أوكرانيا عرضٌ هزلي بعنوان «انتخابات»
يزن بوظو يزن بوظو

أوكرانيا عرضٌ هزلي بعنوان «انتخابات»

بعد حوالي 5 سنوات على انفجار الأزمة الأوكرانية لا تزال البلاد تعيش حالة من التوتر في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية، لتتوج الآن بانتخاباتٍ سوف تُفضي إلى واحدٍ من طريقين...

شهدت أوكرانيا أحداثاً عدة متسارعة في نصف العقد الماضي، عناوينها الرئيسة الثلاثة: عودة شبه جزيرة القرم بعد إجراء استفتاء شعبي فيها إلى الانضمام إلى روسيا الاتحادية، وانقلاب في السلطة السياسية، وإعلان كل من دونيتسك ولوهانسك جمهوريات مستقلة من جانب واحد عن أوكرانيا بعد مواجهات عسكرية لا تزال مستمرة حتى الآن.

لمحة من الماضي

تراكمت في أوكرانيا العديد من التناقضات التي لم يجرِ حلها، اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي واستقلالها، استغلّها الغرب عموماً وعلى رأسها أمريكا في حربه المستمرة ضد الشرق وروسيا تحديداً من جهة، وبؤرة توتر قابلة للانفجار حين الضرورة من جهة أخرى، أما من الناحية الشرقية فكان الخطاب يدعو ضمن أُطر الحوارات والتهدئة والحلول السياسية... بعد أن انفجرت الأزمة الرأسمالية في 2008 تدهورت الحالة المعيشية للشعب الأوكراني أكثر، ولا يزال يعيش آثارها حتى اليوم، هذا التدهور دفع بالشعب الأوكراني لإعادة النظر في سياسة حكوماته المتعاقبة، وفي حل التناقضات السابقة، مما دفع في عام 2013 الرئيس الأوكراني آنذاك إلى تعليق حكومته توقيع اتفاقية للتجارة الحرة والشراكة مع الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي تمّت مواجهته بانقلاب سياسي في البلاد لمصلحة القوى الليبرالية المتشددة ومن خلفها الغرب، أدخلتها في أزمة سياسية واجتماعية مستمرة حتى الآن. لكن مع تعمّق الأزمة الرأسمالية وفرض آلية التراجع على رأس هرمها، الولايات المتحدة الأمريكية، وضعف أدوات هيمنتها اقتصادياً وسياسياً، أُفسح المجال مؤقتاً في حينه لتُجري شبه جزيرة القرم استفتاءً شعبياً كانت نتيجته انضمامها إلى روسيا الاتحادية، وإعلان كل من دونيتسك ولوهانسك جمهوريات مستقلة بعد مواجهات عسكرية مع كييف.

ليبرالية أكثر، تدهور أكثر

بعد الانقلاب السياسي، وإجراء انتخابات شكلية في حينه تسلّم رجل الأعمال الأوكراني «بترو بوروشنكو» رئاسة البلاد بسياسات ليبرالية جديدة، تسببت في تدهور معيشي أكثر للشعب الأوكراني، ومن الناحية السياسية داخلياً لم تعترف حكومته بالإدارة الذاتية لكل من دونيتسك ولوهانسك محافظةً على أجواء متوترة معهما، وأدت السياسات الخارجية التابعة للغرب إلى دخول البلاد في مواجهة مباشرة مع روسيا الاتحادية حول وبذريعة شبه جزيرة القرم، أما من الناحية الاقتصادية فتم تعليق وعرقلة عددٍ من الاتفاقيات التجارية بين أوكرانيا وروسيا، أهمها ما يخصّ مادة الغاز.

انتخابات هزلية

توضّح نتائج التصويت الحالية لحملة المرشحين الـ39 للرئاسة الأوكرانية ضعف الرئيس الحالي «يوروشينكو» الذي حظي بنسبة 17% تقريباً، لكن الأمر الساخر والذي يعكس الحالة العامة اتجاه هذه الانتخابات بمرشحيها هو حصول «الفنان الهزلي فلاديمير زيلينسكي» على أعلى نسبة أصوات بلغت 30%. بالإضافة إلى حرمان 2,5 مليون أوكراني من التصويت في الانتخابات بسبب قرار لجنة الانتخابات المركزية الأوكرانية إغلاق مراكز الاقتراع على الأراضي الروسية.

مساران بنهاية واحدة

إن هذه الانتخابات كما تبدو حتى الآن لن تغيّر شيئاً ولا يعوّل عليها، سوف تفضي الآن أو لاحقاُ إلى عودة الحراك الشعبي في أوكرانيا ضمن مسارين: استمرار المواجهة والقمع السياسي من قبل الحكومات الليبرالية المتعاقبة إلى حين إنجاز تغيير في السلطة السائدة بقيادات سياسية جديدة... أو الدخول ضمن آليات التسويات السياسية من قبل الحكومة الأوكرانية وفك حالة الارتباط والتبعية عن الغرب.

معلومات إضافية

العدد رقم:
907
آخر تعديل على الإثنين, 01 نيسان/أبريل 2019 13:28