قصة «ربطة الخبز» والابتزاز
في مشهد اعتاد عليه- بـ«الإجبار»- المواطن السوري خلال يومياته وهو الطابور، لتأمين الخبز اليومي، مع تلك البطاقة الذكية، التي استخدمت لإغلاق عقول الناس بكميات لا تكفي للحاجة اليومية لهم...
في مشهد اعتاد عليه- بـ«الإجبار»- المواطن السوري خلال يومياته وهو الطابور، لتأمين الخبز اليومي، مع تلك البطاقة الذكية، التي استخدمت لإغلاق عقول الناس بكميات لا تكفي للحاجة اليومية لهم...
مزيد من هدر وقت وجهد بعض المواطنين، ومزيد من الازدحام أمام المخابز، ومزيد من المشاكل والخلافات بنتيجة الازدحام، ومزيد من استغلال الحاجات، هي بعض النتائج الجديدة الملموسة جراء تنفيذ مضمون التعميم الصادر عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، الموجه إلى كافة مديريات التموين في المحافظات، والذي تضمن: «عدم بيع الخبز للمواطن إلا ببطاقة ذكية واحدة لا أكثر تحت طائلة المسؤولية والمحاسبة».
بكل أريحية يمكن القول: إن عام 2020 كان عام الطوابير، والسوق السوداء، وانفلات الفساد، ومع الأسف لا مقدمات تشير إلى عدم استمرار هذا الواقع البائس بتداعياته وسلبياته على الغالبية المسحوقة.
شهدت سوق الصرف دربكات متوالية بسبب التغير الكبير في سعر الصرف للدولار، وبقية العملات مقابل الليرة السورية، مما خلق فوضى سعرية عمل على تكريسها المالكون الكبار للدولار، المتحكمون بكمياته في السوق السوداء، مما أدى إلى ارتفاع ملحوظ بأسعار المواد الأساسية التي يحتاجها الناس في معيشتهم اليومية، بالرغم من تأكيدات الحكومة الإعلامية بشكل يومي تقريباً، أن الأسعار ضمن التحكم والسيطرة من قبلها، وبهذا الصدد كانت تطلب الحكومة- عبر وزرائها المختصين- من التجار أن ينفذوا وعودهم لها بأنهم لن يرفعوا الأسعار.
تحولت مسألة كتلة الدولارات السورية المحجوزة في أزمة المصارف اللبنانية إلى واحدة من العناوين الأساسية في الأسبوع الماضي، وعاد البعض بالأسباب إلى عشرات السنين وإلى بنية المنظومة الاقتصادية السورية ككل... وهو أمر منطقي، فالمسألة «تاريخية» أي: جرت لأسباب وتطورت نتيجة عوامل وتستمر نتيجة مصالح وآليات.
موجة جديدة من الرفع الحكومي لأسعار الأساسيات، طالت البنزين والمازوت والخبز دفعة واحدة، بينما يترقب الجميع رفع جديد لأسعار مازوت التدفئة والغاز المنزلي. وأكثر من الرفع، تجتمع الحكومة بنقابات العمال وترسل مجموعة من الرسائل الواضحة «لتغييرات هامة» أبرز عناوينها: تغيرات في الدعم، تغييرات في المالية العامة، هيكلة في المؤسسات وغيرها. ولكن أيّاً كانت العناوين، فإن جوهرها الأساس: تعميق السير في طريق الليبرالية، باتجاه تهميش دور جهاز الدولة، وتنظيم عملية استيلاء قوى المال الكبرى (تحديداً) على ما تبقى من أدوار لهذا الجهاز. بالطبع الحكومة لم تقل هذا في تصريحاتها، ولكن لا يصعب وضع مثل هذا التنبؤ...
لم ولن تُحل أزمة الرغيف طالما تم ترك السبب الرئيس خلفها، والمتمثل بالفساد والنهب الكبير الجاري باسمه وفي عمق أزمته، وفي ظل اللامبالاة الرسمية تجاه الحد الدنى من الأمن الغذائي، الذي أصبح يمثله هذا الرغيف.
لم تسفر كل الوعود المقطوعة بشأن أزمة البنزين الحالية عن أية حلول حتى الآن، وكل ما جرى تطبيقه رسمياً بهذا الصدد: هي محاولة التخفيف من شدة الازدحام على الكازيات، والتي لم تسفر عن نتائج إيجابية كذلك الأمر، وبالعمق تخفيض إضافي للدعم عن المادة.
في نهايات العام الماضي سجلت سورية رقماً قياسياً عالمياً جديداً... إذ كانت الوجهة التي خرجت منها أكبر شحنة كبتاغون مُصادرة عالمياً! عندما صادرت السلطات اليونانية 33 مليون حبة قادمة من موانئنا، ولكن ذاك الرقم القياسي لم يكن الأخير... إذ تتالت المصادرات الكبرى وفي أوقات متقاربة، كاشفة عن سوق سوداء سورية ضخمة ومتسارعة النمو بشكل قياسي.
حبوب الكبتاغون المنتجة أو المعبّأة في سورية تخرج بشكل دوري من الحدود السورية، ولكن الكميات الأكبر هي التي تخرج بسفن الشحن من الموانئ، فمثلاً في شهر 2- 2020 تمّت مصادرة أكثر من 35.3 مليون حبة كبتاغون من شرطة دبي قادمة من ميناء اللاذقية، ومؤخراً تمّت مصادرة 19 مليون حبة في السعودية، قادمة أيضاً مع البضائع السورية إلى الموانئ السعودية... وبين هذه الشحنات الكبرى هنالك العديد من الشحنات الأصغر التي يمكن متابعتها عبر التصريحات الرسمية في سورية ودول الجوار.
بدأ المصرف المركزي بعمليات شراء الدولار بمستوى واسع نسبياً، ويقول المصرف التجاري بأن المواطنين قد باعوه يومياً ما يقارب 10 ملايين دولار منذ انخفاض سعر صرف الدولار في السوق، ثم انخفضت هذه المبيعات إلى 5 ملايين دولار، بعد أن أصدر المصرف المركزي قراراً بأن من يأتي للمصرف ومعه ألف دولار وما فوق ليبيعها فيحصل على قرابة 515 ألف ليرة أو أكثر فإنه لن يستطيع إخراج هذه المبالغ بالليرة إلى السوق مباشرة، بل عليه أن يودع هذا المبلغ بالليرات السورية في حساب المصرف لمدة شهر على الأقل، ويحصل على فوائد ودائع مقابلها 14% تقريباً.