مرفأ طرطوس برسم التوضيح: تركيب روافع.. هدر بـ 80 أم 169 مليون ل.س؟!

مرفأ طرطوس برسم التوضيح: تركيب روافع.. هدر بـ 80 أم 169 مليون ل.س؟!

خلال عام واحد استطاعت (قاسيون) رصد وتوثيق مجموعة من الثغرات في مرفأ طرطوس، بمساعدة من العاملين الحريصين على المال العام هناك.. فمن وضع الآليات المتعب التي يدخل 40% منها للإصلاح، مقابل 60% في العمل دورياً، وكثرة عمليات الإصلاح الخارجي المكلفة مقابل وجود ورش للصيانة وخبرات داخل المرافئ ، إلى تعطيل أجزاء من مخابر المرفأ المجهزة بالكامل مقابل عشوائية في اختبار عينات البضائع التي تدخل البلاد، وصولاً لتخفيف الرسوم التي يتقاضاها المرفأ من المستوردين عن طريق السماح للتجار الموردين للسوق المحلية بإدخال بضاعتهم على أنها ترانزيت أي تزوير البيانات. 

عشتار محمود

تمثل هذه الملفات عينة فقط من آليات الهدر. ونقدم في هذا العدد آخر ما وردنا من الشركة العامة لمرفأ طرطوس، والتي تقدم معلومات تسمح بوضع تساؤلات حول احتمال هدر كبير في المال العام عن طريق التعاقد مع القطاع الخاص، وعروض الأسعار. وهي توضع برسم المسؤولين. 

التوجه غرباً.. مضار مستمرة!

تعاقدت وزارة النقل، ومديرية مرفأ طرطوس مع شركة يونانية (سي. روكس) وفق عقد رقم 19-2008. وتم بناء عليه تأمين أربع روافع رصيف كهربائية، الشركة اليونانية التزمت بالعقوبات وامتنعت عن التركيب، وبقيت جميع أجزاء الروافع متواجدة على أرض المرفأ منذ بداية عام 2011.

الروافع اليونانية ليست الأولى التي تعطلها العقوبات، بل سبقها روافع نمساوية (ليبهر)، من أهم الروافع في المرفأ، لم تستطع الشركة العامة للمرفأ الحصول على قطع جديدة لأي منها. ما أدى إلى تعطيل إحداها نهائياً وتشغيل الأخرى. وهذه نتيجة طبيعية لكون جميع عقود تأمين معدات المرافق العامة الهامة تمت مع شركات غربية، تحتكر قطعها وخبراتها، لتوضح الأزمة والعقوبات حجم الخطأ الكبير بحصر الارتباط الاقتصادي بالغرب.

عامان للعرض الأول..!

انتظرت الشركة العامة للمرفأ عامين، لتعلن بعدها في الشهر الأول من عام  2013، طلب عروض أسعار من القطاع الخاص (داخلي-خارجي)، أي لتعلن عن حاجتها لمتعهدين وورش من خارج المرفأ، عليهم أن يقدموا خبراتهم الفنية والتكاليف المطلوبة لتركيب الروافع الأربع. وأعادت الطلب في الشهر الرابع من عام 2013. فكان المتقدمون إلى العروض بحسب معلومات وصلت (لقاسيون) ثلاثة عروض، أحدها محلي من فريق عمل سوري، والآخر شركة أردنية. كان لها (الحظ) بثقة إدارة المرفأ وتم توقيع العقد معها، وباشرت العمل الآن.

450 مهندساً.. وورش صيانة وعروض!

العرض المطلوب هو لتجميع وتركيب وبرمجة هذه الروافع، حيث بقيت الرافعات لمدة عامين في المرفأ دون أن تبحث إدارة المرفأ أي إمكانية للقيام بعملية التركيب داخل المرفأ! وفي مرفأ طرطوس تجربة سابقة مشابهة، حيث تجاهلت إدارة المرفأ إمكانية إصلاح روافع (الليبهر) من قبل ورش المرفأ، واعتمدت على ورشة خارجية بكلف إصلاح كبيرة، وقامت الورشة بالعمل ذاته لتصلح رافعة من أخرى، وتبقى الثانية معطلة!. أي أن تجاهل إمكانيات الإصلاح والتركيب لدى العاملين في المرفأ هو ظاهرة متكررة، لأن عمليات التعاقد تتطلب إنفاق مبالغ بملايين الليرات السورية، هي (باب رزق) للمستفيدين! 

(رسوب) العرض المحلي الأرخص!

لم تبحث إدارة المرفأ تركيب الروافع في المرفأ، بل أعلنت شركة مرفأ طرطوس بإعلان رقم 5351/ص.م عن عرض فني وعروض أسعار، وتقدمت لها مجموعة محلية، مكونة من خبراء فنيين، وعرضت أن تنجز العمل بمبلغ 88 مليون ليرة سورية، وأن تنجز العمل وتحدد مدة تجريب وتشغيل، قبل صرف أي مبالغ مالية لقاء الأعمال المنجزة، حيث أن المبالغ والأجور المستحقة لن تصرف إلا بعد تسليم الروافع جاهزة للخدمة. وكل ذلك وفق كتاب رقم 7273 بتاريخ 5-10-2013، الذي قدمته المجموعة العارضة للمدير العام للشركة العامة لمرفأ طرطوس، بعد (ترسيبهم) من قبل اللجنة الفنية التي تضع علامات الجودة على العروض!. حيث طالب كتاب العارضين السوريين، الإدارة العامة للمرفأ بإعادة النظر بالتقييم الفني وإعطاء العرض المقدم من قبلهم حقه في العلامة الفنية المناسبة. رفض المدير العام قبوله، وبعد التأكيد تم تسجيل الكتاب بتاريخ 5-10-2013، ولم تقم الإدارة بالرد أو التنويه.

العرض المقبول: خارجي-  80 مليون إضافية!

أشارت معلومات وصلت إلى (قاسيون) بأن العرض المقبول، لتجميع وتركيب وبرمجة الروافع الأربع، كان من (نصيب) شركة أردنية، ستدفع لها إدارة المرفأ بالقطع الاجنبي مبلغ ما بين 830-840 ألف يورو، لتقوم بعمليات التركيب! وهو ما يعادل وفق سعر اليورو الرسمي اليوم حوالي: 167- 169 مليون ل.س.

أي أن العرض المقبول للقيام بعملية تركيب روافع متروكة لمدة عامين، يزيد تكلفة عن العرض المحلي بمقدار 80 مليون ل.س وسطياً!

تساؤلات برسم المسؤولين

التالي من التساؤلات المبنية على المعلومات والوثائق، هو برسم المسؤولين عن المال العام في مجلس الوزراء ووزارة النقل والشركة العامة لمرفأ طرطوس، الذين تجاهلوا تساؤلات ووثائق حول هدر المال العام في ملفات سابقة.

• لماذا تركت الروافع لمدة عامين دون محاولة تركيبها، وهل تأكدت إدارة المرفأ بأن خبرات المرفأ وورشه غير قادرة على القيام بعملية تركيب وبرمجة روافع صغيرة؟! إن إمكانية تركيبها من قبل مهندسي المرفأ وورشه تعني أن هدراً بمقدار 169 مليون ل.س قد تم في هذا العقد!

• لماذا تم رفض العرض المحلي، وإعطاؤه درجة فنية منخفضة؟ ولماذا لم يتم الرد على كتاب الاعتراض المقدم من قبله؟! مع العلم أن فريق العمل السوري المتقدم للعرض، قدم خبراته في أكثر من 16 مشروعاً محلياً مرتبطاً بعمليات التركيب والتجميع والبرمجة، بل تصميم وتنفيذ برامج تحكم في العديد من المواقع السورية.

• لماذا تم اختيار عارض أجنبي وليس محلياً، سيدفع له بالقطع الأجنبي، وبتكلفة أعلى بمقدار 80 مليون ل.س من تكلفة العرض المحلي الذي يؤجل مستحقاته لإتمام عملية التركيب والتشغيل والتجريب، وتكاليفه يطلبها بالليرة السورية وليس بالقطع الأجنبي؟! مع العلم أن تفضيل العارض الأجنبي على العارض السوري يكلف 80 مليون ل.س إضافية!.