مبادرة «الحزام والطريق» رافعة لأفغانستان

مبادرة «الحزام والطريق» رافعة لأفغانستان

كتب، بيتر كورزن، مقالاً يتناول فيه المصالح الصينيّة في أفغانستان، والتي يعد استقرارها واحداً من أهم عوامل استكمالها لمشاريع مبادرة الحزام والطريق في المنطقة، والتي يمكن أن تدفع الصين إلى بناء قاعدة عسكرية لها هناك.

بدأ الكاتب بالقول: «يحاذي إقليم باداخشان الأفغاني حدود مقاطعة زينجيانغ أوغور الصينيّة ذات الحكم الذاتي. ولطالما كانت شرياناً يصل الشرق بالغرب ضمن ما يعرف بطريق الحرير القديم. يتم اليوم إحياء ذلك الطريق عبر مبادرة الحزام والطريق الصينيّة، والتي دفعت نحو إنشاء بنى تحتية كبرى في أفغانستان وآسيا الوسطى، والمصممة لتعزيز مصالح بكين في المنطقة».
استقرار أفغانستان من مصلحة الصين
تحدث الكاتب عن وضع البلاد قائلاً: «تعدّ أفغانستان موطناً لكمٍّ كبيرٍ من المواد الخام التي يمكن أن تستوردها الصين. تستثمر بكين حوالي 55 مليار دولار في الجارة باكستان، وتخطط لإنشاء ممر اقتصادي يمتدّ ليصل إلى بحر العرب. سينشط الحزام والطريق الاقتصاد العالمي، وسينفع أفغانستان أيضاً. تعدّ الصين أكبر شريك تجاري ومستثمر في أفغانستان. ولهذا فإنّ الاستقرار في أفغانستان هو في مصلحة الصين، لكن هنالك أمل ضئيل بقيام الولايات المتحدة بمنحها ذلك. لم تحقق واشنطن هناك أيّة مكاسب رئيسة منذ عام 2001. كانت هنالك عواصف وسُحب في الأفق، وتغيير في التكتيك والاستراتيجية، والكثير من الطروحات حول كيفيّة الاستفادة من الحرب. لكنّ الاقتصاد الأفغاني في حالة كارثية: فالمخدرات هي نوع العمل الوحيد الذي يزدهر هناك. وحتّى الآن لم تعلن إدارة ترامب عن موجز سياستها المنتظرة طويلاً في أفغانستان، وذلك رغم حقيقة أنّ لديها هناك 8400 جندي أمريكي على الأقل، وسيتم زيادة عددهم كذلك عمّا قريب. والعلاقات بين واشنطن واللاعبين الآخرين، مثل باكستان، في حالة فوضى عارمة».
الممر الصيني- الباكستاني
ويعدّ عدم استقرار أفغانستان عاملاً مهدداً للممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، وهو أحد العناصر الهامة في مبادرة الحزام والطريق. فكما يقول الكاتب: «تدهورت العلاقات الأفغانيّة- الباكستانيّة عام 2017 على إثر اتهامهما لبعضهما البعض بدعم الجهاديين في المناطق الحدودية. تعمل بكين جاهدة كي تحسن العلاقات بينهما. فقد عقدت ثلاثة لقاءات بين وزراء الخارجية عام 2017. وكانت إحدى نتائج المباحثات إنشاء طرق لتعزيز التعاون في مجالات عدّة. ويتوقع عقد لقاء آخر هذا العام في كابول». كما تحدث المقال عن حركة «شرق تركستان الإسلامية»، وهي الحركة القومية من إقليم زينجيانع، والتي اكتسب مقاتلوها خبرة عسكرية في قتالهم إلى جانب طالبان وغيرها من الميليشيات المتطرفة، وعن عدم رغبة بكين بعودة هؤلاء المقاتلين إلى البلاد خشية انخراطهم في نشاطات إرهابية.
ويتحدث المقال كذلك عن المساعدات العسكرية التي تقدمها روسيا والصين إلى دول آسيا الوسطى. حيث تؤمن كلتا الدولتين بأنّ منظمة شنغهاي للتعاون يمكنها أن تسهم في تحقيق سلام جوهري مستدام.
قاعدة صينية في أفغانستان؟
ويشرح المقال: «قد تشعر الصين بأنّ مصالحها في المنطقة قويّة بما يكفي لتبرير انخراطها العسكري خارج حدودها. فقد أعلن مسؤولون حكوميون أفغان عن نيّة الصين بناء قاعدة عسكرية لها في باداخشان. وأنّ المفاوضات حول التفاصيل التقنية سوف تبدأ قريباً. ستكون الأسلحة والمعدات صينيّة، ولكنّ المقاتلين في المنشأة سيكونون من الأفغان. سيتم إحضار المعدات الثقيلة عبر طاجكستان. ليس هنالك شكّ في أنّ الخبراء الصينيين وغيرهم سيأتون أيضاً من أجل الإشراف على التدريب والمساعدة في تنفيذ المهام. وقد صرّح نائب رئيس لجنة الصين المركزية العسكرية: زو كيليانغ، بأنّه يتوقع أن يتمّ إنشاء القاعدة والانتهاء منها في 2018».
خاصّة وأنّ قوات طالبان استطاعت عام 2017 السيطرة مؤقتاً على منطقتي إيشكاشيم وزيباك التابعتين لباداخشان. فبعد عقد اتفاق مع القادة العسكريين المحليين للمنطقة، يقضي منحهم حصّة من إنتاج اللازورد هناك، مقابل وقف الأعمال العدائية، نشبت نزاعات بين المجموعات العسكريّة المحلية، فتحينت الطالبان الفرصة للتدخل، وبات وجود الإسلاميين في الإقليم مسألة تثير قلق بكين، وخاصة من ناحية أمن الحدود.
وينهي الكاتب بالقول: «المسألة الآن هي: إلى أيّ مدى تتحضر الصين للذهاب بعيداً؟ حتّى الآن، ليس لديها سوى نشاط عسكري محدود يقتصر على قيام بضع فرق عمليات خاصة تجوب ممر واخان. ولهذا فإنّ إنشاء قاعدة عسكريّة صينيّة في البلاد، سيظهر أنّ بكين جاهزة لتوسيع حضورها في المنطقة، لتكون بديلاً أكثر فاعلية من الولايات المتحدة. تملك الصين في يدها ورقة سوء العلاقة بين الولايات المتحدة من جهة، وبين روسيا وباكستان من جهة ثانية، بينا تملك بكين علاقات طيبة مع روسيا وباكستان. كما أنّ بكين تمثّل منظمة شنغهاي للتعاون، وهي منظمة دوليّة كبيرة تضمّ لاعبين مثل: تركيا وإيران والهند وباكستان ودول وسط آسيا. لقد قام الرئيس بوتين العام الماضي بمبادرة إحياء «مجموعة اتصال المنظمة الخاصة بأفغانستان»، والتي كانت متوقفة منذ 2009. وترعى روسيا جهود فتح حديث مباشر بين الحكومة الأفغانيّة وطالبان بالسرعة الممكنة، وتدعم بكين الفكرة. فالدولتان في قارب واحد».