عبد الرزاق دياب

عبد الرزاق دياب

email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

وحيداً كان البرتوكول

لم تلتفت السيدة التي تجاوزت الستين من عمرها لما يدور من صخب في الحفل، وأكثر ما فعلته همس اقترب من شحوب الشموع التي نابت عن الكهرباء المقننة، وأما من ساء حظه بجوارها فسمع قصة حياتها الطويلة، وخيبتها من فشل الإعلام الخاص في تخطي عقباته المادية، وأنها ستسافر إلى بيروت للبدء بمشروع إعلامي جديد، فبيروت أم الصحافة العربية الحرة.. السيدة الستينية لم تتوقف عن شرب النبيذ بشراهة مع قطع الحلوى، وفجأة سألت مجاورها بماذا يحتفل هؤلاء.

البيضاء لتثقيفه: القوائم السوداء لحماية المستهلك السوري

قالها صديق إعلامي ذات يوم (للمستهلك رب يحميه)، ولا أحد من السوريين المستهلكين يوقن بقدرة الحكومة على حمايته بعد أن كانت هي أول من رفع الحماية عنه حينما أخلت بمعادلة التوازن بينه وبين التاجر، وفتحت السوق للتاجر وأغلقت في وجهه مصادر الدخل والرزق، ومنعت عنه الدعم على أساسيات حياته.
اليوم يضع التجار الصغار أسعارهم وفق بورصة الأحداث في سورية، والأدهى أنهم صاروا يسعّرون البقدونس بالدولار، وتصيح امرأة في شارع الثورة على تاجر أجهزة كهربائية وبدائل إنارة: حتى الشمع له علاقة بارتفاع الدولار خافوا الله.
أما وزارة الاقتصاد فلا تجد من أجل المستهلك السوري إلا أن تبتكر ألهية جديدة اسمها القوائم البيضاء والسوداء، وأنها ستكون الفارق الذي سيصب في مصلحة المستهلك.

مطبات: سوق العاطلين

من حكومة لأخرى يتقافز رقم الخيبات، ويدخل مئات ألوف طالبي العمل سوقاً كاسدة وخاوية، ولا تنظر إليهم ولا تعير شهاداتهم مهما علت فهي لا تتوقف عن الدوران، ولا يعنيها الطارئون الجدد، وقد تمرست بحذفهم وإهمالهم، ورمتهم من حساباتها، ويكفيها ما لديها من فائض بشري شبه مقعد.

حلقات معادة من جلسات الحكومة: في الإجراءات.. وأعباء المعيشة.. وذوي الدخل المحدود

مسخ الدولار علبة البسكويت، وأبو قاسم يصر على أن البسكويت بسعر خمس ليرات صار في ذمة التاريخ، وأما السائق العجوز فيقول بوضوح: عندما يعود المازوت إلى سعره الطبيعي تعود الخمس ليرات صالحة للوصول إلى آخر الخط.

وزارة الإسكان.. ولا يلدغ السوري من سكن مرتين!

قال المهندس سهيل عبد اللطيف مدير المؤسسة العامة للإسكان إن عدد المكتتبين عبر الإنترنيت على الشقق السكنية في مشروع الـ 50 ألف شقة سكنية وصل إلى 16 ألف مكتتب .ويأتي كلام المهندس عبد اللطيف ليؤكد أن المواطن السوري يضع بينه وبين مشاريع السكن الحكومية وسواها مسافة من عدم الطمأنينة والحذر، وهو الذي لدغ من الباب نفسه الذي توجد خلفه حاجته وشهوة انتظاره لبيت يضع تحت سقفه رؤوس أحبته دون وجل من مستقبل بسقف مستأجر

مطبات: اللصوص.. بالضبط اللصوص

أقسى ما يمر علينا، ولم تكن الثمانينيات بحصارها الطويل الفظ بمثل أيام الوجع الحالي، ويرتجف الجد مع ذكرياته عن علب المحارم، وعبوات السمن التي اصطف لأجلها السوريون بدور طويل لا ينتهي، ويسترسل الجد عن ألمه الآني هذه الأيام مغمساً بالذل والابتزاز، وأنت تطلب حقك في الدفء الذي لا تجده يباغتك مرتجف آخر بأن لديه ما تبحث ولكن ثمنه كبير.

مطبات: الكتابة على الوجهين

جهد الحكومة اليوم نفسها بتوجيهات لموظفيها في الوزارات والمؤسسات عن ضرورة وقف هدر الطاقة، والتخفيف من استخدامها، وتوجه الجهات التابعة لها باتخاذ الإجراءات اللازمة لترشيد استهلاكها.

المدينة حيث تعود باكراً إلى فراشها

إنها السابعة مساء، هنا دمشق وبالضبط ساحة عرنوس حيث تتقاطع الطرق المؤدية إلى كل جهات المدينة العاصمة، وهنا يبتاع الناس حاجياتهم بمتعة الفرجة، وهنا كان السوق مكاناً قد يحاك فيه موعد زواج قريب، أو لقاء سري في إحدى المحطات السرية المعتمة.

بلدات ومدن مستنسخة.. المخططات التنظيمية في ريف دمشق.. من يخرجها إلى الواقع؟!

«أهلاً بكم في محافظة ريف دمشق» لطالما استفزت الكثيرين هذه العبارة وشبيهاتها، وهذا لا يعود لعدم حب الناس بالترحيب الذي يلقاه أي قادم إلى المدينة الشاسعة الجميلة، ولكنه يعود إلى ما يتبع هذه العبارة من معالم نافرة وناشزة، بل ومخجلة في البنى التحتية، والمنظر العام، ووجوه الناس، والألوان التي تكسو البيوت والشوارع.
هنا ريف دمشق، مدن وبلدات متشابهة ومستنسخة، نفس العبارات التي تعلن أنك في الطريق لإحداها، ونفس الحجر الشاحب الذي صنعت منه الأقواس، وبعد أمتار تعلن المطبات والحفريات، ومخالفات البناء، والامتدادات العشوائية عن صيغة موحدة لهذا النسيج المتشابه حد القهر.. إنها سورية التي أنهكها الفساد وعاث بمواردها ومخططاتها وبرامجها وحجرها وشجرها وإنسانها الفاسدون والناهبون الكبار

مطبات من يَهُن..

لم تعد غزة تنام، لم يعد يهدهد ليلها البحر، ولم يبق لها غسق أو أذان، مستيقظة من صوت الموت المنفجر في كل بيت ومدرسة ومسجد، الموت الذي يجز الطفولة والعمر البليد ونساء بكين من انتظار رغيف الخبز المملح بجثامين الأبناء الذاهبين إلى الغياب.. إلى الله