16% من دعم الكهرباء لـ 16 مليون سوري.. والباقي لمن؟!

16% من دعم الكهرباء لـ 16 مليون سوري.. والباقي لمن؟!

رفعت الحكومة السورية أسعار الكهرباء بنسب عالية جداً على المستهلكين السوريين بأنواعهم، المنزلي، والتجاري والصناعي والزراعي وعلى المستويات كافة التوتر العالي والمنخفض والمتوسط حتى ارتفع وسطي سعر بيع الكيلو واط من 2 ل.س في عام 2011 إلى 5 ل.س في 2014، وصولاً إلى 20,8 ل.س تقريباً في عام 2016.

حاولت الحكومة أن تخفف من وقع رفعها لمستويات أسعار الكهرباء، بأن تدعي بأن نسب التخفيض للاستهلاك المنزلي، وللاستخدام الزراعي أقل من نسب الارتفاع الأخرى في الصناعة وعلى التوترات العالية.

تجاهلت الحكومة التعديلات الهيكلية في شرائح الاستهلاك المنزلي، وفي شرائح الاستهلاك الصناعي والحرفي الصغير على التوترات المنخفضة، هذه التعديلات التي ألغت أي تمايز بين صغار المستهلكين، وكبارهم، والتي تستهدف بشكل مباشر السعر المنخفض للأسر والمنتجين السوريين الذين يستهلكون كميات أقل، ما يعكس تدني كل من مستوى معيشتهم، ومرونة إنتاجهم بحجمه الصغير.

استهداف محدودي الدخل والاستهلاك

ألغت الحكومة شرائح الاستهلاك المنزلي الصغيرة التي كانت تتدرج من 0-100، ومن 100- 200، وثم من 201-400، وثم من 401-600، ودمجت كل هؤلاء الذين كانت تتدرج التسعيرة لهم من 25 قرش، إلى 35 قرش، ثم 50 قرش، فـ 75 قرش للاستهلاك بحد 600  كيلو واط ساعي.

دمجتهم في شريحة واحدة تسعيرة الكيلو واط الساعي فيها: 100 قرش سوري، أي ليرة سورية واحدة، وبالتالي ارتفعت الشريحة الأولى من ربع ليرة إلى ليرة، بنسبة ارتفاع 300%.

الحكومة تقول بأن السوريين لم يعودوا يستهلكون 200 كليو واط ساعي في الدورة، بينما بيانات الحكومة ذاتها كانت تقول بأن 67% من الأسر السورية من مشتركي الكهرباء، أي حوالي 3,2 مليون مشترك منزلي، كانوا يستهلكون أقل من 600 كيلو في الدورة، وذلك في عام 2011 وهو عام ذروة الاستهلاك والإنتاج السوري، بينما حوالي 35.7% من المشتركين المنزليين كانوا يستهلكون في الدورة أقل من 400 كيلوواط ساعي، أي 1,6 مليون مشترك منزلي.

وبأخذ وسطي الأسرة السورية 5 أفراد، فإن حوالي 16 مليون سوري كانوا يستهلكون في الدورة (شهرين) أقل من 600 كيلو واط ساعي،  ارتفعت عليهم أسعار الكهرباء بنسب متباينة إلا أن أقل المستهلكين وأكثرهم تقشفاً بالكهرباء، نال الحصة الأعلى من الرفع بنسبة 300% كما ذكرنا سابقاً، وهؤلاء كانت نسبتهم 16,2% في عام 2011، أي حوالي 770 ألف مشترك منزلي تعدادهم الوسطي التقديري: 3,8 مليون سوري.

 ارتفاعات مرتقبة في الأسعار

لا تزال تكلفة الكهرباء بالحد الوسطي البالغ لاستهلاك 600 كيلو واط ساعي شهرياً تكلف الأسرة في الدورة: 600 ل.س تقريباً دون الرسوم، وهي نسبة 2% من الحد الأدنى للأجر، وتعتبر منخفضة إذا ما قيست بالدول المجاورة، إلا أنها تبقى مرتفعة مقابل تدني مستوى الخدمة في سورية، وساعات التقنين الطويلة، وضعف التوتر الواصل، ومستويات الأجور السورية المنخفضة، والتي ستنال حصتها من أثر ارتفاع تكاليف المعيشة نتيجة ارتفاع تكاليف الكهرباء المنعكسة في المنتجات الزراعية والصناعية المحلية والذي يصعب قياسه بالتحديد، إلا أن المستوى العام للأسعار سيشهد ارتفاعاً أكيداً مع  ارتفاع تكلفة الكهرباء الصناعية الوسطية خلال 5 أعوام بنسبة 816 %، والزراعية بنسبة 497%، والتجارية كذلك الأمر بنسبة 625%.

 دعم 16 مليون يعادل

 دعم مستوردات 40 يوم!

 بأقصى الحالات بلغ دعم قطاع الكهرباء في عام 2015 : 157 مليار ل.س تقريباً، وفق حسابات قاسيون، على اعتبار أن الكلف الإجمالية 232 مليار ليرة في عام 2015، والتحصيل بلغ قرابة 75 مليار ليرة في عام 2015، بالتالي فإن الدعم الإجمالي: 175 مليار ل.س، حصة الاستهلاك المنزلي الإجمالي منه تبلغ: 103 مليار ل.س، على اعتباره أصبح يشكل 66% من الاستهلاك في عام 2014-2015، أما حصة الشرائح الأقل دخلاً واستهلاكاً والتي تستهلك خلال شهرين أقل من 600 كيلو والذين كانت نسبتهم 67%، فهي تبلغ بالتقدير التقريبي: 69 مليار ل.س فقط من الدعم، أي حوالي: 200 مليون دولار، وفق أخفض سعر صرف رسمي 334 ل.س/$ وهي تعادل تمويل الحكومة لمستوردات التجار لمدة أربعين يوم تقريباً، وفق وسطي 5 مليون دولار يومياً تمويل من الحكومة للمستوردين.

 ورقم: 69 مليار ليرة دعم لأكثر من 16 مليون سوري من أقل المستهلكين استهلاكاً يشكل نسبة 16% فقط من إجمالي دعم الكهرباء الذي وضعته الحكومة في موازنة عام 2015، فلمن قدم الدعم المتبقي والبالغ 344 مليار ل.س؟!  

وأين أنفقت قرابة 84% ومئات المليارات من الدعم إن لم يكن على المستهلكين المنزليين الأقل استهلاكاً للكهرباء؟!