عبّاد شمس: ماذا يعني تخسير شركات القطاع العام بشكل رسمي؟!

عبّاد شمس: ماذا يعني تخسير شركات القطاع العام بشكل رسمي؟!

انتقل الجزء الأكبر من الدعم الحكومي في موازنة عام 2016 إلى تصنيف خسائر مدورة، أي أنه أصبح عبئاً مالياً مرهقاً ومخسراً للشركات العامة المسؤولة، بدل أن يكون دعماً حكومياً للمستهلكين، وتحديداً في قطاع النفط عبر شركة (محروقات) والكهرباء، والشركة العامة للتوزيع..


فبحسب مشروع الموازنة فإن دعم المشتقات النفطية سيبلغ 455 مليار ل.س، إلا أن هذا المبلغ سيتحول إلى حساب الخسائر في قطاع النفط، وسيفرض على شركات القطاع العام المعنية السعي لتعويضه من فوائضها. وكذلك الأمر بالنسبة للكهرباء التي يبلغ دعمها المعلن 325 مليار ل.س، والذي تحول لخسارة أيضاً.
فإذا كانت شركة (محروقات) على سبيل المثال قد حققت فوائض في عام 2015 بحسب وزير النفط، فإنها باتت تحمل خسارة تبلغ 455 مليار ليرة لعام 2016، فكيف ستعوض الشركة هذه الخسارة الهائلة في العام القادم والأعوام اللاحقة؟! هل بمزيد من رفع الأسعار على المشتقات النفطية؟!
ثم ماذا عن الكهرباء التي لا تزال أسعار بيعها للمستهلك مدعومة بحسب الحكومة، كيف ستتحمل خسارة بمئات المليارات من الليرات، وما الذي سيترتب على هذه الخسائر؟!
إن عقلنة الدعم، عبر نقل عبئه من إنفاق حكومي عام، إلى حساب أرباح وخسارة للشركات العامة سيؤدي إما إلى إلغاء الدعم والتحرير الكامل لأسعار ما تبقى من المشتقات النفطية، وتحرير أسعار الكهرباء لكافة الشرائح والمستهلكين، أي رفعها لتبلغ التكلفة أو تتجاوزها. أو سيؤدي إلى وضع مئات المليارات خسائر على هذه الشركات العامة، التي تتولى مهمة تأمين عناصر الطاقة للاقتصاد الوطني..
وكنتيجة لهذا أو ذاك فإن (عقلنة الدعم) ستتحول إلى عملية إنهاء الدعم بالكامل على الطاقة من محروقات وكهرباء، أو إلى تحميل الشركات العامة الهامة المذكورة خسائر كبرى، ليقال لاحقاً بأن إدارة القطاع العام لهذه القطاعات غير مجدية، وتستخدم الخسائر كذريعة لخصخصة عملية توزيع المحروقات والكهرباء، وهذا أحد أهم الأهداف الليبرالية التي يتم السعي لإنجازها، في المسعى الدؤوب لضرب دور الدولة الاقتصادي!.
إن الدعم الاجتماعي هو إنفاق من المال العام على العناصر والمواد الضرورية وذلك لإنعاش أطراف عملية الإنتاج، المستهلكين والمنتجين، والتي يجب ألا تكون مرهونة للسوق ومنطق الأرباح في ظل الأزمة التي شلت الإنتاج، بل يجب أن تكون أسعارها محددة على أساس قدرات الاقتصاد الوطني وحاجات النمو والاستهلاك فيه، وتحديداً إذا ما كانت البلاد تخوض حرباً وتنتظر مرحلة إعادة إعمار! والسياسة الحالية من عقلنة الدعم، إلى تدهور مستوى خدمات توزيع المحروقات والكهرباء ما هي إلا سعي مناقض للضرورة، يهدف لتسليم السوق عصب الاقتصاد الوطني أي قطاع الطاقة!.