المقاوم المشتبك يتجدد... الشعب لا يُكبّل
عليا نجم عليا نجم

المقاوم المشتبك يتجدد... الشعب لا يُكبّل

عملية نوعية جديدة ضد الاحتلال حدثت في الضفة الغربية يوم الأحد 17 آذار الجاري، أكدت من جديد فشل رهان العدو الصهيوني ومن في صفه على إخضاع الشعب الفلسطيني.

بالقرب من مستوطنة «أريئيل» اقترب من جندي صهيوني فطعنه بسكين واغتنم سلاحه، استولى على سيارة وتحرك بها مطلقاً النار على تجمع لجنود الاحتلال، ليقترب من تجمع ثانٍ لمتطرفين صهاينة، فيطلق النار أيضًا، ليصيب حاخاماً عسكرياً، يستمر في طريقه ليدخل مستوطنة بركان، ويشتبك مع جنود هناك، ثم يقرر الانسحاب بعد أن أصيب في كتفه، يختفي عن الأنظار، لترتعد «إسرائيل» بكل ما فيها ومن فيها. هو الشهيد عمر أبو ليلى، ذو الـ19 عاماً، بطل عملية سلفيت.

إرباك العدو مستمر في الضفة

العملية استدعت استنفار العدو بأجهزته الأمنية وحرس الحدود والقوات الخاصة، وشن الاعتقالات والمداهمات، وتجنيد العملاء والجواسيس، ليكون الاشتباك الرابع والأخير للشهيد عمر أبو ليلى بعد يومين، عندما حاصرته قوات خاصة للجيش الصهيوني في قرية عبوين شمال رام الله، حيث اعترف الاحتلال بأن عمر رفض تسليم نفسه وأطلق النار باتجاه القوة الخاصة التي حاصرته.
اعتبرت عملية سلفيت اختراقاً جديداً لمنظومة الأمن «الإسرائيلية» في أكثر مناطق الضفة اكتظاظاً بالاستيطان، وإرباكاً جديداً للعدو من خلال سلسلة العمليات التي حدثت مؤخراً في الضفة، واستطاع منفذوها قتل جنود صهاينة ومن ثم الفرار.
عمر أبو ليلى سبقه في الضفة الغربية باسل الأعرج وأشرف نعالوة وأحمد الجرار وصالح البرغوثي وغيرهم من الشبان الذين أضحوا أيقونات جديدة للمقاومة، مؤكدين فشل منظومة الاحتلال والتنسيق الأمني واتفاقيات أوسلو والمنظمات غير الحكومية على ترويض جيلهم وتكبيله بالرؤى والمفاهيم الخادعة. حيث يُؤمن هؤلاء كما غالبية الشعب الفلسطيني بأن الحقيقة واضحة كما الشمس، وأن المقاومة والضغط على العدو هو المسار الإجباري للتحرير وتحصيل الحقوق.

اتساع دعوات مقاطعة انتخابات الكنيست

أما في شمال فلسطين، في الأراضي التي احتلت عام 1948، يتكامل النضال الفلسطيني بشكله الخاص مع أشكال المقاومة الأخرى في الضفة وغزة. إذ تتسع الحملة الشعبية لمقاطعة انتخابات الكنيست الصهيوني المقررة في شهر نيسان المقبل، انطلاقاً من ضرورة تعرية الكيان الصهيوني وادعاءاته بالديمقراطية، ومن أن المشاركة العربية في الكنيست تضفي على الكيان اعترافاً وشرعية، ومن جهة أخرى يرى الكثيرون أن اتساع حملة المقاطعة تعني من جهة أخرى تعبيراً عن فشل الأحزاب العربية في الداخل بتحقيق الاختراق والإنجاز المطلوب. يأتي هذا في ظل التطورات التي تشهدها الأراضي الفلسطينية سواء فيما يتعلق بالحراك الشعبي المتصاعد في الضفة وغزة، أو في تصعيد الاحتلال من خلال قانون القومية اليهودية، أو بإعلان القدس عاصة للكيان الصهيوني، والحديث الجاري عن صفقة القرن.

غزة.. حراك على عدة جبهات

من جهة أخرى، وفي غزة تستمر فعاليات مسيرات العودة وكسر الحصار والإرباك الليلي للعدو الصهيوني، ففي الجمعة الأخيرة من العام الأول لمسيرة العودة والتي صادفت يوم الجمعة الماضي، شارك الآلاف في جمعة «المسيرات خيارنا» مؤكدين استمرارهم بالتظاهر وأنهم يُعّولون على تظاهرات مليونية خلال الفترات القادمة، كما أكد قائمون على المسيرات لوسائل الإعلام بأنه يجب التوسيع الدائم للاشتباك مع العدو الصهيوني سواء على الأرض أو على صعيد المؤسسات الدولية.
هذا إلى جانب حراك «بدنا نعيش» احتجاجاً على الأوضاع المعيشية في غزة، الذي أوضح البيان الصادر باسمه بأنه موجه إلى كل من حركة «حماس» في غزة وإلى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بالإضافة إلى كل الأحزاب والفصائل الأخرى في غزة، وأن الحراك يمثل جميع فئات الشعب الفلسطيني، وهدفه الاحتجاج سلمياً على زيادة الضرائب، والمطالبة بإنهاء التحكم بالأسعار والاحتكار من قبل قوى السوق، والعمل على إيجاد فرص العمل، مطالبين الأجهزة الأمنية في القطاع بالوقوف إلى جانب الجماهير ودعم حقها في التظاهر.
وفي ظل هذا الحراك الشعبي المتصاعد على كافة أجزاء الأراضي الفلسطينية لا يزال أداء القيادات والفصائل الفلسطينية دون المستوى المطلوب، ولا يلبي ما يطمح إليه الشعب الفلسطيني وحراكه على الأرض، بل أكثر من ذلك أصبح يشكل عائقاً وكابحاً أمام نضالات الشعب الفلسطيني غير المحدودة، سواء من خلال ما تقوم به بعض تلك الفصائل من قمع للاحتجاجات، أو من خلال تعقيد ملف المصالحة وتسويفه، فقد ساءت مؤخراً العلاقات بين حركتي «فتح» و«حماس» على خلفية حراك «بدنا نعيش» وتبادلت الحركتان الاتهامات.
لتزداد يوماً بعد يوم الضرورة القائلة: إن قيادات ونخباً جديدة ستخرج من قلب الحراك الشعبي، لتكون ممثلاً حقيقياً له. ومع ازدياد ضغوطات الاحتلال فإن مستوى الحراك الشعبي وعمليات المقاومة خلال الفترات المقبلة ستكون في منحى تصاعدي، مما يزيد من فرص التغيير والتحرير بالاستفادة من الوضع الدول الناشئ الذي تتراجع فيه قوى الحرب والفوضى، وتزداد فيه إمكانية تحقيق الحلول العادلة وإرادة الشعوب.

معلومات إضافية

العدد رقم:
906
آخر تعديل على الأربعاء, 27 آذار/مارس 2019 14:35