عرض العناصر حسب علامة : الحركة الشعبية في سورية

بين قوسين نحو التحرير والتغيير

تطغى ثلاثة عناوين كبيرة على المرحلة التي آل إليها الحدث السوري مؤخراً، وهي باجتماعها في وعاء زماني ومكاني واحد بالرغم من تناقضها شكلاً ومضموناً، تشكّل الشغل الشاغل والقلق اليومي لمعظم السوريين، سواء أقر بعض من يرون بعين واحدة بذلك أو أنكروه استخفافاً أو استكباراً أو تغابياً..

بركان الحركات الشعبية العربية

كيف جاءت هذه اللحظات التاريخية التي نعيشها، وهذه الرغبة الجامحة في التغيير، وبهذه الصورة المفاجئة والمتسارعة بلداً تلو الآخر، وبإصرار شديد لا يقبل اندحاراً ولا يقبل تراجعاً؟؟

يجب ألا يضع التدخل العسكري ضد سورية الحركة الشعبية بين فكي كماشة!

«على هذه الأرض ما يستحق الحياة».. على هذه الأرض استشهد عبر التاريخ آلاف المناضلين السوريين الذين رفضوا العيش بذل تحت نير المستعمر، وآثروا الوقوف في وجهه، رغم التفاوت الكبير في القوة والعتاد، مؤمنين بوطنهم، وموقنين بعدالة قضيتهم، ولم يكن يوسف العظمة آخرهم، لكنه كان أهم رموزهم حين سطر أروع ملاحم البطولة والفداء، عندما قرر مواجهة الاستعمار الفرنسي بعدد قليل من الرجال، وآثر الشهادة على أن يقال بأن فرنسا دخلت سورية دون مقاومة، ليكمل الطريق بعد استشهاده آلاف الثوار من أمثال الشيخ صالح العلي، وإبراهيم هنانو، وسلطان باشا الأطرش... 

الحركة الشعبية والجيش في مواجهة التدخل الخارجي

ينتشر في أوساط النظام حديث مفاده: «لا توجد إمكانية حقيقية لتدخل عسكري خارجي»، وذلك استناداً إلى تحليل يرى في ضعف الولايات المتحدة الأمريكية وتأزمها عاملاً حاسماً يمنع التدخل العسكري، ويرى أن الخصوصيات الإقليمية للوضع السوري من علاقتها بإيران وحزب الله وما تملكه من أوراق إقليمية، يجعل من المستحيل وجود أدنى احتمال في أن تقدم تركيا أو غيرها على تدخل عسكري في سورية..

الحركة الشعبية والجيش.. والتدخل الإمبريالي

الجيش السوري، هو جزء لا يتجزأ من الشعب السوري، وهو تاريخياً مؤسسة وطنية عريقة لها دور وظيفي محدد وهدف واحد ومهمة واضحة، وهي الدفاع عن حياض الوطن ضد أعدائه الخارجيين، واسترجاع كل الأراضي السورية المحتلة (الجولان ولواء اسكندرونة).. وبغض النظر عن المعارك الوهمية التي ما انفك بعض الفاسدين يحاولون زجه بها منذ تشكيله، فهو يبقى أحد مقومات قوة سورية كوطن موحد ومستقل وله سيادته على أرضه وثرواته وقراره السياسي..

السوريون والتدخل الخارجي.. الحركة الاحتجاجية: «زيوان البلد ولا قمح الجلب».. ولكن لدينا مطالبنا!

طرأت تطورات كثيرة على الأزمة السورية مؤخراً، أبرزها على المستوى الداخلي تفاقم وتعاظم «المعالجة الأمنية» على حساب غياب أو سطحية المعالجات الأخرى، أما على المستوى الخارجي، فأبرز عناوين تلك التطورات «استفاقة» الكثير من الأنظمة الغربية والعربية على ضجيج المشهد السوري ووقع استمرار سقوط الكثير من السوريين المدنيين والعسكريين جرحى وقتلى، وبدء ملامح التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للبلاد بزعم حماية السوريين وتحقيق مطالبهم بالتغيير.

حملة تنظيف الذات..

سارع انتهازيو اللحظة والفرصة لامتطاء ظهر الحركة الاحتجاجية الشعبية آن انطلاقها، خصوصاً وأنهم هيؤوا لهذا الغرض مسبقاً، معظم عدّتهم من خطابات تراجيدية وحماسية، وشعارات كلاسيكية ومستحدثة، وأدوات بشرية من كل صنف ولون ودور، وكمنوا منتظرين مترقبين إلى أن هب ما حسبوه ريحهم..

الحركة الشعبية.. والعقوبات الجماعية

لا تتوقف العقوبات التي تتعرض لها الحركة الاحتجاجية وبيئتها الحاضنة لها، على القمع والتنكيل والاعتقالات وإطلاق الرصاص الحي على المحتجين وغير المحتجين، وكذلك لا تتوقف على المحاولات المستمرة لحرفها عن مسارها من خلال التكالب الإعلامي عليها إما بادعاء الصداقة، أو بإجهار العداء، كما لا يقتصر الأمر على زرع الخارجين عن القانون في صفوفها أو ظهور المسلحين بين ظهرانيها في هذه المنطقة أو تلك، ولا بالتشبيح المنظم الذي تمارسه بعض قوى المعارضة وقوى الموالاة بالقدر ذاته تقريباً... 

الموقف اليومي.. والحركة الشعبية

نقصد بالموقف اليومي ذلك الموقف الذي يتحدد من الظرف الراهن في البلاد، أو إحدى جزئياته دون أن يأخذ بعين الاعتبار أنه ثمة أزمة وطنية عميقة تمتد جذورها إلى عقود من السنين، وتشمل الواقع السياسي بأبعاده الاقتصادية الاجتماعية والديمقراطية والوطنية العامة، وستترك تأثيرها على مستقبل البلاد لعقود من الزمن أزمة هي نتاج الصراع بين بنية سياسية قديمة متكلسة، وحركة شعبية مشروعة  ولكن لم يُسمح لها ببلورة مشروعها السياسي المتكامل بعد، وفي ظل حركة سياسية مترهلة.

تعدد المبادرات.. وبيت القصيد!

من جملة النتائج الأولية للحركة الشعبية أنها حركت المياه الراكدة في الوسط السياسي السوري، وفرضت على أغلب القوى والنخب السياسية الانخراط في النشاط، كل من موقعه وكل حسب مصالحه ودوره، وعلى أثر ذلك كثرت وتكثر المبادرات كحلول افتراضية للأزمة الوطنية الراهنة، وبغض النظر عن النيات الطيبة نعتقد أن معظم المبادرات والمواقف لم ترتق إلى مستوى الحدث وأبعاده ومآلاته المحتملة، وتعاني في الحد الأدنى من القصور المعرفي في فهم الواقع السوري.