الصناعات الهندسية إنتاج قابل للتطور فأين الاستثمار الحكومي

الصناعات الهندسية إنتاج قابل للتطور فأين الاستثمار الحكومي

أصدرت المؤسسة العامة للصناعات الهندسية تقريريها، حول تتبع تنفيذ الإنتاج للربع الأول لعام 2015 مقارنة بنفس الفترة خلال عامي 2013 و2014. وشمل التقرير أوضاع الإنتاج الفعلي والمخطط والمنفذ وحجم المبيعات الفعلية والمخططة لـ10 شركات وهي (حديد حماه- النصر للالكترونيات- الأخشاب- البطاريات- بردى- الإنشاءات- التحويلية-الكبريت- كابلات دمشق- كابلات حلب).

خاص قاسيون


من الممكن تقسيم هذه الشركات إلى قسمين، الأول هو الشركات المتوقفة عملياً عن الإنتاج، حيث أظهر التقرير أن إنتاجها صفر (0)! وكذلك أيضاً مبيعاتها، وهي كل من (حديد حماه- الأخشاب- البطاريات- بردى- الكبريت- كابلات حلب) وهي المتوقفة لأسباب مختلفة، والثاني هو الشركات التي لا تزال تعمل بنسب مختلفة والتي سنعالج تطوراتها آنفاً.


الالكتروينات تترنح.. الإنشاءات تتقدم

وسنبين بالجدول التالي تطورات الإنتاج الفعلي للمعامل المستمرة بالإنتاج خلال السنوات السابقة، وذلك حسب قيمة إنتاج الربع الأولمن كل عام بآلاف الليرات السورية:
 
وفقاً للجدول رقم (١) فإن معمل النصر للالكتروينات حقق زيادة في قيمة إنتاجه بنسبة 107% عن الربع الأول في عام 2014، ولكنه انخفض عن مستويات إنتاج عام 2013 بمعدل 33% تقريباً، ومن الملاحظ هنا أن إنتاج هذا المعمل في عام 2013 يعد استثناءً عن باقي منشآت قطاع الصناعات الهندسية، كونه لم ينحدر إلى مستويات دنيا كما هو حال باقي الشركات في عام 2013.
يضاف إلى ذلك أنه لا يمكن تفسير هذه الزيادة بأنها حالة تعافي فعلية كون الأرقام المرصودة هي عبار عن أسعار لكميات معينة، تتغير أسعارها وفقاً لقيمة الليرة التي لم تستقر خلال السنوات الأربع الماضية فهي آخذة بالإنخفاض، ما يعني أن الحكم الحقيقي على قيمة الزيادة المحققة عن العام الفائت غير ممكن، لا بل من الممكن القول أن كم الزيادة عن العام الفائت قد يعود في جزء منه إلى تغيرات قيمة الليرة لا في زيادة الإنتاج، وهذه ثغرة جدية يعاني منها التقرير على طول الخط.
لقد بلغت الزيادات المتحققة في (الإنشاءات) معدلات مقبولة طالما أنها مستمرة ومتواصلة في الارتفاع، وخاصة أنها كانت معدومة في عام 2013، حيث إن نسبة الزيادات الكبيرة جداً في الربع الأول من هذ العام عن عام 2014 تشير بشكل حاسم إلى حجم الطاقة الكبيرة المعطلة في هذا القطاع والذي سيشهد طلباً متزايداً في مرحلة إعادة الإعمار.
أما عن الصناعات التحويلية فقد شهدت نمواً طفيفاً بلغ نسبة 7% فقط عن عام 2014، وتضاعف أكثر من 7 مرات عن عام 2013، ما يدل على أن نسب عام 2013 عانت من تراجع هائل في الإنتاج، وما يضع تساؤلاً جدياً حول ضرورة رفع معدلات النمو في هذا القطاع، فالنمو بين العام الفائت والحالي أقل من المطلوب بكل تأكيد خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار تغيرات أسعار الصرف بين العامين.
ربما تكون أبرز المعطيات هي تلك المتعلقة بمعمل كابلات دمشق، فقد انخفضت قيم الإنتاج  بنسبة 6% عن العام الفائت، ورغم أن الأرقام المحققة لعام 2015 تزيد بنسبة 97% عن عام 2013، ولكن ذلك لا يعتبر مؤشراً جدياً على التحسن، فكل المعطيات تشير إلى أن اعتبار عام 2013 أساس قياس تطور الإنتاج هو أمر خاطئ، طالما أن الطاقات الإنتاجية في ذلك العام شهدت أسوأ حالاتها ناهيك عن تغيرات فروق الأسعار في كل تلك الفترات.


نسب تنفيذ واعدة فمالعمل؟!

ولرصد أكثر دقة لحال إنتاج المؤسسة لهذا العام أي عام 2015 سنستعرض أرقام الإنتاج الفعلي والمخطط لهذا العام وفق الجدول التالي الذي يشمل قيم الإنتاج لا كمياته:

وفقاً للجدول رقم (٢) يبتين أن نسبة التنفيذ الفعلي لم تزد في معمل النصر عن 4%، وهي نسبة قليلة جداً، وإذا كاملنا هذه النسبة مع ما توصلنا إليه حول هذا المعمل من تراجعه عن مستويات إنتاج عام 2013، فسنجد أن وضع المعمل متراجع.
وبخصوص معمل الصناعات التحويلية فقد كانت نسبة التنفيذ 60%، وقد تكون هذ النسبة مقبولة إلى حد ما. أما في معمل الإنشاءات فقد بلغت النسبة 273% ما يشير إلى أن وضع المعمل آخذ بالتقدم بشكل واضح.
إن نسبة التنفيذ في معمل كابلات دمشق تبلغ 138% وهي نسبة هامة جداً، ورغم إنخفاض إنتاج هذا العام عما سبقه إلا أن ذلك قابل للتجاوز طالما أن القدرات التنفيذية للمعمل قابلة للزيادة بشكل كبير.

مبيعات هامة

يضاف إلى كل ذلك أن نسب تنفيذ المبيعات لهذه المعامل كانت جيدة بمعظمها باستثتاء معمل النصر الذي بلغت نسبة تنفيذ بمبيعاته 12% فقط، بينما بلغت 131% للإنشاءات، و73% للتحويلية، و126% لكابلات دمشق وهي كلها نسب مقبولة. ما يعني أن ضبط إيقاع الخطط الإنتاجية قادر على إعادة الشركات الهندسية إلى وضع مقبول.
لكن المشكلة الهامة في أوضاع تلك المعامل المتوقفة، فصحيح أن جزءاً من تلك المعامل توقفت عن الإنتاج بسبب الأوضاع الأمنية كالبطاريات وكابلات حلب، إلا أن حال معمل حديد حماه على سبيل المثال المتوقف بسبب نقص الاستثمار يحتم على القائمين على هذا القطاع إنعاشه بالاستثمار المباشر من أموال الخزينة العامة وإلا سنحرم من قدرات إنتاجية هامة.
فيما لو صحت البيانات الواردة في التقرير، فإننا سنتثبت أكثر من أن القطاع العام ورغم ظروف الأزمة هو قطاع اقتصادي هام وقادر على الإنتاج والتكيف مع الظروف الصعبة، بينما لا تزال الخطط الاستثمارية للحكومية أقل من مستوى الطموحات المبنية على قدرات هذا القطاع فهل من خطة استثمارية ضخمة تنعش هذه القطاعات؟!.