عرض العناصر حسب علامة : علم الاجتماع

ضجر الإنسان المعاصر

«لقد تألمت دائماً من السأم، ولكن يجب أن نتفاهم على معنى هذه الكلمة. فهي تعني، بالنسبة لكثيرين، عكس التسلية، والتسلية هي الشرود والنسيان، ولكن السأم بالنسبة لي، ليس كذلك، بل يمكنني القول إنه، في بعض مظاهره، يشبه التسلية بما يخلّفه من شرود ونسيان ينتميان طبعاً إلى فئة خاصة جداً. إن السأم في نظري هو حقاً نوع من النقص أو عدم التلاؤم أو غياب حس الواقع. وأعمد هنا إلى تشبيه فأقول: إن حس الواقع، حين يتملكني السأم، يحدث لدي ما يحدثه بالنسبة للنائم غطاء قصير أكثر مما ينبغي، في ليلة شتوية: فإذا سحبه على قدميه، أصيب بالبرد في صدره، وإذا رفعه إلى صدره، أصيب بالبرد في قدميه، فهو لهذا لا يستطيع أبداً أن ينام قرير العين».

عن وحدة وتفاعل وتناسب البنية الفوقية والتحتية وإفلاس العقل المهيمن (1)

في هذه المادة نحاول التشديد على التوتر وعلاقة التفاعل الذي يزداد وضوحاً بين البنيتين الفوقية والتحتية للمجتمع على المستوى العالمي (وحدة النظام العالمي)، الذي يجد في احتمالية التشظي الاجتماعي تجسيده الساطع. ومن هنا التأكيد على الحاجة إلى قاعدة لحركة نقيضة تعمل على تحقيق الكامن الموضوعي في البنية الاجتماعية الذي تحاول علاقات البنية القديمة خنق تبلوره وظهوره. هذه الحركة النقيضة الشاملة تُبنى على وحدة العلاقة العضوية بين البنيتين التحتية والفوقية. وكل ذلك هو تجاوز للتيار الاقتصادوي الطاغي في فضاء البحث في الأزمة اليوم، وهو أيضاً دليل على ارتفاع وزن «أممية» المشروع على حساب «قومية» التوازنات. وهذا التمييز سيظل ضرورياً ليس فقط لتبيان مستقبل تطور الحركة على المستوى العالمي، بل لاتخاذ الموقف الصحيح من تموضع القوى الحالي كما هي في حركتها.

العزوف عن الزواج والخوف من الإنجاب... خياراتٌ مسيّرة!

عندما كنّا صغاراً كان كل واحد فينا يختار أسماءً لأبنائه وبناته المستقبليين، وفي سنّ المراهقة عزم البعض على إشاعة ألقابٍ خاصة بهم من قبيل «أبو فلان» و«أم فلانة»، ليأتي ذلك «المستقبل» الذي عرفنا فيه بأن خيار الزواج وإنجاب الأطفال بات صعباً بما فيه الكفاية ليبقَى اللقب هائماً بين الجموع من دون أن يرسى على واقع يحوّله إلى حقيقة.

وزن الشرق في التاريخ

عرف الشرق تغييرات نوعية عميقة منذ أقدم الأزمنة التي كشفتها العلوم الأثرية والاجتماعية. وتراكمت هذه التغييرات عبر مختلف التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية في التاريخ.

تكشّف السرديّة وحاجاتها نحو العالم الجديد

للمرحلة الحالية خصوصيتها التاريخية، والتي تسبب الكثير من التشويش الذهني لدى الغالبية. ومن أبرز هذه الخصائص هي أن جوهرها وما تمثّله لا ينعكس بالكامل في المستوى الفكري والعقلي المعلن على لسان النخب. ولا نتكلم هنا عن التشويش الحاصل لدى الفاعلين في الحقل السياسي بالتحديد (وإن كان هؤلاء أيضاً مشوشين)، بل عند السواد الأعظم لمن يحاول بناء السردية العقلية عن العالم والاتجاه التاريخي القادم. ولعدم التناسب بين جوهرها والسردية المعلنة عنها له أسبابه النابعة من طبيعة القوى التي تخوض الصراع. فكيف تتحرك السردية عن المرحلة خطوة خطوة تجاه الجوهر؟

كل شيء صار على الطاولة وتحديداً: تعريف الإنسان

إن التناقض السياسي، بما هو صراع بين نظامين اجتماعيين وبالتالي بين بنيتين للمجتمع مع كل ما يعنيه ذلك من ميادين الحياة المادية والمعنوية، يشكّل إطاراً يصهر فيه باقي التناقضات، وفي المرحلة الحالية حيث ينطرح على جدول الأعمال تغيير قاعدة المجتمع الطبقي ضمن هذا الصراع، فإن ذلك يعني أنه سيجرّ معه باقي السلسلة. وهذا بالتحديد يعني أن المرحلة الحالية تغلي بكل ما يتضمنه الواقع من تناقضات تحتاج إلى حل، ومن هنا ارتفاع منسوب التوتّر الذي نلمسه في كافة الحقول (الفلسفة والعلوم والفن والعاطفة والأدب...)، وكأن الينابيع المتعددة تلاقت لتشكّل الجدول على حد تعبير لينين، بل إنه النهر الجارف. ولهذا، كل هذه الحقول ستطرح أمامها الإطار الذي سيحكم ممارستها في المرحلة القادمة، ضمنياً أو بشكل صريح. وفي هذه المادة سنحاول أن نقترب من الحقل النفسي الخاص بتعريف الإنسان ما بين «الإنسان الدودة» أو «الإنسان الإبداع»!

العقل وحقيقته المؤلمة: انهيار التصور عن العالم

من غير المقبول إهمال ظاهرة الأزمة التي يعيشها الوعي الإنساني اليوم، وتحديداً في ظل تصاعد حدة أزمة العالم الحالي. إن زيادة التعقيد الذي حملته العقود الماضية على مستوى تطور العلاقات الرأسمالية لتطال كل مجالات الحياة المادية والمعنوية- الروحيّة، فوصلت ملامح هذا المجتمع التغريبية التي فرّغت المجتمع من إنسانيته إلى نهايتها المنطقية، أي تلك الشروط التي قطعت العلاقة الإبداعية بين الإنسان وعالمه التي هي أساس كونه إنساناً، هذا التعقيد يفرض تعقيداً في عمل هذه الشروط ليس على مستوى الاقتصاد والسياسة، بل على مستوى العقل أيضاً. ويشكّل فهم هذا التعقيد منصة ضرورية لا غنى عنها في سبر قانونية فعل الأزمة التي طالت البنية العقلية لإنسان اليوم. فمآلات هذه الأزمة ترتكز بشكل كبير على التصدي لفعل الأزمة على مستوى العقل من طرف القوى التي تدافع عن بقاء البشرية اليوم. ولا أقل من ذلك!

الالتحام التاريخي والاحتكاك الصارخ

لا بدّ وأنّ الآفاق مغرية للعقل للبحث فيها أكثر من تفاصيل العمليات الحاضرة طالما أننا وضعنا خطوطها العامة، ولكنّ حرارة المِرْجَل الحالي لها سطوع يوازي الظلام المعمَّم، ليس فقط لما تحمله من تكرار وتأكيد وتشديد على ما هي عليه الرأسمالية وعلى مصيرها التاريخي، بل لما تحملها من ظواهر جديدة. وعلى الرغم من أن الكثير من جديد هذه المرحلة تم إنتاج الكثير منه، ولكنّ غناها الحالي يبدو أنه ما زال في بداية تظهيره. وفي هذه المادة سنحاول تكثيف بعض المواد السابقة حول دور الفكرة، وهذه المرة من باب علاقة البنية الفوقية (وتحديداً الوعي بأشكاله المختلفة) بالبنية التحتية (الاقتصادية) لربّما نقدر على تلمّس الشكل التاريخي الحالي لهذه العلاقة وما تعنيه بالنسبة للمستقبل ولفهم بعض العميات الجارية وكيفية التدخل فيها.

لحظة الوعي التاريخية نحو مجتمع بشري لذاته

مجدداً نحاول أن نظهر وزن الفكرة أو دور الوعي في المرحلة التاريخية الراهنة، وهذه المرة من باب ارتطام الوعي بالواقع، حيث تنخلق اللحظة الواعية بهذا الواقع، ما يعظّم مساحة الفكر في التأثير على العمليات الموضوعية أكثر من أية مرحلة سابقة.