هل تزيد الحكومة الجديدة من الانقسام الفلسطيني؟

هل تزيد الحكومة الجديدة من الانقسام الفلسطيني؟

شهدت الساحة الفلسطينية، خلال الأيام الأخيرة، تطوراً على صعيدين اثنين، الأول: هو إيقاف قانون الضمان الاجتماعي تحت ضغط شعبي، والثاني: هو استقالة الحكومة الفلسطينية عقب اجتماع اللجنة المركزية لحركة «فتح».

استطاعت الاحتجاجات التي شهدتها مدن فلسطينية عدة، دَفْع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إلى إصدار قرارٍ ينص على وقف نفاذ قانون بشأن الضمان الاجتماعي وتعديلاته، وعلى استمرار الحوار بين جميع الجهات ذات العلاقة، من أجل الوصول إلى توافق وطني حوله، وهو ما يمكن مبدئياً وصفه بانتصار شعبي وخطوة إلى الأمام.
أما الخطوة الأخرى للخلف، والتي لا تتوافق مع الإجماع الشعبي لإنهاء الانقسام، فهي الدعوات التي خرج بها اجتماع اللجنة المركزية لحركة «فتح»، والقاضي بتشكيل حكومة سياسية من فصائل منظمة التحرير وشخصيات مستقلة، الأمر الذي تبعه وضع الحكومة الفلسطينية برئاسة رامي الحمد الله نفسها تحت تصرف عباس، وتقديم استقالتها.
يكمن الإشكال في طرح «فتح»، بأنه حصر تشكيل الحكومة الفلسطينية بالفصائل المنضوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية، والتي لا تشمل حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، مما يعزز من الخلافات والانقسام الداخلي. وفي التوقيت، الذي يسبق بحوالي الأسبوعين، اجتماع الفصائل المقرر في موسكو لدفع ملف المصالحة إلى الأمام.
تحاول «فتح» تنفيذ مقترحها من خلال المشاورات مع الفصائل الأخرى في المنظمة، إلّا أن كلاً من الجبهتين «الشعبية» و«الديمقراطية»، الفصيلين الأساسيين في المنظمة، عبرتا عن رفضهما الدخول في هذه العملية.
إذ أكدت «الجبهة الشعبية» رفضها المشاركة في أية حكومة فصائلية تحت سقف «أوسلو» وقبل انتخاب مجلس وطني جديد، كذلك «الجبهة الديمقراطية» أعلنت عدم مشاركتها في الحكومة المذكورة لأنها لا تندرج في أولويات القضية الفلسطينية والتصدي لـ«صفقة القرن» الأمريكية.
أما «حماس» فقد اعتبرت الأمر ضربة جديدة، وانتهاكاً آخر من حركة «فتح»، يقف ضد كل مبادرات المصالحة الفلسطينية، وأن الاستمرار بهذه الخطوات سيفضي إلى فَصْل الضفة الغربية عن قطاع غزة، والمستفيد الأكبر هو الكيان الصهيوني.
ليس من الواضح بعد أن كانت «فتح» ستنجح في الوصول إلى توافقات مع الفصائل الأخرى لتشكيل الحكومة المذكورة، لكن المواقف المعلنة حتى الآن تشير إلى أن احتمال نجاح هذه الأمر ضعيف جداً، وهذا ما يضع «فتح» والسلطة الفلسطينية أمام خيارين، إمّا الإمعان في فرض سياساتها الأحادية، وبالتالي تعميق الانقسام وإضعاف الداخل الفلسطيني، في ظل ما يحيط بالقضية من تحديات، وإما الامتثال لإرادة الأغلبية والعدول عن قراراتها.
وبكل الأحوال فإن سلوك القوى السياسية الفلسطينية يبدو بعيداً بأشواط عن سلوك الشعب الذي يخوض نضالاته وانتصاراته موحداً، سواء من خلال إجماعه على إسقاط قانون الضمان الاجتماعي، أو من خلال معركة الوحدة والكرامة التي يخوضها الأسرى، أو حتى فعاليات «العودة وفك الحصار» في غزة، والاشتباك مع العدو في الضفة الغربية. أضحى الانقسام اليوم عدواً رئيسياً للشعب الفلسطيني، وعليه إن لم تستطع القوى الفلسطينية إيجاد الحل، فإن الشعب سيدفع بقواه الخاصة للتغيير عاجلاً أم آجلاً.