بصراحة: شيخ ََالنقابيين.. نضالك باقٍ
مرَّ عام على رحيل شيخ النقابيين الرفيق ابراهيم بكري (أبو بكري)، ولكن هذا الرحيل الفيزيائي لرجل عظيم لم يلغ ما قدمه بنضاله الطويل للعمال وللوطن، فما خلّفه من مخزون وتجارب نضالية باقية لا ترحل مع رحيل الجسد..
مرَّ عام على رحيل شيخ النقابيين الرفيق ابراهيم بكري (أبو بكري)، ولكن هذا الرحيل الفيزيائي لرجل عظيم لم يلغ ما قدمه بنضاله الطويل للعمال وللوطن، فما خلّفه من مخزون وتجارب نضالية باقية لا ترحل مع رحيل الجسد..
لم يقصّر الاتحاد العام لنقابات العمال منذ سنوات في الاستمرار بالمطالبة بضم طبيعة العمل لخريجي المدارس والمعاهد المهنية إلى خدماتهم السابقة، من أجل الاستفادة من تعويضاتهم كغيرهم من العاملين في مختلف الدوائر الحكومية، وذلك وفق المادة/98/ من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004.. وقد أكدت معظم المؤتمرات النقابية السنوية لدورة 2010، على المطالبة بتحقيق هذا المطلب المشروع الذي أغفلته الكتب الصادرة من رئاسة مجلس الوزراء، والذي توج أخيراً بموافقة وزارة المالية وتحقيق حلم هؤلاء الذين مضى على تخرج بعضهم أكثر من عشر سنوات.
تسرب لنا من مصادر عمالية أن العشرات من عمال شركة (دعبول) للصناعات الكيميائية لم يحصلوا على أجورهم منذ سبعة أشهر، ولا يخفى على أحد ماذا يعني ذلك بالنسبة للعمال؟
تم مؤخراً تعميم القرار الصادر عن مجلس الوزراء، والذي يحمل الرقم 19/م.و تاريخ 23/3/2010 على جميع الوزارات والدوائر التابعة لها، وهو يتضمن تعديل نسبة تعويض الطبيعة الخاصة للوظائف والأعمال الواردة في البند /14/ من المادة /1/ من قرار مجلس الوزراء رقم /20/ لعام 2005 للمراقبين الداخليين الذين يسمون وفق قانون الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش لتصبح /8%/ من الأجر الشهري بتاريخ أداء العمل، وكذلك منحهم تعويض فني متخصص بنسبة /7%/ من الأجر بتاريخ أداء العمل.
في ظل الاستمرار بالتمسك بالشعارات السابقة نفسها، يجري وبكل بساطة إعمال معول التهديم والتدمير في مكتسبات تاريخية حققتها الطبقة العاملة السورية، بنضالات شاقة وتضحيات مريرة، خلال سنوات طوال، بإقرار قانون العمل الجديد لمصلحة الرأسماليين أصحاب الاستثمارات الوهمية والمال الحرام، الذي يتيح لهم التحكم برقاب العمال وأرزاقهم، طالما يمكنهم من امتلاك حق تسريحهم تعسفياً...
قانون العمل مازال مثار جدل ونقاش في مختلف الأوساط، رغم إقراره في مجلس الشعب وفقاً لصيغته الأخيرة وصدوره تحت اسم القانون رقم /17/ ، ومرد هذا الجدل الدائر أن هذا القانون هو في نهاية المطاف تعبير عن مصالح الأطراف التي لها علاقة بتطبيقه وفقاً لموازين القوى التي دفعت لإقراره كما هو، أو القوى الأخرى التي رفضت جزءاً أساسياً من مواده باعتباره يتعارض مع مصالح من سيطبق بحقهم هذا القانون وفقاً لموازين القوى السائدة أيضاً.
مازالت أصداء إقرار المادة /65/ من قانون العمل تتوالى، فبعد المشاحنات والسجالات التي شهدها مؤتمر عمال دمشق، هاهم نقابيو حمص يرفعون أصواتهم عالياً في مؤتمرهم، منتقدين ما آلت إليه حال الاقتصاد الوطني في ظل السياسات النيوليبرالية التي يطبقها الفريق الاقتصادي، وما وصلَ إليه الوضع المعيشي للمواطن الذي جاءه إقرار قانون العمل مصيبةً جديدة تزيد سجلَّ مصائبه طولاً وقتامة.
ما زال مدخل باب الجابية تحت حراسة العمال القابعين على الرصيف ينتظرون من يستخدمهم.. ما زالت الفؤوس والرفوش والحديد الملفوف شعارات للبطالة، ومازال الانتظار لغة المنتظرين تحت جسر الميدان، حديقة الزاهرة الجديدة، باب المصلى، لغة مشمولة بالدعاء والرزق، وبسيارة تحمل العمال وشعاراتهم إلى مزرعة ما، هدم جدار، نقل تراب، أو حتى حمل أثاث فاخر ملّ السيد من رؤيته في البيت الكبير.
بعد الجدل المهم الذي دار في مؤتمر اتحاد عمال دمشق حول قانون العمل الجديد الذي أصبح قانوناً سيجري تطبيقه على ملايين عمال القطاع الخاص، بات من الواضح أن الطبقة العاملة خسرت جولة تشريعية أخرى بسبب عدم التوازن في القوى بين من يدافعون عن حق العمال بقانون عادل يؤمن لهم حقوقهم، ومكتسباتهم، ويؤمن مستقبلهم دون قلق من خسارتهم للعمل، وبين من يدافعون عن القانون باعتباره يؤمن في مواده عامل جذب للمستثمرين، ويطمئنهم بأن العمال أصبحوا بفضل هذا القانون حملاناً وديعة ولم يعودوا ذئاباً...ولم لا؟
بالنسبة للعديد ممن حضروا مؤتمر اتحاد عمال دمشق فإن ما جرى فيه جعلهم يغادرون قاعة المؤتمرات في مبنى الاتحاد وهم يحملون معهم الكثير من الأسئلة وإشارات الاستفهام حول واقع ومستقبل الحركة النقابية السورية، فعلى الرغم من أن منظمي المؤتمر قد بذلوا كل جهودهم كي يمر دون إشكالات، إلا أن المستجدات التي طرأت على واقع الطبقة العاملة في سورية لم يكن من الممكن إلا أن ترخي بظلالها على طروحات ومداخلات النقابيين.