عرض العناصر حسب علامة : الحركة النقابية

المطلوب هو توسيع الحوار النقابي العمالي

دعا اتحاد عمال دمشق إلى جلسات حوارية مع نقابيي دمشق حول الحدث الجاري حالياً في البلاد، والذي - كما نعلم جميعاً- جاء بمثابة زلزال أصابت ارتداداته العنيفة كل طبقات الشعب السوري، ونقلته إلى واقع جديد من حيث التفكير والممارسة على الأرض، وهو ما يعني بدء تشكل فضاءات جديدة في البلاد يجري التعبير الأولي عنها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً من خلال ما تطرحه بعض القوى من شعارات ومواقف متباينة ينقصها النضج، حالها كحال الحراك الشعبي الذي مازال بعد في حالته الجنينية من حيث قدرته على بلورة شعاراته ومطالبه لكي تأتي معبرة عن تراكم الاحتقان على مدار عقود من الزمن، والذي شكل بصورة أساسية جذر الحراك والاندفاع إلى الشارع بعد غياب عنه استمر ما يقارب الخمسين عاماً.

بصراحة: الانتخابات أُجلت فلنستعد لمعركة طويلة الأمد؟!

تصًعد القوى الامبريالية وحلفاؤها من الرجعيين العرب هجومها السياسي والعسكري عبر خطوتها السياسية والإجرائية الجديدة لإعادة نفخ الروح في أدواتها المحلية سواء المعارضة في الخارج أو المجموعات المسلحة القادمة من خلف الحدود، والإيهام بإمكانية تحسين الشروط السياسية والعسكرية بمجموعة من الترتيبات يتم اتخاذها كما حدث في «الدوحة» بعدما انقطع الأمل بإمكانية تدخل عسكري مباشر على الطريقة الليبية تسقط فيها سورية فريسة بين مخالب الوحش الامبريالي الرجعي العربي وقد لاحظ الجميع تصاعد حدة الأعمال العسكرية للمجموعات المسلحة أثناء انعقاد مؤتمر الدوحة في جميع المناطق الساخنة حتى أن «التنسيقيات» تبنت شعار جمعة الزحف إلى دمشق، وهذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها رفع شعارات كهذه غير ممكنة التحقيق ولكنها تزيد من تعقد الوضع الأمني الذي أصبح ضاغطاً بقوة على الحياة اليومية للمواطنين والأكثر معاناةً في هذا الوضع هم العمال فهم يتعرضون لمخاطر كبيرة في ذهابهم إلى العمل وعودتهم منه بسبب الاشتباكات العسكرية على العديد من الحواجز وفي الأماكن التي توجد بها الشركات الصناعية والمعامل، خاصة في المدن الصناعية التي أصبحت هدفاً سهلاً، ودائماً للمسلحين لعدم وجود الحماية الكافية التي تحافظ على هذه المنشآت الحيوية لاستمرار عمل العمال، والإنتاج ايضاً.

المؤتمرات النقابية في طرطوس صناديق مهددة بالإفلاس وخسائر بالمليارات نتيجة الخصخصة

تعتبر المؤتمرات النقابية بمجملها محطات هامة للحركة النقابية لكن المفارقة في مؤتمرات طرطوس انخفاض سقف المطالب العمالية في مداخلاتهم مقارنة بالجرأة التي تتحدث بها القيادات العمالية القادمة من دمشق، والتي أعطت أكثر من مرّة الإشارة بقول ما يريدونه، لكن دون جدوى تحت حجة أن الوطن بخطر وهذا زمن العطاء وليس زمن المطالبة، في حين نقابات عمالية أخرى ( نقابة عمال النقل البحري )، والتي تعتبر معظم رواتب عمالها وموظفيها أعلى الرواتب تقريبا كان سقف كل المتحدثين أعلى من بقية النقابات، لكن الغريب الأحاديث الجانبية التي تتحلى بالجرأة والقوة في طرح القضايا العمالية وتختفي وتلتزم بالصمت بمجرد حضور أصحاب المعالي، خوفاً من أن يصيبهم المصير ذاته الذي حصل مع رئيس اللجنة النقابية في نقابة عمال التنمية الزراعية، والذي تم اقتلاعه مع عائلته من منزله في محطة أبقار (زاهد) لأنه تحدث في المؤتمر وأرسل مذكرات للجهات المعنية عن الأخطاء المرتكبة في المحطة!!.

بصراحة: هل للطبقة العاملة برنامج في الحل السياسي القادم؟

المؤتمرات النقابية يجري عقدها وفقاً للجداول المعلنة من اتحادات المحافظات، والمتابع لهذه المؤتمرات يجد أنها لم تختلف كثيراً عن سابقاتها من المؤتمرات في السنين الفائتة بالرغم من اختلاف الظروف والمهمات الواقعة على عاتق الحركة النقابية والمفترض أن تصاغ ويؤخذ بها قرارات من أعضاء المؤتمرات، ولكن المنحى العام لمجمل المداخلات والردود عليها من القيادات النقابية الراعية لانعقاد المؤتمرات، خارجة عن إطار ما تم التوجيه به من قيادة الحركة النقابية (المكتب التنفيذي للاتحاد العام)،

الحركة النقابية ومهماتها الراهنة

الأزمة الوطنية الراهنة التي فجرت التناقضات السياسية والاجتماعية والطبقية الكامنة في المجتمع السوري، وأظهرتها إلى السطح دفعت قوى المجتمع السوري إلى حراك سياسي اجتماعي غير مسبوق من حيث الاتساع، والعمق يقابله ضمور في دور القوى السياسية التي كانت من المفترض أن تقود الحراك باتجاه مطالبه التي بدأ بها، وهي مطالب مشروعة من حيث الأساس بغض النظر عن المألات التي سار بها الحراك لأسباب كثيرة ليس مجال تناولها في هذه العجالة، ولكن ما يجب التأكيد عليه هو الدور الذي لعبته قوى الفساد في الدولة والمجتمع بتبني السياسات الاقتصادية الليبرالية التي لعبت الدور الأساسي في تجميع الحطب الذي أوقد الأزمة بكل تفاصيلها، ومازالت متقدة، لدخول عوامل إضافية خارجية وداخلية لها ارتباطاتها بالمشروع الإمبريالي الرجعي العربي الذي يريد ليس إسقاط النظام فقط بل يريد إسقاط سورية كجغرافيا وموقع سياسي، ومن هنا نفهم حجم الإصرار على إدامة نزيف الدم السوري بكل الوسائل والطرق السياسية منها والعسكرية، وهذا ما يجعل من الأهمية بمكان، الدور الذي من المفترض أن تلعبه القوى الوطنية في مواجهة القوى الداعية لإدامة الاشتباك، واستمرار نزيف الدم السوري داخل النظام وخارجه، وفي مقدمة تلك القوى الحركة النقابية التي تملك رصيداً تاريخياًمهماً في النضال الوطني، والدفاع عن الوطن منذ نشأتها الأولى التي كانت في خضم المعارك الوطنية التي خاضها شعبنا في مواجهة الاستعمار الفرنسي.

الحركة النقابية وخياراتها المحدودة

ألقت الأحداث الجارية بظلالها على الحركة النقابية، وأصبح هناك كلام يدور بين أعضائها وكوادرها حول الأسباب العميقة التي دفعت إلى اندلاع الاحتجاجات وسقوط الشهداء، وهل هي مؤامرة خارجية أم داخلية؟ أم الاثنتان معاً؟ أم أن هناك أسباباً أخرى إضافية لعبت دور التربة الخصبة في إنبات التذمر والاستياء؟ واستفادت منها إلى حد بعيد القوى المعادية الداخلية والخارجية، ضمن مخطط التغيير الذي تسعى له، والبعيدة عنه الجماهير الشعبية عامةً، والجماهير التي احتجّت خاصة، والتي لها مطالب وحقوق حُرمت منها لعشرات السنين، والتي منها السياسات الليبرالية الاقتصادية ـ والاجتماعية التي انتهجتها الحكومة، واتسعت فيها مؤشرات الفقر والبطالة والفساد، هذا الثالوث الذي تعمقت جذوره في الحياة العامة للشعب السوري، مما أدى إلى توسع حالة التذمر والاستياء والغضب مما يجري ويمارَس على الأرض، وخاصة تمكين قوى السوق ورأس المال من الاستيلاء والتحكم بالمفاصل الرئيسية للاقتصاد الوطني، على حساب القطاع العام، والسير باتجاه تحقيق وتأمين مصالح تلك القوى على حساب مصالح وحقوق الملايين من الفقراء الذين ازدادوا فقراً واتسعت شرائحهم.

الحركة النقابية على مفترق طرق

إن تطورات الأحداث قد فرضت حراكاً وجدلاً سياسيين واسعين شملا جميع الطبقات، ولم يستثنيا أحداً، فالكل تأثر بما يجري، والكل بدأ بتحديد الموقف والسلوك وردات الفعل، انطلاقاً من فهمه لطبيعة التطورات التي يرُدُّها البعض إلى مؤامرة خارجية، والبعض الأخر يردُّها إلى جذورها التي نمت وترعرعت في تربتها الخصبة التي أوجدتها السياسات الاقتصادية الليبرالية، والتي ترافق معها غياب للحياة السياسية والديمقراطية (الشعبية)، حيث تفاعلت وأنتجت حجماً هائلاً من الاستياء والتذمر والغضب من هذه السياسات، لانعكاسها السلبي المباشر على حياة المواطنين، حتى وصلت الأمور لحد المطالبة بتغيير تلك السياسات ومن يمثلها، وبضرورة إنجاز الإصلاحات الحقيقية التي تُمكِّن الشعب من مواجهة التآمر الداخلي والخارجي على أمن الوطن وسلامته وحقوق فقرائه، ومن هذه الإصلاحات المطلوبة تأمين حقوق الطبقة العاملة السورية التي اكتوت كثيراً بنار السياسات الليبرالية، والتضييق على حرياتها وحقوقها الديمقراطية، التي كثيراً ما طالبت بها بالطرق السلمية التي منحها إياها الدستور السوري، مستخدمة حقها بالدفاع عن حقوقها ومكاسبها التي أخذت تخسرها شيئاً فشيئاً منذ سنوات، إلى أن وصلت إلى حالة تقتضي الوقوف عندها، وإيجاد مخرج حقيقي يؤمن تلك الحقوق ويدافع عن تلك المكاسب وخاصة عمال القطاع الخاص الفاقدين لحقوقهم ولأشكال الدفاع عنها، وذلك بتحريم حق الإضراب والاحتجاج السلمي وتجريم من يقوم به، بفعل قانون العمل الجديد الذي استمد شرعيته من قانون الطوارئ الذي يُشهَر في وجوههم، مهدَّدين من قبل أرباب العمل والأجهزة معاً، إن فعلوا ما يخالف ذلك.

الحركة النقابية ومسؤوليتها الراهنة

لا شك أن مهمات كبيرة تنتصب أمام الحركة النقابية في ظل الأحداث المتسارعة والمستجدات اليومية التي تعكس نفسها على الحركة النقابية، وهي معنية بها بشكل مباشر، ولا يمكن إدارة الظهر لها، خاصة أن هناك تجربة طويلة للحركة النقابية مع الحكومات السابقة، فيما يخص حقوق الطبقة العاملة ومكاسبها، وحماية هذه الحقوق والمكاسب التي لم تنجح الحركة النقابية بالحفاظ عليها إلى حد بعيد، لأسباب كثيرة أهمها: وضع الموقف النقابي في موقع الشريك مع تلك الحكومات، وتقاسم تحمل مسؤولية قراراتها الاجتماعية والاقتصادية معها، مما أوقع الحركة النقابية بتناقض مع الطبقة العاملة التي تعاني كثيراً من أوضاعها المعيشية، بسبب السياسات الاقتصادية التي أتبعت، وتحرر فيها كل شيء لمصلحة الرأسمال، إلا حقوق العمال بأجر عادل يؤمن كرامتهم، ويشعرهم بمواطنتهم التي فقدوا الشعور بها بسبب تلك السياسات الاقتصادية الجائرة بحقهم.