أمريكا اليوم مجتمع أقل حرية وأقل إدراكاً
بول كريغ روبرتس بول كريغ روبرتس

أمريكا اليوم مجتمع أقل حرية وأقل إدراكاً

أتساءل: كم من الناس، وليس الأمريكيون فقط، بل أولئك الذين في البلدان الأخرى، توصلوا إلى استنتاج مفاده: أن الولايات المتحدة اليوم مجتمع أقل حرية وأقل إدراكاً من المجتمعات البائسة المذكورة في روايات القرن العشرين. ومثلما لم يكن لدى الناس في هذه الروايات أية فكرة عن وضعهم الحقيقي، فإن القليل من الأمريكيين لديهم الفكرة الواضحة عن وضعهم.

ماذا سنفعل بجرائم الحرب غير العادية التي ارتكبتها الولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين والتي دمرت سبع دول بأكملها أو أجزاء منها، مما أدى إلى ملايين القتلى واليتامى والمشردين والنازحين؟ لنأخذ على سبيل المثال أحدث جريمة لواشنطن، وهي: الهجوم غير القانوني على سورية. وبدلاً من الاحتجاج على عدم قانونية هذا الأمر، قامت وسائل الإعلام الأمريكية بتشجيع ذلك، مبتهجة بالموت والدمار الوشيك.
منذ بداية القرن الحادي والعشرين، استمرت «إسرائيل» بدعمٍ من واشنطن بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني. وكل ما تبقى من فلسطين هو قطاع غزة، الذي يتم قصفه بشكل روتيني من قبل «إسرائيل» باستخدام أموال وأسلحة مقدمة من واشنطن. وعندما يتم الإعلان عن قصف قطاع غزة يذهب الشعب «الإسرائيلي» الذي يصنف نفسه كشعب الله المختار ليتنزه على التلال المطلة على غزة، ويصفق بينما يقتل الجيش «الإسرائيلي» النساء والأطفال. هذا هو حليف أمريكا الوحيد.
إن الجرائم التي ترتكبها «إسرائيل» والولايات المتحدة مروعة، ولكنها تواجه القليل من المعارضة فقط. وعلى النقيض من ذلك فإن هجوماً مزعوماً قيل إنه أودى بحياة 70 سجيناً، قد بدأ بتحريك عجلة الحرب. تقوم «إسرائيل» بشكل روتيني بقصف أهداف سورية وتقتل السوريين، وتدعم الأسلحة الأمريكية المتمردين الذين أرسلهم نظام أوباما للإطاحة بالدولة السورية، مما أسفر عن قتل أعداد كبيرة من السوريين. فلماذا تهتم واشنطن فجأة لأمر 70 سورياً؟
وفقاً لتقارير واشنطن، فقد دمر صاروخان أو ثلاثة مرافق أسلحة كيميائية سورية مزعومة، بواسطة هجوم صاروخي من جانب واشنطن. فكر في هذا لدقيقة، إذا كانت واشنطن قد قصفت منشآت الأسلحة الكيميائية، فإن سحابة كبيرة من الغاز القاتل سوف تنطلق. وسيكون الضحايا من المدنيين أعلى بكثير من السبعين مدنياً الذين كانوا ضحايا الهجوم الكيميائي المزعوم، والذي استخدمه ترامب كذريعة لجريمة الحرب التي يرتكبها ضد سورية.
لو كانت هناك إصابات فإن هجوم واشنطن سيكون جريمة أعظم بكثير من الهجوم الكيميائي المزعوم الذي استخدمته واشنطن كذريعة لعدوانها. على ما يبدو، إن الإعلام الأمريكي عبارة عن مجموعة من الناس غير الأخلاقيين، والذين لم يدركوا أن هجوم أمريكا على مصانع الأسلحة الكيميائية، إذا كان موجوداً بالفعل، هو بمثابة هجوم كيميائي على سورية.

إذا كانت واشنطن قد أعلنت أنها قصفت منشآت الأسلحة الكيميائية في بلد آخر عقاباً لاستخدامها المزعوم لهذه الأسلحة، فأين ضحايا هجوم واشنطن على هذا البلد؟ هل هناك آلاف القتلى من الغاز الكيميائي الذي تسبب هجوم واشنطن بإطلاقه؟ هل المستشفيات مملوءة بالقتلى والجرحى؟
لم يعد المراسلون مضطرين للتحقق من المصادر، لأنه لم يعد هناك صحافة في أمريكا. فعندما سمح نظام كلينتون بتركيز 90% من وسائل الإعلام الأمريكية المستقلة والمتنوعة في أيدي ست شركات سياسية، كانت تلك نهاية الصحافة في أمريكا.
ويمكن اليوم أن أقول: إن الولايات المتحدة هي الآن دولة شرطة، يتم فيها التحكم بجميع المعلومات وتدريب السكان على تصديق كل الدعايات التي تصدرها الحكومة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
912