تجارة بالأرقام الاقتصادية.. وأكثر من 50% من فاتورة الدعم افتراضية

تجارة بالأرقام الاقتصادية.. وأكثر من 50% من فاتورة الدعم افتراضية

لا تجيد الجهات الرسمية -على المستويين الحكومي أو الإعلامي- سوى التجارة بأرقام الدعم الخلبية، لتبرر عبرها كل ما يتخذ من قرارات جائرة بحق الشعب السوري

فالدعم الحكومي على المازوت والبنزين والدقيق، بحسب التقرير والمعلومات الصادرة عن وزارة النفط والثروة المعدنية، يبلغ نحو 1600 مليار ليرة سنوياً، بينما وصلت قيم دعم القطاع الكهربائي، بحسب الوزير المختص، إلى 850 مليار ليرة سنويا، أي أن قيم الدعم الحالية تعادل حجم الناتج المحلي الإجمالي لسورية في عام 2010 تقريباُ (2700 مليار ل.س)، وهي تتجاوز حجم الموازنة العامة للدولة في عام 2014، وفي هذا تلفيق من العيار الثقيل، وتجارة مفضوحة بالأرقام الاقتصادية لمصلحة السياسات الاقتصادية المرتبكة!..

الفاتورة النفطية.. والدولار

في مطلع شهر حزيران من عام 2013، أكد وزير النفط والثروة المعدنية سليمان العباس أن الحكومة قدمت 112 مليارا و131 مليون ليرة سورية دعما للمشتقات النفطية خلال النصف الأول من العام الجاري تلبية لاحتياجات السوق المحلية من هذه المشتقات، أي أن إجمالي الدعم المفترض على المشتقات النفطية -عن العام بأكمله- لن يتجاوز الـ 250 مليار ل.س، هذا إذا ما قلنا إن أرقام دعم المشتقات النفطية يجب أن تكون في انخفاض مستمر، وذلك لارتباطها بالدولار الآخذ بالتراجع منذ قرابة ثلاثة أشهر، والذي تراجع سعره في السوق السوداء إلى 50% تقريباً الآن، لأن سورية تستورد ما يزيد عن 60% من النفط والمشتقات النفطية حالياَ لتلبية حاجة السوق الداخلية، فكيف وصل الدعم إلى أربعة أو خمسة أضعاف الرقم المفترض؟! وهل من فورة في استهلاك المشتقات النفطية تتوقعها وزارة النفط قريباً؟!

حسابات رسمية جداً

في التفاصيل، أكدت المعلومات الصادرة عن وزارة النفط والثروة المعدنية أن «ليتر البنزين يكلف الدولة 150 ليرة، بينما تبيعه الآن بـ 100 ليرة، وتكلفة ليتر المازوت تصل إلى 180 ليرة، وتبيعه بسعر 60 ليرة للمواطن»..
وعلى هذا الأساس، وانطلاقاً من متوسط استهلاك البلاد من المشتقات النفطية في عام 2012، والذي تراجع بنسبة 29.75% عن العام الذي سبقه بسبب زيادة أسعاره رسمياً، وفي السوق السوداء أيضاً، والذي ينطبق في الجوهر على العام الحالي، فالتراجع في الاستهلاك سيد الموقف حتى وإن كان بنسبة أقل، وبهذا نجد أن حسابات الجهات الرسمية والحكومية تتناقض إذا ما جرى قياساً استناداً إلى أرقام الاستهلاك خلال العام الماضي، هذا إذا ما سلمنا سلفاً بالتكلفة المعلنة للتير الواحد من المازوت والبنزين على الدولة..

700 مليار ذروة الدعم نظرياً

في عام 2012 تم استهلاك 4.7 مليارات ليتر من المازوت، وهذا يعني أن إجمالي تكلفة كميات المازوت المستهلكة على الدولة، وفق الأرقام الرسمية، يصل إلى 846 مليار ليرة سورية، أما بالنسبة للبنزين، فقد تم استهلاك 1.7 مليار ليتر في عام 2012، وبهذا يكون إجمالي تكلفة كميات البنزين المستهلكة على الدولة نحو 225 مليار ل.س، أي أن تكلفة اجمالي كميات البنزين والمازوت المستهلكة محلياً على الدولة في هذه الحالة بحدود 1101 مليار ل.س، وهذا لا يشكل أكثر من 70% من رقم الدعم حسب معلومات وزارة النفط..
أما إذا ما استثنينا من الأرقام السابقة حجم مبيعات المازوت والبنزين بالأسعار الرائجة حالياً، سنصل إلى أن الرقم الإجمالي لمبيعات المشتقات النفطية سيكون بحدود 452 مليار ليرة سورية، منها 282 مليار ليرة مبيعات المازوت (4.7 مليار ليتر) و 170 مليار ليرة مبيعات البنزين (1.7 مليار ليتر)، أي أن رقم الدعم على مادتي المازوت لن يتجاوز في هذه الحالة الـ 710 مليار ليرة، أي أن رقم الدعم الحالي لا يشكل أكثر من 44% من رقم الدعم الذي أفصحت عنه دراسة وزارة النفط والثروة المعدنية، هذا إذا ما سلمنا بفرضيتين مشكوك بدقتهما، الأولى ترتبط بتكلفة استيراد الليتر الواحد من المازوت والبنزين، والثانية ترتبط بحجم الاستهلاك المنخفض في عام 2013، والذي جرى قياسه على أساس الاستهلاك في عام 2012، والذي سيعني خلافاً بمئات المليارات..