هل خمدت نيران «الحرب» الإيرانية الأمريكية؟

هل خمدت نيران «الحرب» الإيرانية الأمريكية؟

كثر الحديث خلال الفترات الماضية عن احتمالية قيام «حرب» على إيران برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن ما تبيّن عملياً أنّ كل ما جرى الحديث عنه لم يكن أكثر من فقاعة انتهت عندما خسرت واشنطن رهانها على قدرة حرب الناقلات من إحراز تضييق على إيران، بل كانت النتائج وخيمة جداً بالنسبة لها. اليوم وبعد سلسلة الإحباطات التي تلقّتها واشنطن في «حربها» ضد إيران، واستمرار الأخيرة في تخفيض التزاماتها بالاتفاق النووي، يعود الحديث عن إجراء مفاوضات بين الطرفين ليتصدّر المشهد، وتكثر حوله التصريحات والتساؤلات حول مستقبل الملف النووي بعده.

انقسام أمريكي علنيّ

أكّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استعداد بلاده لعقد حوار مع نظيره الإيراني حسن روحاني، حيث من الممكن إجراء هذا اللقاء في نيويورك، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكان ترامب قد ألمح ضمن مؤتمر صحفي له عن إمكانية تخفيض العقوبات على إيران، حيث إنه لدى سؤاله عن رفع جزئي محتمل أجاب: «سنرى، سنرى». رؤية ترامب غير واضحة المعالم بَعْد بشأن الحوار مع إيران، أحدثت جدلاً واسعاً داخل الإدارة الأمريكية، كانت نتيجته «إضافةً لقضايا أخرى» إقالة مستشار الأمن القومي؛ جون بولتون، وذلك بعد معارضته لسياسة الحوار والمفاوضات مع إيران، وإصراره على منطق العقوبات واستخدام القوة، ليس في إيران فحسب، بل هذا مبدؤه في حل جميع القضايا والخلافات.
الانقسام الحاصل داخل الإدارة الأمريكية، والذي تحدثت عنه قاسيون مراراً وتكراراً بات واضحاً اليوم علناً وعلى لسان أفراد داخل الإدارة الأمريكية نفسها، وعلى الرغم من احتدام الصراع بين التيارين «الفاشي» و«الواقعي» والصدّ والردّ الذي يحدث بينهما بشكل مستمر، إلّا أنّ خيارات «الواقعي» تبدو أكثر منطقية وتلاؤماً مع ظروف الواقع الصعب الذي تعيشه الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما تثبته بادرة الحديث عن حوار مرتقب مع إيران.

تناقض داخل الكيان الصهيوني أيضاً

انقسام المركز لا شكّ سينسحب على الأطراف المتعلّقة به، بهذا الكلام يمكننا وصف التناقض والتغيّر السريع في المواقف لدى رئيس وزراء كيان الاحتلال، بنيامين نتنياهو الذي حذّر من المفاوضات مع إيران وأكّد على ضرورة فرض عقوبات جديدة أكثر صرامة، ليقوم بعد 24 ساعة بتغيير موقفه وسحب معارضته للاجتماع بين ترامب وروحاني، وذلك على اعتبار أنه «ليس له أن يحدد من يجتمع بهم ترامب« بحسب قوله. وهذا ما يشير إلى فشل محاولات نتنياهو في عرقلة الانفتاح الإيراني الأمريكي. وضمن سياق التخبطات والتناقضات ذاتها، أعلن وزير المالية «الإسرائيلي»، موشيه كحلونن أنه تلقّى ضمانات من مسؤولة أمريكية رفيعة المستوى بأن «واشنطن ستواصل انتهاج سياسة العقوبات ضد إيران ولا تنوي تخفيفها». في إشارة واضحة على مدى الصراع الدائر داخل الإدارة الأمريكية، وعدم قدرتها على اتخاذ موقف موحّد من عملية لم تبدأ بعد، ولا زال الحديث عنها في بداياته.

الأوروبيون متمسكون بالاتفاق

على الرغم من كل الضغوطات التي تعرّضت لها الدول المشاركة في الاتفاق النووي الإيراني بعد خروج الولايات المتحدة منه، لا تزال هذه الدول مجتمعة على أهمية هذا الاتفاق وضرورة الاستمرار فيه قدماً، وتأتي المواقف الأوروبية الأخيرة شاهداً على ذلك، حيث قدّمت فرنسا مقترحاً بتقديم خطوط ائتمان بـ15 مليار دولار لإيران حتى نهاية العام، مقابل عودة طهران إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي. هذا المقترح الذي لن يمرّ دون موافقة الولايات المتحدة عليه، وفق ما صرّح مسؤولون فرنسيون وأمريكيون، جاء كمحاولة للتهدئة من وطأة المواجهة بين إيران وأمريكا، وأشار الرئيس الأمريكي إلى قيامه بدراسة هذا المقترح. من جهته قال مصدر إيراني مطلع على المفاوضات «عرضت فرنسا خط الائتمان لكننا لا نزال نناقشه. ينبغي ضمان حصولنا على هذا المبلغ دون قيود، ويجب أن تكون إيران قادرة أيضا على بيع نفطها والحصول على الأموال العائدة منه». ضمن هذا السياق، يمكننا رصد تطوّر إيجابي في الملف النووي الإيراني، وإن كان غير واضح المعالم بعد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
931
آخر تعديل على الإثنين, 16 أيلول/سبتمبر 2019 12:48