أوري أفنيري أوري أفنيري

هل هي الحرب ضد سورية؟!

..لقد قيل: من السهل شنّ الحرب، ولكن من الصعب حسمها. يبدو للحكومة (الإسرائيلية) أنها تسيطر على الحرب، ولكن الحقيقة هي أن الحرب هي التي تسيطر على الحكومة. لقد امتطت ظهر نمر، وأصبح يصعب عليها النزول عنه، فإن من شأنه أن يفترسها.

للحرب قوانين خاصة بها. تحدث فيها أحداث غير متوقعة، تملي تتمتها، والتتمة تكون دائما باتجاه واحد: التصعيد.
دان حالوتس، راعي هذه الحرب، كان يعتقد بأنه من الممكن الانتصار على حزب الله بواسطة سلاح الجو الأكثر تطورا والأكثر نجاعة والأفضل في العالم. عدة أيام من القصف المكثف، آلاف الأطنان من القنابل على الأحياء، الطرقات، محطات توليد الكهرباء، الموانئ - وانتهى الأمر. إذن لم ينته الأمر. صواريخ حزب الله واصلت سقوطها شمال إسرائيل، لقد سقطت المئات كل يوم. الجمهور يصرخ. لم يكن هناك بدا من تنفيذ عملية برية. في البداية، أدخلت وحدات خاصة صغيرة. وعندها أدخلت الألوية، ولكن ذلك لم يساعد، وها هم الآن يطالبون بإدخال فرقا كاملة. في البداية كانت النية هي القضاء على مواقع حزب الله على امتداد الحدود. عندما رأوا أن هذا لن يكفي، قرروا احتلال التلال المطلة على الحدود. انتظرهم هناك مقاتلو حزب الله وألحقوا بهم خسائر فادحة. أما الصواريخ فواصلت سقوطها.
الجنرالات على قناعة الآن أنه لا بد من احتلال كل المنطقة حتى نهر الليطاني، على عمق 24 كيلومترا من الحدود، لكي يتم وقف إطلاق الصواريخ من هناك. سيتضح لهم لاحقا أن عليهم الوصول إلى نهر الأولي، على عمق 40 الكيلومتر الشهيرة من أيام بيغن.

وعندها؟ سينتشر الجيش الإسرائيلي في منطقة كبيرة، وسيكون معرضا لعمليات العصابات في كل مكان، من النوع الذي يمتاز به حزب الله. الصواريخ ستواصل سقوطها. ماذا بعد ذلك؟ من غير الممكن التوقف. سيطالب الرأي العام المندفع بعملية أكثر نجاعة. سيصرخ الديماغوغيون السياسيون، وسيتذمر المحللون وسيصرخ الناس الماكثون في الملاجئ. سيشعر الجنرالات بالضغط. لا يمكن إبقاء عشرات آلاف جنود الاحتياط لمدة طويلة. لا يمكن الاستمرار في وضع يكون ثلث الدولة فيه مشلولا.
سيطالب الجميع بالهجوم إلى الأمام. إلى أين؟ إلى الشمال، باتجاه بيروت؟ أم إلى الشرق باتجاه دمشق؟ عندما يتضح أن لا شيء يمكن أن يساعد، سيواصل حزب الله قتاله وستواصل الصواريخ سقوطها، وستواجه القيادة السياسية والعسكرية إعلان الإفلاس، وستكون هناك حاجة لإلقاء اللائمة على أحد ما. على من؟ على بشار الأسد بالطبع. كيف يمكن أن تواصل "منظمة إرهابية" صغيرة، تضم ما مجموعه آلاف المقاتلين، حربها؟ من أين تحصل على الصواريخ؟ سيوجهون إصبع الاتهام إلى سورية.
إن قادة الجيش يدّعون، منذ الآن، أن هناك أسلحة جديدة تتدفق كل الوقت من سورية إلى حزب الله. صحيح أن الطرقات قد قصفت وأن الجسور قد دمرت، ولكن الأسلحة تواصل تدفقها. تطالب حكومة إسرائيل بمرابطة قوة دولية، ليس على الحدود بين لبنان وإسرائيل فحسب، بل على الحدود اللبنانية السورية أيضا. لن يكون هناك طابور من المتطوعين. عندها سيطالب الجنرالات بقصف الطرقات والجسور السورية. لهذا الهدف سيضطرون إلى القضاء على القوة الجوية السورية. باختصار - حرب حقيقية، تترك آثارها على الشرق الأوسط قاطبة.
إيهود أولمرت وعمير بيرتس لم يفكرا بذلك في 12 تموز، عندما اتخذا قرار مهاجمة حزب الله، بسرعة، دون تفكير، دون نقاش حقيقي، دون فحص البدائل، ودون أخذ المخاطر بعين الاعتبار. بالنسبة للسياسيين الذين لا يعرفون معنى الحرب، كان هذا إغراء لا يمكن مقاومته: استفزاز واضح من قبل حزب الله، تأييد عالمي مضمون، يا لها من فرصة ذهبية! سوف يفعلون ما لم يفعله حتى شارون نفسه. لقد قدم لهما دان حالوتس اقتراحا لا يمكن رفضه. حرب صغيرة وجميلة، فالخطط العسكرية جاهزة وقد تم التدرب عليها. النصر مضمون، ناهيك عن أننا لسنا أمام عدو حقيقي بل "منظمة إرهابية" فقط. إن ما يثبت مدى إلحاح أولمرت وبيرتس على الخروج إلى هذه الحرب الصغيرة والجميلة هي حقيقة أنهما لم يفكرا أبدا بوضع تجهيزات الحماية في المدن الشمالية من إسرائيل والتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية بعيدة المدى. المهم هو الإسراع في قطف أوراق الغار.
لم يكن لديهما الوقت الكافي للتفكير مليا بأهداف الحرب. إنهما يشبهان الآن رماة يطلقون سهامهم إلى لوحة فارغة ومن ثم يرسمون الدوائر حول الإصابة. والأهداف تتبدل كل يوم..

معلومات إضافية

العدد رقم:
279