بحر الصين الجنوبي: نقطة توتر جديد؟
فؤاد هنداوي فؤاد هنداوي

بحر الصين الجنوبي: نقطة توتر جديد؟

شيئاً فشيئاً، تتحول الجزر الاصطناعية السبع التي تنشئها الصين في بحرها الجنوبي، إلى ساحة توتر جديدة. تصعيد وصل إلى حدود تحليق الطائرات الأمريكية فوق هذه الجزر، وما قابل ذلك من ردٍ صيني تصعيدي.

 

حذَّرت وزارة الخارجية الصينية، في بيان لها صدر خلال الأسبوع الماضي، من أن «المراقبة الأمريكية للجزر الصينية يشكل تهديداً شديداً للسلام العالمي»، وشجب البيان «تحليق طائرات التجسس الأمريكية فوق هذه الجزر»، بعدما كانت الولايات المتحدة تجهد لمنع الصين من إنشائها، نظراً لما يمكن أن تقدمه لها من ميزات استراتيجية مضافة.


سمك وطاقة وبترول..!

تصريحات المسؤولين الصينيين، فضلاً عما تنشره وسائل الإعلام، تؤكد «ضرورة الاستعداد لمواجهة الولايات المتحدة التي يمكنها أن تدخل إلى منطقة 12 ميل حول جزر نانشا الصينية». وذهبت صحيفة «غلوبال تايمز»، الصينية الرسمية الناطقة بالإنكليزية، أبعد من ذلك مؤكدة أنه «إذا كانت الولايات المتحدة تصر على وقف الصين لنشاطها، فإن الحرب بينهما في بحر الصين الجنوبي أمر لا مفر منه، وسوف تفوق في شدتها ما يسميه الناس بالتوتر».
تتميز هذه الجزر بميزات اقتصادية وسياسية واستراتيجية هامة، أبرزها ثلاث، أولاً: تسمح الجزر بالسيطرة على واحد من أهم ممرات الملاحة البحرية العالمية، حيث يمر «طريق الحرير البحري» فيها، وتعبر منها ثلث البضائع المنقولة بحراً عالمياً، بقيمةٍ تضاهي خمسة ترليون دولار. ثانياً: تبلغ عائدرية الصيد البحري في هذه المنطقة ما يعادل ثلث ما تجمعه السفن في عموم بحار الشرق الأقصى. ثالثاً، والأهم: تختزن هذه الجزر كميات ضخمة جداً من النفط والغاز، تقول أكاديمية العلوم الصينية بأنها تقارب 220 مليار برميل من النفط الخام، وما يزيد عن 16 ترليون متر مكعب من الغاز، أي أن هذه المساحة من البحر تقع في المرتبة الرابعة عالمياً بين المكامن النفطية البحرية.


مآلات التصعيد وصمت الحلفاء

إن التصعيد الدبلوماسي والحديث عن احتمالات توتر عسكري جديد، لا يعني الجزم بأنه سيحدث، إذ كان قد سبق ذلك نزاعٌ قبل عامٍ من الآن بين الصين والولايات المتحدة حول جزيرة «سينكاكو» التي تسيطر عليها اليابان، وانتهى في حينه بحلٍ سياسي قضى بتراجع الطائرات الأمريكية عن التحليق فوق الجزيرة. بمعنى آخر، إن قرار التوتر من عدمه لن يتخذ إلا بناءً لمقتضيات الصراع الجاري بين القوى على الصعيد الدولي. 
وما كان لافتاً هذه المرة، هو الصمت المطبق لحلفاء واشنطن التقليديين إزاء التوتر الجديد، حيث لم تصرح أي من الدول الغربية، الأوروبية على وجه الخصوص، حول هذا الموضوع، خلافاً للمرات السابقة، وهو ما يشير، من جهة، إلى أنه لا طاقة لها على تحمل تبعات ذلك فيما لو سارت الأمور نحو تصعيد أكبر، ومن جهة أخرى إلى الوزن الصيني المرتفع الذي لا يريد الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة أن يدفعوا ثمن قطع العلاقات معه.

 
آخر تعديل على الأحد, 31 أيار 2015 13:20