عادل الملا عادل الملا

النضال الوطني الفلسطيني لن يتوقف حتى تحقيق أهدافه

المقاومة هي الأبقى
ظن الإرهابي شارون أنه بغزوه لأراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، وقتل الناس بصورة بربرية، وهدم البيوت على ساكنيها من الأطفال والنساء والشيوخ واعتقال آلاف الشباب واغتيال المناضلين الأشاوس، ظن بأنه قادر على سحق مقاومة هذا الشعب المكافح وكسر إرادته، وتحقيق الأمن والاستقرار الذي وعد به الإسرائيليين.

إخفاق شارون
إن شارون بعدوانه هذا أخفق إخفاقاً ذريعاً، في مهمته غير المقدسة، وإن الصهاينة الذين اشتفت نفوسهم بأعمال القتل والإجرام ظنوا أنها ستجلب الأمن لهم، إنهم واهمون. بل إن هذا العدوان قد انقلب على زعيمهم المجرم وعلى الكيان  الصهيوني القائم على الاغتصاب وانكشف أمام العالم بأنه دولة فاشية ومعتدية، وعرف العالم أن هذه الدولة ارتكبت جرائم حرب ضد الفلسطينيين يجب أن تحاسب عليها.
إن شارون المجرم هو الذي خسر المعركة باعتراف الإسرائيليين أنفسهم وهو الذي سيرفع الراية البيضاء في نهاية المطاف، أمام مقاومة الشعب الفلسطيني الباسلة، والذي لم ييأس ولن ييأس. إن المقاومة لم تنهزم، ربما خسرت معركة لكن أمامها معارك أخرى، حتى تحقق أهدافها، رغم أنف شارون وأنف من يساندونه في واشنطن.

لن يستمر الهدوء طويلاً
وقال الصحفي البريطاني «باتريك سيل» في رسالة وجهها للرئيس بوش قال فيها: «إن تقويض السلطة الفلسطينية، وهذا القمع الوحشي يمكن أن يؤمن الهدوء للمعتدين بعض الوقت، أسابيع عدة، أو حتى سنة أو سنتين، لكن السلام والأمان لن يأتي. لقد تحطمت المنظمات الفلسطينية المقاتلة وقتل أو اعتقل أو فر عدد كبير من مقاتليها، ولكن المناضلين في سبيل حريتهم سيعيدون تنظيم أنفسهم من جديد بعد أن تولدت لديهم حوافز جديدة للرد والانتقام.» وأضاف: «إن انتفاضة ثالثة تلوح في الأفق منذ الآن لأن الغضب العارم الذي يغلي في قلوب الفلسطينيين والعرب، سينفجر عاجلاً أم آجلاً، وسيجد متنفساً له في أعمال عنف فردية ضد أهداف إسرائيلية أو يهودية».
نعم إن العدوان الإسرائيلي الذي شاهد العالم آثاره في جنين البطلة وغيرها، قد فتح جرحاً غائراً في نفوس الفلسطينيين، وأجج حقداً دفيناً لن ينمحي، انعكس حتى على الأطفال.

أطفال ذاهبون للشهادة
وكان النموذج الذي برز بين الفتيان الفلسطينيين هو اندفاع فتية من تلقاء أنفسهم لتنفيذ هجمات ضد الاحتلال الإسرائيلي أسوة بالمقاومين، وقصة الصبية الثلاثة الذين استشهدوا ماثلة للعيان.
فبعد انتهاء يوم دراسي، قال ثلاثة صبية لا تتجاوز أعمارهم الـ 14 عاماً، لأهاليهم، إنهم ذاهبون لزيارة ِأصدقاء لهم. وبعد ساعات كانت جثثهم التي مزقها الرصاص ملقاة بين القمامة، خارج إحدى المستوطنات الصهيونية في قطاع غزة. بعد أن قتلوا برصاص القوات الإسرائيلية، وأعلن الجيش الإسرائيلي أن الصبية هم: يوسف زقوت، وأنور حمدون، وإسماعيل أبو نادي، كانوا يحملون قنابل أنبوبية محلية الصنع، وعدداً من الفؤوس والسكاكين.
وقد تظاهر إثر تشييعهم مئات من طلاب المدارس الإعدادية بمدينة غزة مطالبين كتائب القسام وشهداء الأقصى وسرايا القدس بالانتقام لمقتل زملائهم مرددين هتافاً واحداً: «الانتقام الانتقام»

لن يستطيعوا !
إن الإسرائيليين يستطيعون السيطرة على الأرض الفلسطينية ولكنهم لا يستطيعون  السيطرة على المقاومة لأنها تختلف عن المواجهة بين جيشين. فهي تضرب داخل إسرائيل وتخيف المجتمع الإسرائيلي وتحدث خسائر كبيرة لدرجة أن الإسرائيلي أخذ يعتقد بأن المقاومين بدؤوا يهدمون دولته المغتصبة.
وقد حذر الصحفي البريطاني باتريك سيل الرئيس بوش من موقع الحليف وقال إن أحداث الأسابيع الأخيرة ألحقت أضراراً بالغة بسمعة الولايات المتحدة وبسمعته الشخصية لانحيازه الكلي لإسرائيل، وقال: إن الغضب الشعبي العربي سيزداد بسبب غياب الحل السياسي وسيجد في العنف متنفساً له، كما أن الدول العربية المعتدلة كمصر والأردن ستخضع لضغوط هائلة لإلغاء معاهدتي كامب ديفيد ووادي عربة، كما أن محاولات تهريب الأسلحة والمتطوعين عبر الحدود الفلسطينية ستقوى وتشتد وستعقبها حملات انتقامية إسرائيلية مما سيولد صراعاً إقليمياً واسعاً لا يعرف أحد عقباه.

وصمة عار
أما على النطاق الدولي فقد أخذ العالم يعتبر شارون وصمة عار في جبين الإنسانية مثل هتلر. لقد فقد شارون عطف العالم ولا بد له أن ينتهي من خريطة المسؤولين حسب قول باتريك سيل، فليس هناك حل آخر مع شارون سواء أرادت واشنطن أم لم ترد.
ولذلك فإن رفض إسرائيل لفريق أوربي أو من مجلس الأمن لتقصي الحقائق يعبر عن رعب شديد من أن تنفضح أعمال القوات الإسرائيلية الغازية للعالم أجمع وستكشف زيف تصوير هذه الدولة بأنها «واحة الديمقراطية» في الشرق الأوسط كشفاً نهائياً.
إن الفلسطينيين لن يقبلوا إلا بإنهاء الاحتلال وإقامة دولتهم المستقلة والتخلص من القهر والإذلال والتخلف، وإن استخدام القوة العسكرية ضدهم لن ينجح، بل سيزدادون تصميماً وضراوة في سبيل استعادة حقوقهم المغتصبة.

انتفاضة وطنية
وقد أكد المناضل الوطني الفلسطيني د. عزمي بشارة أن انتفاضة الأقصى هي انتفاضة وطنية شاملة، وشدد على وجوب الفهم العميق لها. ودعا إلى تبني برنامج سياسي لتحقيق الوحدة المبدئية بين جميع التيارات الفلسطينية، ووضع استراتيجية محكمة لاستمرار النضال، كما دعا إلى عدم إغفال دور الرأي العام العالمي واكتسابه إلى جانب النضال الفلسطيني والاستفادة منه كعامل ضغط لتحويل تداعيات المرحلة إلى أزمة إسرائيلية حقيقية وفضح مجرى الحرب أمام العالم أجمع.
إن المقاومة تعمقت جذورها ولا تستطيع قوة في الدنيا اقتلاعها، ولنا في الشعب الجزائري الشقيق أسوة حسنة، إذ استطاع هذا الشعب، بعد 130 عاماً من الاستعمار الفرنسي أن يدحر الاحتلال ويحقق استقلاله الوطني، وإن الشعب الفلسطيني ليس أقل استعداداً وتضحية من أجل استرداد حقوقه التي يصر العدو الإسرائيلي على اغتصابها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
174