ملامح التقارب الأوروبي– الروسي

ملامح التقارب الأوروبي– الروسي

كان مؤتمر ميونخ للأمن فرصةً للعديد من قادة العالم والشخصيات السياسية المؤثرة لإبداء آرائهم في عدد من القضايا، تناولت الكثير منها علاقة أوروبا مع روسيا، وكان أبرزها حديث الرئيسين الفرنسي والألماني بالإضافة إلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

فرنسا

بعد أن أصبح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون معروفاً بتصريحاته المباشرة في الفترة الماضية، والتي تحدث فيها مراراً عن دور الغرب، وضرورة تغيير طبيعة العلاقات الأوروبية الروسية، وهو الذي اعتبر روسيا باتت حاضرة في كل الأزمات الدولية كنتيجة لضعف الغرب المتزايد وتراجعه عن لعب دوره على المستوى العالمي. تحدث ماكرون مجدداً على هامش مؤتمر ميونخ حول العلاقة مع روسيا، وقال إن «سياسة التحدي التى انتهجتها أوروبا فى التعامل مع موسكو على مدى السنوات القليلة الماضية باءت بالفشل» معتبراً أنَّ الخيار الوحيد المتاح هو حوار لحل الخلافات، مؤكداً أن الرغبة في مواجهة روسيا غير موجودة في أوروبا.

روسيا

في تعليق لسيرغي لافروف على السياسية الفرنسية اتجاه روسيا، قال «إن فرنسا تملك رؤية سياسية وجيوسياسية حقيقية، وإنها تبدي استعداداً وبراغماتية لإجراء حوار مع روسيا» مضيفاً إن الرئيس الفرنسي حثّ المجتمعين في كلمته لقبول الواقع، فروسيا باتت موجودة ومؤثرة في الكثير من العمليات في العالم. واعتبر لافروف أنّ حديث ماكرون كان معقولاً ولم يشغل نفسه في توجيه الاتهامات كما فعل معظم الموجودين، بل كان يحاول البحث عن حلول. وعند توجيه سؤالٍ للافروف في خصوص المبادرة الفرنسية لفتح حوار مع روسيا لإيجاد صيغة أمنية جديدة في أوروبا بعد انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى، قال لافروف إن فرنسا قدمت مبادرة بالفعل، وذكّر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أرسل رسائل مفصلة إلى جميع قادة الدول الغربية وغيرها من الدول الكبرى، تحوي وجهة نظر روسيا حول هذا الموضوع وضرورة الحفاظ على هذا النوع من المعاهدات.

ألمانيا

على الرغم من أن الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير وجّه انتقادات لروسيا والصين، إلّا أن هذا الحديث بات مكروراً، لكن الجديد هذه المرّة هو التأكيد على حاجة دول الاتحاد الأوروبي إلى علاقات أفضل مع روسيا، والهجوم الشرس على الولايات المتحدة الأمريكية وسياستها في أوروبا، معتبراً أنَّ العودة إلى المصالح الوطنية المنفردة ستقود إلى طريق مسدود، وأضاف شتاينماير إن الولايات المتحدة الأمريكية في ظل الإدارة الحالية باتت ترفض فكرة المجتمع الدولي نفسها.
تدل هذه المؤشرات الكثيرة في تغيّر طبيعة الخطاب الأوروبي اتجاه روسيا، وإن لم يتغير بشكل نهائي بعد، على أن تحولاً في العلاقات قد لا يكون بعيداً جداً، وخصوصاً أن المصالح الأوروبية اليوم لم تعد قابلة للتأجيل، وحتى لو كانت العديد من الأصوات ضمن مؤتمر ميونخ وغيره تُطلق التصريحات النارية ضد روسيا، إلا أنه وكما قال سيرغي لافروف في حديث سابق، إن البعض يطلق تصريحات لاحتلال عناوين الصحف، في الوقت الذي لا تُغير هذه التصريحات شيئاً من العلاقات بين الدول.

معلومات إضافية

العدد رقم:
954
آخر تعديل على الإثنين, 24 شباط/فبراير 2020 13:05