البحرين.. بيان من المنبر التقدمي

مرت في الرابع عشر من فبراير الماضي الذكرى الأولى لاندلاع التحركات التي شهدتها البحرين في فبراير/مارس من العام الفائت، والتي رفعت لحظة انطلاقها المطالب المشروعة بالمزيد من الحقوق الدستورية والحريات السياسية وتحقيق الفصل الحقيقي بين السلطات.

وقد شارك المنبر التقدمي في تلك التحركات منطلقاً من موقفه المتمسك بأساليب الاحتجاج السلمي، وتوجيه الجهود نحو أهداف الإصلاح السياسي والدستوري، ومن أجل توفير مستلزمات بناء المملكة الدستورية التي نص عليها ميثاق العمل الوطني والبرنامج السياسي ل«التقدمي»، باعتماد الآليات الديمقراطية لإنجاز تغيير إداري جذري يُحقق المشاركة الشعبية، ويبني أجهزة الدولة على معايير الكفاءة والنزاهة وصون حُرمة المال العام.

كان يمكن لتحرك فبراير/ مارس الماضيين أن يشكل فرصة سانحة للدفع بإصلاحات سياسية ودستورية جذرية، تحت زخم التحرك الشعبي والمتغيرات في المحيط العربي وتنامي النضال من أجل الديمقراطية في البلدان العربية، ولكن هذه الفرصة أعاقتها عوامل عدة، في مقدمتها الذهنية الأمنية التي تعاملت مع المطالبات الشعبية منذ بدء انطلاقها في 14 فبراير الماضي بروح القمع والتنكيل بالمحتجين، مما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا والجرحى ودفع بالأمر نحو التأزم، وبلغ الأمر ذروته ببعض الشعارات التصعيدية التي لم تكن محل اتفاق سياسي أو شعبي مثل اسقاط النظام وإقامة الجمهورية، وكان متعيناً على كل الأطراف دعم جهود ولي العهد لاطلاق حوار وطني بعد تكليفه بذلك من جلالة الملك.

ومن أشد التداعيات السلبية التي نجمت الشرخ الطائفي العميق الذي نشأ في البلاد، الذي عملت على تغذيته وتسعيره ماكنة محترفة، إعلامية وسياسية، سعت لبث روح الكراهية الطائفية والتعصب المذهبي وتأجيجها، بما وضع الوحدة الوطنية للمجتمع أمام تحديات خطيرة ما زالت ماثلة حتى اليوم.
إن المنبر التقدمي إذ يتقدم في هذه المناسبة بتحية الإجلال والوفاء لذكرى الشهداء من أبناء وبنات شعبنا، ويحيي كل اولئك الذين ضحوا بحياتهم وحريتهم وأرزاقهم وسلامتهم الجسدية وطمأنينة عائلاتهم، في المطالبة بالإصلاحات والتحول الديمقراطي، يجدد مطالبته بمبادرة سياسية شجاعة تنطلق من ثوابت ميثاق العمل الوطني الذي تمر اليوم ذكرى إقراره بالإرادة الشعبية الكاسحة عند عرضه على الاستفتاء العام، والعودة الى الديناميكية التي أطلقها هذا الحدث في حينه، بأن يجري الإغلاق النهائي لملف جميع المفصولين والموقوفين عن أعمالهم بإعادتهم إلى وظائفهم وتعويضهم عن الأضرار التي تسببت بها الإجراءات التعسفية التي طالتهم، وإطلاق سراح المعتقلين والموقوفين ومراجعة جميع الأحكام الصادرة عن محاكم السلامة الوطنية، وتمهيد السبل نحو مصالحة وطنية حقيقية، عبر تحقيق العدالة الانتقالية وتعويض الضحايا والمتضررين، وإنجاز إصلاحات دستورية وسياسية جدية تحقق الفصل التام بين السلطات، من خلال مجلس تشريعي غير منتقص الصلاحية وحكومة معبرة عن الإردة الشعبية وقضاء مستقل ونزيه، وتشريعات تصون الحريات العامة وحقوق الانسان وتعززهما، والتنفيذ الكامل غير المنقوص لتوصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق.

وإذ يؤكد المنبر التقدمي على حق الفعاليات الشعبية المختلفة في حرية التعبير وتنظيم الاحتجاجات والتحركات المطلبية المصانة بموجب الدستور والقانون، فإنه يضم صوته إلى صوت جميع القوى السياسية والشخصيات العامة الداعية إلى التمسك بسلمية أي تحرك والنأي عن استخدام كل مظاهر العنف، داعياً الجميع إلى ضبط النفس والحيلولة دون سيل المزيد من الدماء أو سقوط ضحايا جدد.

المنبر التقدمي / 14 فبراير2012

معلومات إضافية

العدد رقم:
543