المازوت وارتفاع الأسعار

قبل الأزمة كانت المعادلة الاقتصادية التي تحكم أثر ارتفاع المازوت على المستوى العام للأسعار هي التالية:

كل زيادة 1% في سعر ليتر المازوت تؤدي إلى زيادة 0,4% في المستوى العام للأسعار. 

وتعود هذه العلاقة بسبب دخول مادة المازوت كمادة رئيسية في إنتاج جزء كبير من السلع الاستهلاكية الزراعية والصناعية ودخولها في تكاليف نقل هذه المنتجات. إن تطبيق هذه المعادلة حالياً على الاقتصاد السوري يسمح لنا التنبؤ بحجم ارتفاعات الأسعار المقبلة بشكل أولي فقط. على الشكل التالي:

من المفروض أن لا تتجاوز زيادة الأسعار المتوقعة من أثر ارتفاع سعر المازوت 0,16% (16 بالألف) وهو أثر طفيف جداً لا ينبغي أن نشعر به، لكن الواقع السوري نسف هذه المعادلة. حيث أن ارتفاع سعر المازوت يترافق مع تدهور سعر الليرة الناتج عن المضاربة بشكل أساسي، ويترافق مع ارتفاعات أسعار سلع أساسية أخرى كالغاز والخبز والبنزين، ويترافق مع هوامش ربح إضافية احتكارية عالية يكسبها التجار، وهوامش ربح لحلقات إضافية ناتجة عن تحميل التاجر أي نقص في الكميات أو تلف فيها نتيجة الحواجز الأمنية المختلفة للمستهلك عبر تحميلها للتكلفة، ناهيك عن ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج للمواد المستوردة وارتفاع أسعار سلع الاستهلاك المستورد. 

وعليه فيما لو طبقنا هذه المعادلة بشكلها السابق على الاقتصاد السوري في عام 2015 كاملة سنجد أن أثر ارتفاع سعر المازوت من 80 ل.س في بدياة العام إلى 135 ليرة في نهاية العام (بمعدل69%) سيؤثر بارتفاع المستوى العام للأسعار بمعدل 28% تقريباً، والمثير للاستغراب أن بيانات المكتب المركزي للإحصاء حول المستوى العام للأسعار تشير إلى ارتفاعه بمعدل 18% فقط بين شهري أيار 2015 وكانون الأول 2014، ( بلغ المستوى العام للأسعار 364% عن عام 2010 في نهاية 2014 و430% في أيار 2015 وفق المكتب المركزي للإحصاء).

طبعاً ينبغي ملاحظة قضية أساسية أن أثر تغير سعر المازوت وفق العلاقة السابقة تغير، فينبغي أن يؤثر المازوت على ارتفاع المستوى العام للأسعار بشكل أكبر وذلك بسبب ارتفاع حصة الغذاء والنقل في السلة الغذائية التي يقاس المستوى العام للأسعار على أساسها، والذين يؤثر فيهما سعر المازوت بشكل كبير، رغم انخفاض اعتماد الناس على استهلاك المازوت في المجالات الأخرى كالتدفئة، وعلى ذلك بات من الضروري تعديل هذه المعادلة وعدم اعتمادها كطريقة للقياس، ناهيك عن ضرورة تعديل أوزان سلة لاستهلاك لتعكس الواقع.