قطاع الدواجن.. الخسارة تتراوح بين المستهلك والمربي!

قطاع الدواجن.. الخسارة تتراوح بين المستهلك والمربي!

يشغل قطاع الدواجن في سورية قبل الأزمة نسبة 5% من السوريين، بين العاملين في المداجن التي قدر عددها بحوالي (10250) مدجنة مرخصة وغير مرخصة، بالإضافة إلى مداجن البياض (بيض المائدة) والمقدرة بحوالي (1500)، مع العاملين في القطاعات المرتبطة بها (أعلاف-مسالخ- تسويق المنتج النهائي من الفروج والبيض).

الأرقام الكبيرة للقوى العاملة في قطاع الدواجن، ولحجم منشآته تعكس المشاركة الهامة سابقاً للقطاع الذي يصنف سورية الرابعة عربياً من حيث حجم إنتاج بيض المائدة والفروج قبل الأزمة، فالمنتج الزراعي الذي ساهم بتغطية الحاجة المحلية سابقاً، وحقق فائضاً تصديرياً مهماً من بيض المائدة، تراجع مع الأزمة السورية بشكل كبير.

يعود التراجع بالدرجة الأولى إلى الظروف الأمنية في بعض المناطق، وخروج 75% من المداجن عن العمل، التي يوجد معظمها في المناطق الساخنة، مع صعوبة نقل مستلزمات الإنتاج إليها، إضافة إلى عدم تمويل التجار وأصحاب المكاتب الخاصة للمربين وخاصة المداجن الصغيرة مع ارتفاع المخاطر وازدياد احتمالات خسائرهم مع التغيرات الكبيرة في السوق المتأثرة بالاستيراد وسعر الصرف لحد بعيد، والتي يؤثر فيها كظاهرة جديدة المنتجات المهربة التي تدخل السوق السورية حديثاً، والتي ظهرت في مراحل سابقة بشكل واضح في المناطق الشمالية وفي أسواق المنطقة الوسطى، وعادت لتتوسع وتظهر في أسواق دمشق.

إن لم يكن المستهلك فالمربي!

يعود انخفاض أسعار الفروج خلال المرحلة السابقة إلى عدة عوامل، في مقدمتها أثر استقرار أسعار الصرف خلال فترة طويلة على سعر 150 ل.س/$ على مستوردات الأعلاف والأدوية، بالإضافة إلى تأمين الدولة لمقنن علفي للمربين المرخصين، أي تخفيف أعباء التكلفة جزئياً. إلا أن هامش ربح المربين يبقى في حدود 10% من التكلفة وهو متحرك وغير مضمون، أما خسارتهم فهي مضمونة في حال طرأ أي تغير لا يتعلق بالتكلفة على السوق.
حيث باع المربون لتجار الجملة في المرحلة السابقة بأقل من أسعار الكلفة، أو على حدودها نتيجة وجود فائض في السوق يعود إلى حالات التهريب التي تعتبر معطى جديداً في السوق السورية يدفع ثمن تأثيراتها على السعر المربون فقط.

المستهلكون والمربون أحدهما الخاسر

إن اتساع هذا القطاع الإنتاجي، سمح له بالاستمرار على الرغم من ظروف الأزمة، وسمح له بتكيف سريع مع متغيراتها الكبيرة إلى أن عادت السوق إلى التذبذب بين الفائض وبين تحقيق شيء من الاكتفاء، مع أخذ العلم بتراجع كبير في الاستهلاك والسوق، إلا أنه لم يسلم من فوضى الأزمة لتصبح سوق التهريب أحد المتغيرات الهامة فيه. زادت ظروف الفوضى الحالية من الحالة العامة في قطاع الزراعة في سورية حيث تربح حلقة تسويق وتوزيع المنتج من خسارة أحد الطرفين، أغلبية المستهلكين أو المربين. فربح أحد الطرفين هو خسارة الآخر، بينما تبقى أرباح الحلقات الوسيطة أكثر ضماناً في كلا الحالتين. فزيادة الطلب مقابل تراجع إنتاج المادة يؤمن للمزارعين المربين هامش ربحهم بنسبة 10% بينما يسمح برفع كبير لأسعار المستهلك وصلت في مراحل سابقة إلى فروقات أكثر من ضعف سعر مبيع الجملة أي ربح 100% للتجار.
أما زيادة الإنتاج في مرحلة ما، نتيجة إدخال منتجات عبر التهريب أو فائض في الإنتاج المحلي، فيحقق انخفاض في أسعار المستهلكين بينما يدفع ثمنه المربين بالبيع بخسارة أو دون أي ربح كما في المرحلة الحالية. لتبقى أرباح التجار مضمونة في كل مراحلها من تجار مستلزمات الإنتاج المستوردة، إلى تجار الجملة والمفرق.

نقاط تفيد من يبحث عن حل!

تستطيع جملة إجراءات حكومية كسر قاعدة الربح الثابت للحلقات الوسيطة، وخسارة المستهلكين أو المنتجين. أو تخفيفها، ومنها:
• دعم قطاع الدواجن لتشجيع المربين على التربية من خلال تقديم القروض والاستمرار بتقديم مقنن علفي لقطاع الدواجن وتوسيعه وهي خطوة هامة في الاتجاه الصحيح.
• تحقيق استقرار سعر الصرف باتجاه الانخفاض نظراً لتأثيره الكبير على القطاع المحلي.
• عزل تأثير سعر الصرف بتخفيض تكلفة مستلزمات الإنتاج المستوردة، بالدعم الجزئي حالياً عن طريق استيرادها المستلزمات وبيعها بالسوق وليس عن طريق تمويل المستوردين، أو بالعمل على تأمين البدائل المحلية.
• الدخول على عملية عرض المادة وتأمين بديل عن سعر السوق بسعر قريب للتكلفة وبكميات كافية، لتخفيف "عائدية" تجار الجملة والمفرق، عن طريق الشراء المباشر من المنتجين، أو عن طريق زيادة أماكن تحضير وتقطيع وتخزين لحوم الدواجن مما يساهم في امتصاص فائض الإنتاج في الأزمات وطرحها في الأسواق في الأوقات المناسبة وبأسعار مناسبة.

الكلفة أكثر من 410 ل.س/للكغ..
 انحصر الإنتاج خلال الأزمة في عدة مدن فقط، إلا أن المداجن التي تفادت الظروف الأمنية لم تستطع تفادي تأثيرات ارتفاع سعر الصرف، وتحديداً إذا ما علمنا أن هذا القطاع الغذائي الحيوي يعتمد بشكل كبير على مستلزمات إنتاج مستوردة بنسب تفوق 60%، حول تفاصيل كلف إنتاج الفروج وفق آخر أرقام الشهر الحالي، والتي تؤثر على أسعار البيع بعد أكثر من 40 يوم من الآن (حتى اكتمال دورة التربية) نقدم التالي من معلومات عن آخر كلف الإنتاج في شهر آيار عام 2014.
الكلفة في شهر آيار-2014
بالانطلاق من شهر آيار الحالي بسعر صرف: 170 ل.س/$، فإن كلفة إنتاج 1 كغ فروج حي بأرض المزرعة على الشكل التالي:
• متوسط 1 كغ علف : 80 ل.س حيث يستهلك الطير حوالي 4 كغ علف.
• سعر الصوص: 150 ل.س (محلي)
• كلف أدوية: 35 ل.س للطير الواحد. (مستورد)
• كلف العمالة+ نشارة (تفرش بها الأرض وتتجدد مع كل فوج جديد)+كهرباء وماء:
• ل.س للطير الواحد. (محلي).
530 تكلفة تربية الطير الواحد.
• تكلفة نفوق وإصابات 6% من الكلفة: 30 ل.س تقريباً
مجموع التكلفة: 560 ل.س
وزن الطير التقريبي: 1,8 كغ
تكلفة الكغ الحي: 311 ل.س/كغ.
هامش ربح المربي 10% من التكلفة: 30 ل.س تقريباً (متغير وغير مضمون)
سعر شراء تاجر الجملة من المدجنة للكغ من الفروج الحي: 340 ل.س تقريباً.
• تكلفة أجور نقل وتنظيف نسبة 20% من الكلفة الإجمالية: 70 ل.س تقريباً.
تكلفة كغ فروج منظف: 410 ل.س/كغ تقريباً.
• تشكل تكلفة المستلزمات المستوردة من كلفة الكغ على المزارع المربي نسبة 63% من التكاليف، بالتالي فإن استقرار سعر الصرف باتجاه الانخفاض عامل أساسي في تراجع أسعار الفروج.
تؤثر هذه البيانات الحالية على أسعار الفروج بعد حوالي 40 يوم من الآن، ما ينبئ بعودة الأسعار إلى الارتفاع وفق بيانات التكلفة، وينبغي الإشارة إلى أن الانخفاضات السابقة في أسعار المستهلك، تعود إلى ما قبل ارتفاع سعر الصرف إلى 170 ل.س/$، وإلى وجود فائض أثر فيه لحد هام المنتجات الداخلة إلى السوق السورية عن طريق التهريب، وقد كانت بنتيجتها أن باع المربين لتجار الجملة بسعر قريب أو أقل من سعر الكلفة.