عرض العناصر حسب علامة : قانون التشاركية

بصراحة:التشاركية .. النقابات .. العمال

يتصاعد، بوتائر مختلفة الحدة، النشاط الإعلامي والندوات والمؤتمرات الصحفية تجاه تثبيت واقعة قانون التشاركية، من حيث هو قانون أصبح قابلاً للتداول والتعاطي معه كأمر واقع، على الجميع التسليم به و«بصوابية» إقراره، كونه الأداة الأساسية التي «ستخرج الزير من البير»، كما يقال.

التشاركية: البحر طحينة وناموا بالعسل يا سوريين!

في المحاضرة الأخيرة التي قامت بها جمعية العلوم الاقتصادية حول (التشاركية) طرَح البعض سؤال ما البديل؟ أي ما هو النموذج الاقتصادي القادر على تحمل أعباء إعادة الإعمار وبناء اقتصاد سوري قادر على حل المشكلات المتراكمة قبل الأزمة وخلالها والتي ستلاحقنا مجتمعة مع مهمات ما بعد الأزمة؟

 

التشاركية المُقوننة موبقات الإشارة الخضراء لناهبي الغد!

قانون التشاركية الذي حمل رقم 5 بتاريخ 10/1/2016، كان نقطة علاّم جديدة في مستوى التحول إلى الليبرالية الذي يمضي بها الاقتصاد السوري. فالوظيفة الاقتصادية لهذا (القانون) أو هذا المبدأ الاقتصادي هو إيجاد آليات جديدة لإعادة تدوير وتبييض الأموال المنهوبة من الاقتصاد السوري قبل وفي ظل الأزمة، والسماح للمستمثرين/الناهبين الجدد بالربح المضمون في كعكة إعادة الإعمار، وذلك من خلال إعطاء القطاع الخاص الحق في استثمار أي منشأة من منشآت القطاع العام والتربح من خلالها وتحديداً في مجالات البنى التحتية كالماء والكهرباء والاتصالات والخدمات والمرافئ العامة، وهو ما ناقشته قاسيون من وجهة نظر اقتصادية في الأعداد (739،746،747).

 

بصراحة:التشاركية في المؤتمرات النقابية؟

المؤتمرات في دمشق مستمرة بالانعقاد تباعاً، تناقش التقارير المطروحة من قبل مكاتب النقابات، والنقاش أو الملاحظات المطلوبة، كما عبرت عن ذلك تعليمات المكتب التنفيذي في الاتحاد العام حول التقرير المقدم في كل مؤتمر فقط..، والذي عادةً يجري العرض بمتنه حول القضايا الحصرية بعمل النقابة ونشاطها ونفقاتها، ونادراً ما تناقش أو تعرض التقارير قضايا اقتصادية وازنة، مثل الأجور أو السياسات الاقتصادية للحكومة، التي مست بشكل مباشر المستوى المعيشي للعمال، والذي تدنى إلى حدود لم تعد تطاق خاصةً في عام 2015، حيث تشير وتؤكد التقارير والدراسات الاقتصادية إلى خسارة الأجور لأكثر من 50% من قيمتها، بسبب ارتفاع الأسعار الجنوني، الذي سببه الرئيسي ضعف أو غياب دور الدولة عن التحكم في الأسواق، إنتاجاً واستيراداً وتسويقاً وتوزيعاً.

الشَّبح..

 وصولي إلى سوق الجمعة الذي أزوره مرة كل شهر للتفرّج وشراء ما تيسّر من (لقطات)، استرعى انتباهي شابٌّ في مقتبل العمر يقف تحت شجرة وقد علّق على كتفه حقيبة سوداء متوسطة الحجم وحوله مجموعة من الشبّان يتفاوضون معه. وبين الحين والآخر يمدّ يده إلى حقيبته بعد أن يلتفت إلى الجهات كافة ويخرجها بسرعة ويدسّ شيئاً ما بيد المشتري بعد أن يقبض الثمن.

(التشاركية).. نجاح مؤقت (لضيقي الأفق)!

نقلت قاسيون عن عبدالله الدردي في عام 2010 قوله بأن: (الحكومة تقوم بإعداد مشروع قانون التشاركية من خلال مشاورات مع كبريات الشركات العالمية، ومكاتب المحاماة والمؤسسات المتخصصة في قضايا الشراكة عالمياً)، وبالفعل (لم يضع الجهد الدولي سدى) فقد قامت الحكومة بعد رحيل الدردري، واندلاع الحرب، والوصول إلى عتبات الحل السياسي، بإنجاز وإقرار قانون التشاركية..

بصراحة: قانون التشاركية وحقوق العمال ؟

الحكومة العتيدة لا تدّخر جهداً من أجل التأكيد على تثبيت نهجها الليبرالي في المجالات جميعها عبر إصدار التشريعات ومشاريع القوانين والقرارات وتقديم التبريرات، مستفيدةً من واقع الأزمة الوطنية، لتجعل الشعب السوري أمام خيار وحيد، ألا وهو خيارها فيما ترسمه من سياسات اقتصادية، وهو الخيار القابل للحياة من وجهة نظرها، طالما أن القلم الأخضر بيدها وتخط به ما يحقق مصلحة القلة القليلة المستولين على الثروة، والمتحكمين بطرق استثمارها، وإعادة إنتاج أرباحها مرة تلو الأخرى، وبقية الشعب الفقير المنهوبة ثروته يرزح تحت نير الفقر والجوع والعوز، لتتغنى الحكومة بمصائبه وتدّعي بأنها تقدم الدعم « المعقلن » له.
الحكومة ومن خلال بعض وزرائها، قامت بقصف تمهيدي واسع عبر وسائل الإعلام، المختلفة وفي الاجتماعات واللقاءات النقابية، من أجل الترويج لقانون التشاركية باعتباره القانون الذي سيخرج الزير من البير، متحججة بالشماعة التي تعلق عليها دائماً ضعف أدائها عن تلبية حاجات الناس الضرورية، ألا وهي شماعة نقص الموارد وقلتها بيد الحكومة، مما يجعلها تتجه إلى موارد أخرى، والموارد الأخرى دائماً موجودة في جيوب الفقراء، أو في فتح الأبواب على مصراعيها للرساميل المحلية والأجنبية للاستثمار في ملكية الشعب، التي لا يحق لها التصرف والتفريط بها مهما كانت الحجج والمبررات التي تسوقها لهكذا عمل، والمفترض بها البحث عن مصادر تمويل حقيقية موجودة في جيوب قوى الفساد، وقوى رأس المال التي تتمركز الثروة في أيديهم، ويتحكمون من خلالها في رقاب العباد ومقدرات البلاد.
في اجتماع مجلس الاتحاد العام للنقابات دافعت الحكومة عن مشروع قانونها، واعتبرته القانون الذي سيعمل على زيادة أصول القطاع العام، وذلك في معرض ردها على طرح النقابيين في المجلس، حول المخاطر التي يحملها قانون التشاركية على الاقتصاد الوطني، وعلى القطاع العام، ولكن للأسف لم يتنبه النقابيون من خلال طرحهم إلى المخاطر السياسية التي يحملها هذا القانون، وإلى حقوق العمال في المنشآت المطروحة على المستثمرين، كون المستثمر سيأتي بشروطه الخاصة ومن ضمن شروطه واقع العمالة في المنشآت المستثمرة من قبله، وقد يفرض عماله أجنبية يأتي بها كما جرى عند ترميم مطار دمشق الدولي، حيث أحضرت الشركة الماليزية عمالتها معها ليس كخبراء بل كعمال عاديين.
القانون أُقرَّ في مجلس الشعب على عجل، كما هي العادة، دون أن يأخذ حقه من النقاش، رغم أنه يأتي في سياق استمرار السياسات الاقتصادية الليبرالية التي جمعت كل الحطب الاجتماعي ليأتي من يوقده.
المعركة مع هذا القانون لم تنته بإقراره، والقوى الوطنية ومنها الحركة النقابية مطالبة بتوحيد جهودها دفاعاً عن القطاع العام، ودفاعاً عن المصالح الجذرية للطبقة العاملة السورية.