عبد الرزاق دياب

عبد الرزاق دياب

email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الوظيفة..وأنشودة الإصلاح الإداري في التعيين والترفيع..والمعايير الخاطئة

بالرغم من ضيق الحال، وقلة راتب (أبو أحمد) الموظف في بلدية (قطنا) إلا أنه أصر على تعليم أبنائه، وفي كل جلساته يتحدث عن الوظيفة التي تستر صاحبها من الحاجة ومد اليد للآخرين، ولذلك كان يجتهد في تحويل أبنائه على -الأقل- إلى موظفين وإن اختلفت شهاداتهم، وحتى ابنه الطبيب طلب منه أن يتعين في مستوصف المدينة، ولديه القناعة في أن العيادة لا تكفي أجرتها الشهرية، ولا تعطي مردوداً مادياً جيداً، ولهذا يبقى راتب الحكومة على حد رأيه المبلغ الدائم المضمون.
ومع الغلاء وشكوى أغلب الموظفين من قلة أجورهم قياساً للحياة المعيشية الصعبة إلا أن صاحبنا ما زال يقول لأبناء الجيران الذين لم يتمكنوا من حجز كرسي وظيفة في الدولة: لقد خسرتم مستقبلكم... لكن الرجل يبقى من شريحة قليلة ما تزال مؤمنة بهذا النمط من التفكير، وجل موظفي الدولة يشكون من ترهلها، وأنهم أصبحوا عالة على أبنائهم العاملين في القطاع الخاص.
الوظيفة حالة من التخطيط المؤسساتي الذي يشكو من التعثر، ولم تستطع الدولة حتى تاريخه أن تنقذ واقعاً هشاً تتخبط به  مؤسساتنا العامة.

مطبات مرة أخرى..التقاعد المبكر

كأنها اللعبة القديمة لصغار الحي، وإغواء المتعطشين للعب لا تنهيه كبسة جرس، أو قرع باب والهروب إلى خلف جدار أو شجرة أو صخرة، والأولاد دائماً يهرولون باتجاهات متعددة كي لا يمسكهم صاحب البيت الذي يتآمر مع شغبهم الطفولي.
الحكومة هكذا تسرب أخبارها السعيدة، ومن دون مقدمات تنهمر التسريبات عن مشاريع قادمة تلامس جوهر معاناة الناس، وفجأة بعد أن تأخذ الإشاعة (القرار) من وقتهم وسهراتهم وهواتفهم يصدم الجميع بخبر جديد..هكذا يستمر الأمل، وتستمر الحكومة في التعبير الوحيد عن وجودها بينهم.
جديد الحكومة تسريبات من مصادر مطلعة أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أعدت مشروع قانون خاص بالتقاعد المبكر يهدف إلى تقديم حلول لمشكلة البطالة، وإلى خفض عدد العاطلين من العمل، وتخفيف الضغط الاجتماعي عن شريحة الشباب.

من أكل قوانين الإدارة المحلية؟ العشوائيات في قانون جديد.. ومخالفات المرحلة الصعبة

يشير الرجل الأربعيني إلى فسحة خضراء كانت هنا..الأصابع الخمس المفروشة لا تغطي سوى مساحتها في الفراغ، ولكن الرجل يعيد الإشارة إلى مجموعة من البيوت المتهالكة التي تشبه حياً، ويقول كمن ينكأ ذاكرته بقسوة مشرط: هنا كنا نلعب في الربيع، وهنا كانت تغطي الأعشاب الأرض، ونعبث بدود الأرض، ولكنها كما ترى تحولت إلى صحراء من أسمنت.
تلك حكاية العشوائيات التي أكلت الأراضي الزراعية مقابل أموال في جيوب المرتشين، وبسبب عجز الحكومات والإدارات المتعاقبة عن إيقاف هذا السرطان، و عدم قدرتها على التشريع، وتقاعسها في تنفيذ القرارات التي اتخذت بعدما تفشى الوباء.

مطبات الكراسي المنْقِذَة

نقلت بعض المواقع الإعلامية أن رئيس الحكومة طالب القيادة السياسية بتغيير بعض الوزراء الذين لم يكونوا على المستوى المطلوب في الأداء، وهذا ما أدى إلى تفاقم مشاكل المواطنين خلال توليهم إدارة وزاراتهم، وأن التغيير المطلوب إحداثه يتعلق بحقائب اقتصادية وخدمية.
الحاجة إلى تغيير حكومي حسب البعض لا تفرضه الأوضاع الاقتصادية والمعاشية فقط، وإنما الضرورات الإصلاحية أيضا، وهذا ما يتطلب حكومة جديدة متنوعة، وقادرة على إحداث الفارق الموضوعي الذي سيراه المواطن في تبدل أحواله الاقتصادية والاجتماعية، وما سيأتي من قادمات يبشر بها تطور الأحداث في البلد.
نعم.. الوطن بحاجة إلى وزراء جدد بعدما أثبت القابعون على كراسي الوزارات فشلهم في إدارة الأزمة، و لم يستطيعوا تأدية الدور الذي كان منوطاً بهم، وتضاعفت هموم الناس، وبات واضحاً للعيان أن لا أفق أمام هذه الوزارات في تحقيق التوازن المطلوب في هذه المرحلة الصعبة التي تتطلب النظر بعناية لحاجات المواطن في ظل ضغط متعدد الجهات على رزقه، وفقدان لبعض أساسيات حياته، وانقطاع أمله ورجائه من حصول تغيير في مفردات يومه.

في تصحيح مسار الدعم المفقود بين عدالتين.. والمواطن الذي سيخسر رفاهيته

من قال إن الحكومة غير معنية بالمواطن، وأنه شغلها الشاغل، ووحده في قائمة أولوياتها، وإن كان بعض البسطاء وبسبب حالاته الصعبة ومن منظاره الضيق يرى أنها لا تهتم بوضعه، ولا تعير انتباهاً للغلاء الذي يحرقه، وظلم المحتكرين الذي يسحق عائلته، واستبداد التاجر بالسوق الذي يجعل منه جائعاً في بلده.
السائق والراكب، البائع والزبون، التاجر والمستهلك، المدافعون عن سياسة التقشف و ضحاياها.. كل هؤلاء مواطنون يرون أن الحكومة تأخرت في إنصاف واقعهم، وكل من منظاره يرى المسألة واجب على حكومة تدير الاقتصاد على الأقل، واسمها حكومة أزمة، واجب عليها أن تضطلع بمهام استثنائية في ظرف استثنائي، وتتمكن من إيجاد آليات لمعالجة تفاقم الوضع الاقتصادي لدرجات لم يعد معها كل هؤلاء بقادرين على الحياة الطبيعية.

القطاع الخاص أيضاً يغلق حلب في الصدارة...ومئات المنشآت تودع آلاتها وعامليها

يضع المدفأة الكهربائية بين قدميه.. سألته باستغراب المحل فارغ يا جاري، ومن صدره خرجت آه طويلة مع سعال جاف من تدخين الحمراء الطويلة الناشفة، وهمز لي بنصف عين: يا رجل إذا الأخرس (طريف) سكّر أنا رح يضل عندي بضاعة.
أغلب المحال التجارية التي نتسوق بها في الجوار تبدو كمن كنستها يد القدر، أو أنها خرجت من سرقة لصوص رحماء، والسوبر ماركت الذي كان يفاخر به أبو مالك يودع آخر بضائعه، والرفوف بالكاد تحتوي على نصفها من المعلبات والمواد الغذائية.
أبو سليمان يفتح باليوم ساعات قليلة، وغالباً ما تترافق مع التقنين الكهربائي، ومحله الذي كان مزدحماً بالبضائع والزبائن صار على حد رأيه صالحاً لـ : كش الذباب.
سياسة الحكومة الاقتصادية والأزمة المتفاقمة للاقتصاد السوري في ظل الأحداث الخطيرة التي تمر بها سورية دفعت الكثير من المنشآت إلى الإغلاق في القطاع الخاص والذي شهد تصدعات كبيرة، وهذا ما أدى إلى أوضاع اجتماعية صعبة، وبالتالي انعكاسات خطيرة على التاجر الصغير والمواطن العادي

مطبات: سقوط الكرنفالات

المسير نفسه نقطعه ويقطعنا، الطرقات والوجوه العابرة نفسها، التحية نفسها والرد بأحسن منها، الضحكات الفاترة والمارقة والبلهاء نفسها، السكون المريب والعاجز والمهادن نفسه، الأحاديث والحوارات نفسها، والصياح نفسه، اللغة الناقدة والمادحة والممنوعة والمعترضة نفسها، اليوم والأمس نفسه.. والغد كذلك.

موسم انتظار الدعم الحكومي.. من يدعم الفراغ؟ محطات وقود خاوية لمواطن خاوٍ وبردان.. والعيد على الأبواب!!

منذ أكثر من شهرين والنقاش يدور بين أطراف مختلفة في الحكومة حول الكيفية التي ستقدم فيها للمواطن قروش الدعم.. والمواطن المنتظر يمني النفس بقرار يفك عقدة (المازوت) التي أضيفت إلى بقية ما لديه عقد.. فلديه ما يكفيه من شهور الخيبة المتلاحقة وعداد الدفع الذي لا ينتهي.. وحال البؤس التي أوصله إليها الفريق الاقتصادي الذي يخطط لـ«سعادته»!!.
الحكومة مصرة على تسمية ما تقدمة بـ«توزيع دعم الوقود».. وهذا يجعل المواطن في انتظار كومة (الدفء)، ويعتقد أن ما ستقدمه له هو الضمانة الأكيدة من شتاء غير واضح الملامح.. الحكومة اجتمعت.. الحكومة شكلت لجان إعادة توزيع الدعم.. اللجان اجتمعت وستقرر.. اللجان تقترح.. الحكومة تستمع.. مجلس الشعب يطالب الحكومة بتخفيض سعر المازوت.. مجلس العشب يستعد لسماع وجهة نظر النائب الاقتصادي.. النائب الاقتصادي يشرح وجهة نظر الحكومة في عدم التخلي عن المواطن.. والمواطن ينتظر.

شوارعنا توزعنا طبقات.. الشوارع التي تشبهنا.. وتلك التي تتقزز منا! 

يجلس محمود على باب كلية الحقوق بعكازه المطوي، كومة البسكويت المحشي تتوضع بين قدميه القصيرتين. يجلس صامتاً مثل كومته الباهتة، خجولاً من نظرات الشفقة التي تقتص من عجزه. بعض المارة يدفعون له 100 ليرة ثمن علبة البسكويت كنوع من المساعدة. يتحدث محمود عن هؤلاء: إنهم يفعلون الخير لكنهم يوجعون قلبي، أنا لست متسولاً أو مشرداً.