة الدولة، رغم أن الحقيقة أنه قد جرى تخسيرها على مدى عقود عن سابق قصد وتصميم، بدليل تكوّن طبقة واسعة من البورجوازيين البيروقراطيين والطفيليين من خلال نهبها المتواصل.

لكن ما يثير العجب والاستغراب، هو أن الحكومة تحاول خصخصة مؤسسة الاتصالات، بمشروع القانون المقدم إلى مجلس الشعب لمناقشته، بذريعة إعادة هيكلته، وإدخال القطاع الخاص في هذا المفصل الحيوي، مع أن هذه المؤسسة، هي من المؤسسات الرابحة، وبلغت إيراداتها في عام 2009 ـ كما بينت الصحف ـ /73/ مليار ليرة سورية.

إن مهمة الحكومة البارزة، هي زيادة موارد خزينة الدولة بمشاريع تنموية حديثه بشكل مستمر، وليس التخلي عن مؤسسة رابحة /73/ مليار ليرة سنوياً، تقدمها هدية للرأسماليين.. إنها عملية سرقة مشرعنة من خزينة الدولة، ودليل اهتمام بمصالح الأثرياء الجدد ليزدادوا غنى أكثر من الاهتمام بمصالح الشعب والوطن.

إن ذلك أحد أبرز نتائج الاستمرار بالنهج الليبرالي للاقتصاد، رغم الفشل الذريع الذي أصابه في حل المشكلات الاقتصادية التي تواجه بلدنا، من بطالة وتدني مستوى معيشة الشعب ومحاربة الغلاء والفساد، وتحقيق التنمية الضرورية... وهو فشل معطوف على جميع البلدان التي تبنته من قبل ومن بعد، إلى درجة أن ساركوزي رئيس الجمهورية الفرنسية بشر بموت النهج الليبرالي للاقتصاد.

إن مبلغ /73/ مليار ليرة سورية، هو من حق خزينة الدولة والشعب السوري.. لذلك تفرض الضرورة الوطنية والاجتماعية على حد سواء، الحفاظ على حق حصر استثمار قطاع الاتصالات وتطويره أكثر عن طريق الاستثمار الحكومي، وعدم التفريط به بذرائع واهية غير مبررة.

والطامة الكبرى في مشروع القانون آنف الذكر، يكمن في أنه إذا سقط قطاع الاتصالات في أيدي رأسماليين عرب أو أجانب، فإنه لن يؤدي إلى خروج المليارات إلـ/73/ إلى خارج البلاد وحسب، بل إلى إشراف أجنبي على كامل الاتصالات في البلاد وبين الناس، بكل خطورة ذلك على الأمن الوطني.

إن الشعب السوري أولى بإيراداته من الرأسماليين النهمين الذين لا أوطان لهم، ولا قيم أو مبادئ، وقديماً قالوا: «جحا أولى بلحم ثوره».