من مرحلة الهزائم الأمريكية إلى التنازلات
أحمد رافع أحمد رافع

من مرحلة الهزائم الأمريكية إلى التنازلات

بعد «تقرير مولر» في الشهر الماضي، بما يعنيه من إشارات سياسية نحو تنازل وتخفيف في الخلافات الأمريكية- الروسية، جرى في الفترة القريبة الماضية اتصال هاتفي بين رئيسي البلدين، تلاه بعد أسبوع لقاء جمع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لينتهي بمخرجات وتفاهمات جديدة كلياً، عكس كل التصعيد الأمريكي السابق على مختلف الملفات.

جرى اللقاء في 14 من الشهر الحالي في مدينة سوتشي الروسية وأعرب الطرفان الروسي والأمريكي عن إيجابيته، فقد أكدوا العمل على استعادة العلاقات الكاملة بين البلدين، ومن الملفات التي صُرّح عن نقاشها في الاجتماع كان الرئيسي منها سورية، بالإضافة إلى كوريا الديمقراطية وفنزويلا.

مخرجات اللقاء

وصف مايك بومبيو اللقاء بأنه «مثمرٌ للغاية» وأعلن الطرفان عن اتفاقهما على الدفع بالملف السوري قدماً نحو الحل السياسي ووفقاً للقرار الدولي 2254، وعن ضرورة إطلاق عمل اللجنة الدستورية لما تمثله من خطوة أولية ضرورية اتجاه إطلاق الحل السياسي في سورية. ومن اللافت في أحد تصريحات بومبيو قوله عن العملية السياسية وفق القرار 2254 «التي تمّ تعليقها»، جرى بحث المسألة الكورية حيث صرّح بومبيو أنّ «الجانب الأمريكي مستعد لمواصلة العمل مع بيونغ يانغ»، وحول فنزويلا أكد الرئيس الروسي: أن سلوك واشنطن نحو التدخل في فنزويلا وفرض أمر من الخارج عليها شيء خطير، ويدفع لتدهور الأوضاع أكثر... كما جرى بحث مسائل الاستقرار الإستراتيجي، ومعاهدة الحد من انتشار الأسلحة الإستراتيجية الهجومية.

اللقاء كمحصلة ظروف وتطورات

تلقت واشنطن قبيل هذه التفاهمات الأخيرة عدة صفعات وهزائم جديدة دولياً في مختلف الملفات: فقد جرى ردع وكبح مآرب واشنطن في فنزويلا بتغييرها لحكومة مادورو، وخاصة بذروة التصعيد هناك في الشهرين الماضيين بإطلاق محاولة الانقلاب الفاشلة، وفي الملف الإيراني حيث التصعيد اتجاهها يدفع واشنطن لموقع أكثر ضعفاً، وفي الملف السوري تحريك مسألة إدلب العالقة والدفع بها على إثر التصعيد بوضعه على طاولة الحلّ مباشرةً، وفي تراجعها عن المسألة الكورية بعد فشل القمة الأخيرة التي جمعت ترامب وكيم بإخلاء الساحة للنشاط الصيني في الملف، وأخيراً، التهدئة والتقارب بين الهند والباكستان بعكس المصلحة الأمريكية فيها.
نصر لسياسات القوى الجديدة
إن هذه المقدمات جميعها، والتي أفضت إلى المبادرة الأمريكية باتجاه التقارب مع روسيا تحت ضغط الظروف، تُشكل نصراً مفصلياً جديداً لسياسات القوى الصاعدة والرئيسة منها: روسيا والصين عبر «إخماد الحرائق» والعمل بآلية «الحلول السياسية» التي تتقاطع بمصالحها مع مصالح جميع دول العالم في ظل الأزمة الرأسمالية التي تجري في المركز الغربي الأمريكي، وتشتد يوماً تلو الآخر وصولاً لاقترابها من ذروتها بانفجار، حيث يشكل هذا الأمر العامل الضاغط الأساسي على واشنطن ببدء «حلحلة» المسائل العالقة مع روسيا، والتخفيف من وطأة الحرب التجارية مع الصين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
914
آخر تعديل على الإثنين, 20 أيار 2019 13:23