التصعيد الأخير في غزة، الأسباب والذرائع
أحمد رافع أحمد رافع

التصعيد الأخير في غزة، الأسباب والذرائع

تصعيدٌ جديد بين قوات الاحتلال والمقاومة الفلسطينية بدأته «إسرائيل» يوم الجمعة الماضي، واستمر ثلاثة أيام، راح ضحيته 25 شهيداً فلسطينياً و154 مصاباً، من خلال استهداف العدوّ لأبنية سكنية ومنازل وأراض زراعية في قطاع غزة.

يأتي هذا التصعيد عقب عدة تطورات سياسية وتشديد الحصار على قطاع غزة تبعها تهديدات متبادلة كانت شرارتها وذريعة تصعيد العدوان الإسرائيلي فيها إطلاق «بالونات» متفجرة من قطاع غزة تسببت في نشوب حرائق في بلدات محيطة.

الخلفيات التي سبقت التصعيد

جرت وتجري محاولات ضغطٍ على الفلسطينيين والفصائل الفلسطينية لدفعهم نحو مواقع أضعف وللقبول بما أُسمي «صفقة القرن» غير المعلن عن تفاصيلها بعد، والتي تأتي كمحاولة أمريكية لاستمرار وجودها في ملف الصراع الإسرائيلي العربي في مواجهة الجانب الروسي فيه، حيث أعلن الأخير مراراً أنه لا حلّ سوى «حلِّ الدولتين» وكان آخرها وضوحاً تصريح مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، في أواخر الشهر الماضي بأنهُ «من الضروري تكثيف الجهود الدبلوماسية الجماعية فوراً... لتحقيق الحل الوحيد القابل للحياة، ألا وهو حل الدولتين الناجم عن مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين». الأمر الذي يمثل تهديداً جدياً لوجود الكيان الصهيوني في المنطقة والولايات المتحدة من خلفه.
ومن جانبٍ آخر، فإن الحراك الشعبي الفلسطيني عبر «مسيرات العودة» التي انطلقت منذ أكثر من سنة، تشكل تهديداً إضافياً على «إسرائيل» بما تفعله من ضغطٍ مباشر على مجمل الأطراف «الإسرائيلية» والفلسطينية، بالإضافة إلى مطالب الحراك وضغطه على الفصائل الفلسطينية نفسها نحو حلّ خلافاتها والتوحد فيما بينها مما يضع الكيان الصهيوني بخطر أكبر إثر ذلك، ويبحث عن أية ذريعة لشنّ تصعيد وعدوان يقمع عبره الحراك الفلسطيني ويدفع لزيادة التقسيم بين الفصائل.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن فوز «الليكود» بعد الانتخابات يأتي سبباً ثالثاً رغم أنه غير أساسي، بالاستفادة من التصعيد العسكري مع الفلسطينيين، لتثبيت مواقعه وافتعال حربٍ تطغى على صوت المعارضة داخلاً.

التصعيد، والتهدئة

جرى بذريعة «البالونات» إطلاق حملة قصف مدفعيّ وجوّي من قِبل قوات الاحتلال، راح ضحيته عشرات الفلسطينيين المدنيين، بالإضافة إلى عددٍ محدود من الاغتيالات التي طالت عناصر من فصائل المقاومة الفلسطينية، بينما ردّت الأخيرة بقصف مقابل وقامت بعمليات عسكرية نوعية، كان أبرزها ما قامت به «كتائب القسام» يوم الأحد بإطلاقها صاروخ موجّه «كورنيت» على عربة وناقلة جنود عسكرية لقوات الاحتلال شمال قطاع غزة أدت إلى تدميرها. بالإضافة إلى إطلاق «سرايا القدس» التابعة لحركة «الجهاد الإسلامي» صواريخ
«بدر3» لأول مرة وحققت أهدافاً مباشرة.
وعلى إثر التصعيد المتبادل أعلنت «إسرائيل» وقف تزويد قطاع غزة بالوقود وإعلان حالة طوارئ في صناعة الغاز الطبيعي، كتشديد للحصار على القطاع ومحاولة لشلّ نشاطه.
لينتهي التصعيد أخيراً من خلال «وساطة مصرية» بين الطرفين، يوم الاثنين، بعد التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية في غزة و«إسرائيل»، حيث ذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن وقف إطلاق النار تم بشرط أن يكون متبادلاً ومتزامناً، وأن تقوم «إسرائيل» بتنفيذ تفاهمات كسر الحصار عن قطاع غزة. وأعلن جيش الاحتلال في بيان يوم الاثنين، البدء في رفع القيود التي تم فرضها في وقت سابق على سكان المناطق المحاذية لقطاع غزة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
912
آخر تعديل على الأربعاء, 08 أيار 2019 13:29