ارتدادات الأزمة.. تصل المصارف

ارتدادات الأزمة.. تصل المصارف

تستمر الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد السوري منذ بدء الأزمة الراهنة، وانعكاساتها السلبية على أداء المصارف العاملة في سورية، حيث بدأت تظهر على السطح العديد من العقبات التي تواجه المصارف السورية

ولعل أهم هذه العقبات لموضوعنا في هذا الأسبوع، هو التعثرات الكبيرة وعدم القدرة على سداد القروض من معظم الشركات، مما يرتب على البنوك ترتيب بيتها الداخلي بالشكل الصحيح تجنباً لأي أزمات متعلقة بالسيولة والربحية، وقدرة هذه البنوك على الاستمرار،حيث يظهر جلياً ارتفاع نسب المخصصات المقتطعة من البنوك لمواجهة تعثرات القروض، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال ارتفاع نسبة الديون غير العاملة إلى إجمالي المحفظة الائتمانية (وهي إجمالي محفظة القروض الممنوحة من البنك)، حيث يمكن الانطلاق من العديد من الأسباب التي أدت إلى تفاقم هذا الموضوع، ولعل أهم هذه الأسباب» يمكن إدراجها في عناوين ثلاثة..

تسهيلات ائتمانية!

وجود حجم كبير من العملاء لدى المصارف تم منحهم تسهيلات مصرفية بأرقام كبيرة دون وجود أي ضمانات حقيقية، حيث تم الاعتماد على السمعه التجارية للشركة أو الشركاء، وذلك خلال الفترة التي سبقت الأزمة، وتعثر معظم هؤلاء العملاءفي ظل الأزمة الراهنة،وذلك إما للتوقف عن النشاط أو نقل النشاط إلى دول أخرى، والبعض حمل هذه المبالغ وأدار ظهره هرباً بأموال البنك، والبعض القليل من يلتزم بالسداد بصعوبة، ونذكر على سبيل المثال من بيانات «البنك العربي سورية» المنشورة في موقع سوق دمشق للأوراق حيث تظهر البيانات المالية النهائية بتاريخ 31/12/2011  بلغ صافي مجموع التسهيلات الائتمانية المباشرة ما قيمته تقريباً 22 مليار ليرة سورية تقريباً، وبلغت قيمة مؤونة تدني التسهيلات الائتمانية ما قيمته تقريباً 743مليون ل.س مقابل 84 مليون  ل.س للعام 2011،  فيما تشير البيانات المالية للعام 2012 بتاريخ 30/9 إلى تراجع قيمة التسهيلات الائتمانيةعن عام 2011، مقابل زيادة حجم مؤونة تدني التسهيلات، حيث بلغت قيمة صافي التسهيلات الائتمانية المباشرة ما قيمته تقريباً 17 مليار ليرة سورية، فيما بلغت قيمة مؤونة تدني التسهيلات الائتمانية ما قيمته تقريباً 1,6مليار ل.س.

ضعف السداد والإدارة

تعرض المشاريع الصغيرة والمتوسطة لخسائر كبيرة جعلها عاجزة عن السداد (إغلاق المعامل، تدمير المنشأت، هروب بعض رؤوس الأموال ...) وبالتالي التوقف عن السداد. بالإضافة إلى عدم قيام بعض البنوك باتخاذ الاجراءات الائتمانية اللازمة من حيث إدارة المخاطر الائتمانية ومخاطر السيولة، حيث يظهر العديد من الثغرات في التعاطي مع هذا النوع من المخاطر

«المركزي» لا يتعاون

عدم تلبية القوانين الصادرة من مصرف سورية المركزي لمتطلبات الظروف الراهنة، على سبيل المثال: يفرض مصرف سورية المركزي إجراء الجدولة للديون غير العاملة (ويدخل ضمن تعريف الديون غير المنتجة عدة مفاهيم أهمها الديون التي مضى على استحقاق دينها لمدة 90 يوماً وأكثر وذلك وفقاً للقرار رقم 597 للعام 2009 الصادر عن مجلس النقد والتسليف) بضرورة أن تكون فترة السماح ستة شهور، دون أن يعطي مصرف سورية المركزي أي مرونة بالنسبة للشركات التي تعرضت لها المنشآت للدمار أو الافلاس نتيجة الظروف الحالية، أو دون أن يعطي أي حلول لمثل هذه المشاريع، حيث فترة سماح 6 شهور لن تفي بالغرض، خصوصاً في ظل استمرار الأزمة، مما يفرض على البنوك الملاحقة القانونية لعملاء كثر، وتكوين المخصصات ونشوء تعقيدات كثيرة من حيث عدم القدرة على التنفيذ على الضمانات أو غياب الضمانات وبالتالي ضياع حقوق كبيرة للمودعين بتحصيل أحجمام كبيرة من الديون.

تحديات وخسائر متوقعة

بناءً على المعطيات أعلاه، تواجه البنوك تحديات خطيرة، حيث استمرار الأزمة الراهنة سينعكس سلباً بشكل كبيرعلى أدائها، حيث العديد من البنوك تقوم بإغلاق بعض الفروع ، إضافة إلى تخفيض عدد الموظفين، وتكوين مخصصات مرتفعة تزداد باستمرار الأزمة، تنعكس على مؤشرات الربحية، حيث يتوقع أن تظهر خسائر لبعض البنوك عن الربع الأول من العام 2013، مما يرتب على البنك المركزي السوري ضرورة اتخاذ الاجراءات وعقد الجلسات التشاورية مع البنوك بالسرعة القصوى، لإصدار التشريعات الملائمة لهذه المرحلة.