الاقتصاد الدولي الوقوف على رؤوس الأصابع قبيل انفجار محتمل!

الاقتصاد الدولي الوقوف على رؤوس الأصابع قبيل انفجار محتمل!

ترصد (قاسيون( في التغطية الحالية لأوضاع الاقتصاد الدولي في بداية العام الجديد، أهم المؤشرات الدالة على استمرار أزمة الرأسمالية العالمية بعد 8 سنوات على انفجار الأزمة الاقتصادية، حيث تستمر أزمة الركود وتعود الأزمات المالية للواجهة، وتتعمق التناقضات أكثر بين الأدوات التي اجترحتها المراكز الغربية للهروب من أزماتها، وبين دور القوى الرأسمالية الصاعدة التي تسعى للمواجهة ودرء خطر تنفيس الأزمات عبرها، ما ينبئ بتطورات دراماتيكية قد تدفع الأزمة في عام 2016 إلى طور جديد.

توزيع الدخل دون مساس الملكية الخاصة!

في مقالته (الوعكة الكبرى تستمر)، على موقع (Project-Syndicate)، يعيد جوزيف ستغلتس، صاحب نوبل، التحذير من الأوضاع المقلقة للاقتصاد الدولي، والتي تشير إلى استمرار أزمة عام 2008، وإن وُصفت بـ»الوعكة»!.
وقبل أن يعيد ستغلتس التذكير بضرورة المضي في حلول جدية، لفت إلى أوضاع الاقتصاد الدولي المعقدة في عام 2015 بالقول أنه: (كان عاماً صعباً من كل الجهات وعلى المستويات كافة، فقد انزلقت البرازيل إلى الركود، وشهد الاقتصاد الصيني أولى عثراته الخطيرة بعد حوالي أربعة عقود من النمو السريع. وتمكنت منطقة اليورو من تجنب الانهيار بسبب اليونان، ولكن حالة من شبه الركود استمرت هناك، أما عن الولايات المتحدة، فكان المفترض أن ينتهي بنهاية عام 2015 آخر فصول أزمة الركود العظيم التي بدأت في عام 2008، ولكن ما حدث هو أن التعافي الأمريكي كان متواضعاً)!
المصارف والشرائح الأغنى في الأزمة
من حيث توصيف الأزمة الحالية، يرى الرجل أنها واضحة تماماً، فـ(العالم يواجه نقصاً في الطلب الكلي)، والذي يرجع إلى تركيب عاملين: (اتساع فجوة التفاوت وموجة هوجاء من التقشف المالي). ووفقاً له فإن سبب نقص الطلب يعود إلى دور كل من (الشرائح ذات الدخل الأعلى) كونهم (ينفقون أقل كثيراً مما ينفقه أصحاب أدنى الدخول)، وإلى البلدان ذات الفوائض الخارجية كألمانيا، فهي (تحافظ بشكل ثابت على فوائض خارجية، ما يفاقم مشكلة عدم كفاية الطلب الكلي).
لم يفوت ستغلتس الفرصة لتوجيه نقد لاذع لدور المصارف السلبي كونها لا تسهم بالحل حتى اللحظة وفقاً لوجهة نظره، وتحديداً في حل مشكلة «تحريك الطلب»، فيقول عنها: (رغم عودة بنوكنا إلى مستوى معقول من الصحة، فقد أظهرت عدم صلاحيتها لتلبية الغرض منها. فهي تتفوق في الاستغلال والتلاعب بالسوق، ولكنها فشلت في أداء وظيفتها الأساسية المتمثلة في الوساطة بين المدخرين لآجال طويلة والاستثمار الطويل الأجل).


قدسية الملكية!

خلاصات هذه المقالة كانت إمتداداً لنهج «إصلاح الرأسمالية»، وأقرب إلى الكينزية إلى حد بعيد، حيث أكدت أن (العلاج الوحيد للوعكة العالمية هو في زيادة الطلب الكلي، وقد يساهم في ذلك إعادة التوزيع البعيدة المدى للدخل)، ولكنها كغيرها لا تشير بأية حال من الأحوال إلى دور الملكية الخاصة للثروة وتركزها في منع عملية توزيع الدخل. وبالطريقة الإصلاحية ذاتها تعرج المقالة على باقي آليات الرأسمالية محاولة ترويضها، فيجيئ فيها أنه لا بدّ من (الإصلاح العميق لنظامنا) وأن (بعض مشاكل العالم الأكثر أهمية سوف تتطلب استثمارات حكومية لتيسير التحولات للازمة). 
في النهاية خَلُص الاقتصادي الأمريكي، إلى تحميل القطاع الخاص وأيديولوجيته، أسباب الأزمة الرئيسية، فحسم بالقول أن: (العراقيل التي يواجهها الاقتصاد العالمي لا ترجع إلى أسباب اقتصادية، بل سياسية وإيديولوجية، فقد خلق القطاع الخاص التفاوت بين الناس وتسبب في تدهور البيئة، ولن تتمكن الأسواق من حل هذه المشاكل الحرجة من تلقاء ذاتها، والحاجة واضحة إلى سياسات حكومية نشطة).

لاغارد: النمو العالمي في 2016 مخيباً!

انضمت كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي إلى مجموعة الاقتصاديين الذين أكدوا استمرار الأزمة الاقتصادية العالمية في العام الجديد 2016.
وفي مقالتها المنشورة بتاريخ 5 كانون الثاني بعنوان (تحولات 2016) رأت لاغارد أن حالة عدم اليقين والتقلبات الاقتصادية الحادة في مختلف أنحاء العالم التي تسود المشهد في الاقتصاد العالمي اليوم تعود في أحد أسبابها إلى (تعديلات أسعار الفائدة في الولايات المتحدة مؤخراً، جنباً إلى جنب مع التباطؤ في الصين).
 الاقتصاد العالمي يمر بتباطؤ شديد، هكذا وصفته لاغارد، وعزته إلى) أن الاستقرار المالي غير مؤكد حتى الآن، برغم مرور سبع سنوات على انهيار ليمان براذرز، ويظل ضعف القطاع المالي باقياً في العديد من البلدان ــ وتتنامى المخاطر المالية في الأسواق الناشئة). وأكدت وزيرة المالية الفرنسية سابقاً أن النمو العالمي في عام 2016 سيكون (مخيباً للآمال ومتفاوتاً) على حد تعبيرها. 

حرب مضادة لحرب النفط!

في نوفمبر تشرين الثاني عام 2015، أعلنت وزارة الطاقة الروسية أنها ستبدأ أولى التجارب لإطلاق مؤشر لبيع النفط الروسي بالروبل.
التجربة التي رآها المراقبون أنها ضرب لاحتكار وول ستريت لتسعير النفط بالدولار، قال عنها الباحث الأمريكي ويليام أنجدال أنها: (خطوة استراتيجية في تعزيز استقلالية الاقتصاد الروسي)، كما وضعها في سياق عملية (التخلص من هيمنة الدولار التي تقودها بهدوء كل من روسيا والصين وعدد من الدول الأخرى).
الجدير بالذكر أن روسيا تعد ثالث أكبر منتج للنفط في العالم بحوالي 11مليون برميل يومياً حتى بداية عام 2014 (الولايات المتحدة 11,6 والسعودية 11,5)، وثاني أكبر مصدر أيضاً بحوالي 4,7 مليون برميل يومياً بعد السعودية (6,8 مليون برميل).
هذا ويعتبر النفط أكبر السلع في التجارة الدولية التي تعتمد على الدولار، ما يعني أن الدور التاريخي لقوى (البترودولار) بات على أجندة أهداف القوى الصاعدة في أهم مفاصله. ويأتي هذا الإجراء بعد حوالي عام تقريباً على شن الولايات المتحدة حربي النفط والعملات لكبح جماح القوى الصاعدة وعلى رأسها روسيا، في واحدة من أخطر حروبها الاقتصادية على المستوى العالمي، والتي لم يستطع الغرب بعد التنبؤ بمستوى دفاعات القوى الصاعدة ومواجهتها لهذه الحرب.


أسواق الأسهم العالمية وهزات العام الجديد

مع استمرار ملامح الركود الاقتصادي العالمي، تراجعت أسواق الأسهم العالمية، حيث انخفضت الأسهم الأمريكية عموماً يوم الأربعاء 13/1/2016 وعلى رأسها مؤشر (S&P 500) ليغلق منخفضاً عن 1900 نقطة لأول مرة منذ أيلول في العام الماضي.
الجدير ذكره أن موجة الاهتزازات التي تضرب البورصات العالمية بدأت مع بداية العام الجديد، حيث شهدت المؤشرات الأمريكية انخفاضاً في حجم التداول، ما يؤشر على استمرار الركود. ففي الخامس من الشهر الجاري شهد مؤشر داو جونز أسوأ يوم من حيث حجم التداول مقارنة مع عام 2008 عام الأزمة، كما شهد كل من مؤشري ناسداك و(S&P 500) أسوأ تداول منذ عام 2001.
هذا وقد نقلت وسائل إعلام متخصصة عن المستثمرين أن موجة القلق التي ضربت الأسواق العالمية تعود لإنخفاض أسعار الطاقة ولتراجع أرباح الشركات الأمريكية وأوضاع الاقتصاد العالمي.