(كل مين إيدو إلو)..!

(كل مين إيدو إلو)..!

اعتادت التصريحات الحكومية تأكيد مقولات عدة أبرزها «عدم التفريط بالقطاع العام» وتحديداً الإنتاجي منه، وتأكيدها على ضرورة «الاعتماد على الإنتاج الصناعي والمسارعة بإنعاشه» كي يكون سنداً رئيسياً في تقليل حدة الأزمة، وخاصة بعد تبني الاستراتيجية الجديدة المعتمدة على التصنيع لأجل التصدير. اليوم كثرت الوقائع التي تتحدث عكس ذلك، إلا أن أبرز هذه الوقائع هو ما علمته قاسيون من مصادر رفيعة المستوى مطلعة على واقع حال وزارة الصناعة.

يورد المصدر مثالين عن أزمة وزارة الصناعة يتعلقان بعصب الإنتاج الصناعي، الأول: هو مشكلة تأمين المواد الأولية لجزء من معامل القطاع الصناعي. ويعطي المسؤول نموذجاً عليها ماحصل لمعامل السكر، حيث لم تنفذ وزارة الزراعة الخطة المطلوبة منها في الشوندر السكري ما انعكس ذلك على وزارة الصناعة بعدم قدرتها على تشغيل معمل سلحب، وبالتالي يحمل المسؤول تراجع الإنتاج في مثل هذه المعامل إلى غياب المواد الأولية، والتي تُسأل عنها في هذه الحالة وزراة الزراعة.


ثمن كبل كهربا يوقف معمل!

أما المشكلة الثانية والتي يشتكي المسؤول منه هو عدم تجاوب وزارة الكهرباء مع وزارة الصناعة بتأمين الطاقة الكهربائية للإنتاج في القطاع العام. حيث يوضح المصدر المطلع لقاسيون أن العديد من الحالات تثبت تقصير وزارة الكهرباء ولأسباب غير موضوعية. ففي حالة معمل (اسمنت عدرا) الذي انقطعت عنه الكهرباء لعدة أشهر طلبت وزارة الصناعة من وزارة الكهرباء توصليه بالكهرباء، وهو ما جوبه برفض من وزارة الكهرباء بحجة عدم قدرة المعمل على دفع ثمن كبل التوصيل، والذي يكلف ملايين الليرات، إلا أن وزارة الصناعة احتجت بالقول أن ديونها على وزارة الكهرباء تبلغ عشرات الملايين، ولا يحق لهم تأخير إيصال الكهرباء عن المعمل بهذه الذريعة. في النهاية تم توصيل الكهرباء، ولكن بعد 6 أشهر، علماً أن إنقطاع الكهرباء عن معمل كمعمل الاسمنت يؤدي إلى تلفٍ كبيرٍ في الأفران الخاصة بإنتاج هذه المادة.


معمل يفيض بالإنتاج.. لكنه غير مجدي!

يورد المصدر أيضاً تفاصيل أخرى عن معاناة «الصناعة» مع «الكهرباء»، حيث طالبت وزارة الكهرباء بإغلاق معمل السماد التابع لـ«الصناعة» في حمص، وذلك بحجة توفير الغاز والفيول لإنتاج الكهرباء بدل تشغيل معمل لا جدوى اقتصادية له وفق حجة «الكهرباء». بينما ردت «الصناعة» بأن معمل السماد هو ذو جدوى اقتصادية وفيه فوائض إنتاجية تقدر بـ 70 ألف طن، وإن مشكلة المعمل الحالية هي عدم قيام وزراة الزراعة باستجرار هذه الكميات لأسباب مبهمة، أو غير موضوعية بالحد الأدنى، وفقاً لما باح المصدر به! طبعاً من الجدير ذكره أن معمل الأسمدة عاد مؤخراً للتشغيل بعد إعطائه كميات الوقود اللازمة.
لا طاقة، لا مواد أولية، ولا تصريف إنتاج، غيض من فيض يبوح به المُطلعون عن هموم وزارتهم، لكن ذلك يعني أن العناصر الأساسية للإنتاج الوطني في خطر كبير، والطامة الكبرى أن المسؤولين عن هذا الواقع يرجعونه إلى عدم التنسيق بين الوزارات، أو سوء تنفيذ الخطة!  وبغض النظر عن تحليل الأسباب إلا أن ذلك يفضي إلى تساؤلين كبيرين الأول: هو كيف سينعكس ذلك على الخطط المالية لهذه الوزارات، التي وضعت موزانات استثمارية تشدّقت الحكومة كثيراً بجديتها. والثاني: هو عن ماهية العبث بالقطاع العام، الذي سيغدو في نهاية السنة مجرداً من مقومات النهوض، في وقت يتم تصديع رؤوسنا بمقولات الصمود الحكومية!