عرض العناصر حسب علامة : الحركة الشعبية

«خلصت» و«قربت»... مرة أخرى!

لا تزال الموجة الجديدة من الحراك الشعبي في سورية في بداياتها، والاحتمالات أمامها مفتوحة على التطور أو الانكفاء المؤقت والتطور اللاحق، ولكن احتمالات تطورها سواء عاجلاً أو آجلاً هي الاحتمالات الأكبر رغم كل ما يظهر من سلبيات حتى اللحظة.

من صاحب الحقّ بقيادة الحراك؟

يتصرف بعض المحتجين على الأرض بعقلية «مجلس قيادة ثورة»؛ يرسمون الخطوط التي يجب الالتزام بها، ويصيغون الشعارات والهتافات والخطط. يقررون قطع طريق من الطرق، أو إغلاق مؤسسة من المؤسسات. ويصدرون بيانات باسم الحراك، بل وباسم الشعب.

الإضراب وقطع الطرق دون إجماع شعبي يضر بالحركة ويعزلها

برزت خلال الأيام الماضية، وضمن بدايات الموجة الجديدة من الحركة الشعبية التي تظهر في عدة مناطق ومحافظات من البلاد، برزت دعوات إلى الإضراب والعصيان المدني وقطع الطرق، بما في ذلك دعوات لإغلاق المؤسسات الحكومية ومنع الموظفين من الوصول إليها، وخاصة في السويداء.

المطلوب حماية الحركة الشعبية ومساعدتها في تنظيم نفسها stars

حالة الغضب الشعبي تعمّ البلاد بأسرها، وكذلك الأمر حالة النشاط السياسي المتصاعد للناس، والذي يأخذ أشكالاً متنوعة وعديدة، في كل منطقة وفقاً لظروفها. وإذا كان شكل الحركة أكثر بروزاً هذه الأيام في منطقة أو محافظة بعينها (السويداء نموذجاً)، فهذا لا يعني أنّ الأمر محصور بها؛ فمستوى الغضب وعدم الرضا متقارب حد التطابق بين كل المناطق السورية.

الحركة الشعبية: النشاط السياسي المتصاعد!

تواصل قوى متعددة، من المتشددين ضمن النظام، ونظرائهم ضمن المعارضة، محاولاتها لاستباق وإجهاض احتمالات طورٍ جديد من الحركة الشعبية. يجري ذلك بطرق متعددة أبرزها هي تلك التي تكرر القديم على أنه جديد؛ بكلامٍ أوضح، فإنّ أبرزها هي الدفع نحو تكرار الأشكال نفسها من الحراك السابق، وبالشعارات نفسها وطرق العمل نفسها، وخاصة منها المنعزلة عن الناس وذات الطابع المغامر، وضمناً الحديث مرة جديدة عن «عسكر منشق» وما شابه.

الحراكات الشعبية لا تنتهي إلا بمعالجة الأسباب الجذرية التي أنشأتها... ما دامت الأسباب قائمة فالحركة ستعود... عاجلاً أم آجلاً!

لسان حال الأغلبية من السوريين، ونتيجة المعاناة والجور والظلم والتدهور المستمر على كل الصعد، هي أنه «لم يعد هنالك أسوأ مما يجري». لهذه المقولة جانبان متلازمان يعبران عن الاحتمالين الكامنين ضمنها؛ الأول إيجابي يعبر عن استعداد وتأهب للانخراط في العمل من أجل التغيير، للانخراط في نشاط سياسي واسع بأشكاله المختلفة للوصول إلى التغيير. الثاني سلبي يعبر عن اليأس أكثر مما يعبر عن الأمل، وهذا خطير لأنّه يعني إما الانكفاء وعدم الانخراط في أي نشاط تغييري، أو الاندفاع بشكل يائس وغير مدروس...

الاندفاع اليائس غير المدروس هو ما يجري الدفع له بشكل مفضوح من جانب متشددين في النظام والمعارضة، وخاصة من شخصيات ظهرت فجأة وتم وضعها تحت مركز الضوء الإعلامي. الغرض واضح وهو محاولة استباق الحركة الشعبية التي تختمر ظروفها من جديد بشكل متسارع؛ استباقها عبر دفعها إلى الشوارع بشكل غير منظم وغير مدروس وعبر أعداد قليلة من الشبان المتحمسين، والهدف هو أن يجري كسر ظهرها مبكراً وقبل أن تكبر حتى تجري «تربية البقية» عبر الضربات الأولى. في إطار استباق الحركة أيضاً، فإنّ عدداً كبيراً من «المعارضين الطارئين»، لا يحاولون الدخول في صفوفها فقط، بل يسعون إلى التحول إلى مركز قيادتها وتوجيهها، بغرض الاستكشاف المسبق لها تمهيداً لتطويقها وإنهائها، أو لتحويلها مرة جديدة إلى مطية لتجديد العنف والحرب... والهدف بكل الأحوال هو بالحد الأدنى منع التغيير، وبالحد الأعلى إنهاء سورية بشكل كامل.

أمام هذين الجانبين/الاحتمالين، ورغم القهر الذي يعيشه الناس، إلا أنها تظهر قدراً من الوعي يدل على إحساسها السليم الذي اكتسبته من التجربة المرة ودفعت ثمنه عذابات كبرى؛ فمن جهة تعلم الناس أنّ التحرك ضرورة لأنّه لا مجال للتغيير نحو الأفضل إنْ تركت الأمور لمن يتحكمون بها في النظام وفي المعارضة، بل ولا يمكن أن يتوقع المرء من المتحكمين سوى المزيد من الخراب والتدهور. ولكن في الوقت نفسه، وبالاستفادة من التجارب السابقة، تسعى الناس لدراسة خياراتها ولاختيار أشكال تحركها، فلا تحصر نفسها بشكل محدد، التظاهر مثلاً، بل تبحث عن أشكال إبداعية متعددة للنشاط، وتبحث عن تدرج مناسب له، بحيث تتجنب الوقوع في الأفخاخ المنصوبة لها من الداخل ومن الخارج...