لماذا مات فراس أسعد المظلوم؟

جاء في تقرير مراسل قناة الجزيرة في غزة أن الطفل فراس أسعد المظلوم البالغ سنتين من العمر قد مات.

الطفل فراس الذي كان الولد الأول للزوجين الشابين أسعد وآمال، ولد وعنده عيب خلقي في القلب، وقد قام الأطباء في غزة بكل ما يستطيعون لتقديم العلاج اللازم والرعاية لهذا الطفل. ولكن حالته أصبحت بحاجة لإجراء عملية في القلب لإصلاح العيب الخلقي فيه بأسرع وقت ممكن.
ولا يمكن إجراء مثل هذه العمليات إلا في مشاف عالية التجهيز والتقنية، الشيء الذي لا يمكن توفره في غزه في ظل الحصار الطويل عليها. فحاول الأطباء إرسال الطفل إلى مصر ولكن معبر رفح كان موصداً أمام خروج المرضى منه (سنذكر سبب منع خروج المرضى من معابر غزه لاحقاً) فاضطروا للتحول إلى «إسرائيل» وتجاوزوا إغلاق المعابر واتصلوا مباشرة بالأطباء هناك. وبعد جهود كبيره وافقت إحدى المشافي الإسرائيلية على إدخال الطفل فراس وإجراء العملية اللازمة له، مما جعل الحصول على تصريح بخروج الطفل من غزة ممكناً، ولكن الوصول لهذا التصريح يمر من خلال إجراءات عديدة ومعقدة وطويلة. وبعد معاناة مضنية وانتظار طويل ساءت خلالها حالة الطفل فراس تمكن والده من الحصول على تصريح بخروجه مع والدته من معبر «إيريز». وبينما كانت الأم آمال تحزم حقائبها للسفر وكلها أمل بإمكان شفاء طفلها كانت المنية أسرع ومات فراس.
وعن أسباب منع المرضى من الخروج من غزة نوضح أن منظمة الصحة العالمية نشرت على الموقع الإلكتروني لمنظمة الأمم المتحدة قبل فترة من حادث وفاة فراس المفجعة تقريراً أعرب فيه (توني لورانس) نائب مدير المنظمة في الضفة والقطاع عن قلقة الشديد حيال الوضع القائم في غزة الذي قد يؤدي إلى وفاة العديد من المرضى فيها خاصة المرضى الذي يعانون من حالات خطيرة ومعقدة ويحتاجون للعلاج في الخارج. وجاء في التقرير أن حوالي /900/ مريض ممن يحتاجون العلاج خارج غزة كان يجري تحويلهم شهرياً إلى مصر والأردن والقدس الشرقية وإسرائيل ولكن منذ أن أصبحت إدارة تحويل المرضى للخارج تابعة لوزارة الصحة لحكومة حماس في غزة في 22 آذار الماضي، رفضت مصر وإسرائيل السماح لخروج المرضى من غزة إلا بعد حصولهم على موافقة السلطة الفلسطينية في رام الله، إلا أن هذه السلطة منذ التاريخ المذكور لم تمنح الموافقة لطلبات العلاج خارج غزة لأي من هؤلاء المرضى!!
وهذا ما دفع منظمة الصحة العالمية لإدانة تصرف السلطة الفلسطينية وحملتها مسؤولية، وفاة العشرات من المرضى في القطاع، وأشار التقرير إلى أن (ماكسويل غيلارد) منسق الشؤون الإنسانية في منظمة الصحة العالمية وممثل هذه المنظمة في الضفة والقطاع تدخلا لإيجاد حل عاجل لهذه المشكلة ولكنهما لم يلقيا أية استجابة من الجهات صاحبة القرار. وعبّر (غيلارد) عن استنكاره لهذا الوضع قائلاً إنه من غير المعقول إيقاف العلاج الضروري للمرضى بسبب نزاع داخلي أو تصرف وحيد الجانب.
ودعا الأطراف لتحمل المسؤولية وإيجاد حل سريع لاستئناف تحويل المرضى لخارج غزه. ولكن الأطراف صاحبة القرار صمت آذانها عن هذه الدعوة وبقي منع الخروج للمرضى سارياً مما أدى لاستشهاد الطفل فراس وعشرات غيره من الأطفال والكبار كما أدى إلى تعريض حياة مرضى آخرين كثيرين للخطر. ولا ذنب لهؤلاء جميعاً سوى أنهم من أهالي غزة الصامدة في مواجهة العدو المتوحش. لاشك أن الجهات صاحبة القرار بمنع خروج المرضى من غزة تتحمل كلها المسؤولية المباشرة عن هذه الجرائم، ولكن لا يُعفى من تحمل المسؤولية كل من صمت تجاه هذه الجرائم ولم يحرك ساكناً رغم أنه قادر على فعل الكثير.

معلومات إضافية

العدد رقم:
405