كوريا «بلا واشنطن» قريباً

كوريا «بلا واشنطن» قريباً

من بين الملفات الدولية الهامة، لا تزال المسألة الكورية عالقة بلا أي جديد يذكر منذ حين، إلّا أن هذا الأمر لصالح كوريا نفسها رغم صبغة «التشاؤم والإحباط» التي يجري ترويجها بفشل حلها على إثر فشل قمة كيم- ترامب الأخيرة، وما نتج عنها، لكن في حقيقة الأمر أنه مع مرور الوقت يضعف دور واشنطن وتأثيره في هذا الملف، والذي كان تاريخياً المسبب الأساسي له، والمعيق الرئيس عن أي حلّ فيه.

لعلّ آخر التطورات الجزئية التي يمكن الوقوف عندها هو: تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بعد لقائه مع بوتين، حيث أعلن عن وجود توافقات بالمصالح المشتركة في شبه الجزيرة الكورية، وعدم انتشار الأسلحة النووية هناك، الأمر الذي يعني وجود تفاهمات بين الروس والأمريكيين في هذا الملف، وداعياً كوريا الديمقراطية إلى «التعاون والعمل بشكل وثيق مع روسيا» في هذا الإطار، الأمر الذي يوحي إلى حد ما بتنازل من قبل الأمريكيين عن هذا الملف ووزنهم فيه... فحين يدعو بومبيو كوريا إلى هكذا تعاون مع روسيا فهو يعني: إعلاناً بتراجع واشنطن عن الملف بفعل التطورات.

ما بعد محادثات بومبيو- بوتين

يبدو أن زيارة ترامب إلى اليابان في أواخر الشهر الماضي كانت لدعوتها إلى تفعيل دورٍ لها في عدد من الملفات، بعد غيابها في الفترة الماضية تقريباً، وقد أعلن ترامب خلال زيارته تلك، وفي تناقض مع تصريحات جون بولتون، أنه لا يعتبر التجربة الصاروخية الأخيرة التي نفذتها كوريا الشمالية مؤخراً انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، قائلاً: «لدي رؤية مختلفة للموضوع» وأشاد عدة مرات برئيس كوريا الديمقراطية كيم. أما فيما يخص اليابان بعد زيارة ترامب لها، فقد بدأت سريعاً بالتحرك والتدخل بعدد من الملفات الدولية، منها: وساطتها في الخلاف الإيراني- الأمريكي، بالإضافة إلى الملف الكوري، حيث أعلن آبي، رئيس وزرائها، بحثه مشكلة كوريا الشمالية مع ترامب، وعزمه على بحث «التحديات الدولية» و«خاصة كوريا الشمالية».

ردود كوريا

أما من الجانب الكوري، فهم لا يزالون متسمكين بحقوقهم دون مواربة أو تنازلات، حيث إنهم أوضحوا جدياً وبالملموس، نيتهم واستعدادهم للتعاون، ودفع الحل للأمام شريطة ألّا تكون التنازلات وحيدة الجانب، بل على الأطراف الثلاثة: كوريا الديمقراطية والجنوبية بنزع ترسانتها النووية، وعلى واشنطن رفع عقوباتها كاملة عن كوريا الديمقراطية، لكن الطرفين الآخرين لم يفعلا دورهما في هذا الصدد، مما أعطى للديمقراطية وزناً أكبر وأكثر حزماً في تعاملها، وترفع من سقف شروطها، حيث أكدت مؤخراً: إنها «لن تستأنف محادثاتها» النووية مع واشنطن إلّا في حال تبنت الولايات المتحدة نهجاً جديداً، ووصفت جون بولتون بعد تصريحاته حول تجاربها الصاروخية الأخيرة بأنه «متعطش للحرب». على العكس من تصريحات ترامب، مما يوضح الخلاف الجاري داخل الإدارة الأمريكية المنقسمة... إن هذه التطورات جميعها ومؤشراتها تؤكد حقيقة واحدة: أن وزن واشنطن في الملف الكوري قد انخفض على إثر خلافاتها الداخلية، وبناء على ذلك يصبح حله أكثر اقتراباً مما مضى.

معلومات إضافية

العدد رقم:
916
آخر تعديل على الإثنين, 03 حزيران/يونيو 2019 15:36