ماضيها حافل بالاضطرابات الدامية والتدخل الأمريكي: هندوراس تخطو نحو الحرب الأهلية

أثارت تطورات الأحداث الواقعة في هندوراس إثر الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المنتخب مانويل ثيلايا في 28 يونيو الماضي، سلسلة من المخاوف من اندلاع حرب أهلية مشابهة لحمام الدم الذي عاشته البلاد في عام 1924 من جراء تزييف نتائج الانتخابات العامة.

وأشار إلى هذا الخطر رئيس كوستاريكا الحائز على جائزة نوبل للسلام أوسكار أرياس، الذي يقوم بدور الوسيط بين الرئيس المخلوع والنظام المفروض على هندوراس إثر الانقلاب، وذلك بالتعاون مع الأمين العام لمنظمة الدول الأمريكية خوسيه ميغيل إنسولثا، علماً بأن المفاوضات التي يقودانها لحل الأزمة قد وصلت إلى طريق مسدود. وخلال شرحه لأسباب طلبه مهلة 72 ساعة إضافية لمحاولة الإبقاء على الحوار صرح إرياس في 20 الجاري أن «السلاح هو البديل القائم للحوار، ولا نريد أن يحدث ذلك في هندوراس». فقال مدبرو الانقلاب إنهم يستبعدون هذا الخطر.
لكنه يذكر أيضاً أن الرئيس المخلوع ثيلايا قد طالب في 21 الجاري من منفاه الإجباري في نيكاراغوا، أنصاره في هندوراس بـ«تنظيم المقاومة»، وطالبهم بمصاحبته في بضعة مواقع على الحدود، حيث يعتزم اختراق أحدها للعودة إلى بلاده. كما وعد بتقديم الدعم اللوجستي للحشود، كتوفير الطعام على سبيل المثال.
وبينما يعيش 80 في المائة من أهالي هندوراس، البالغ تعدادهم نحو 7.5 مليون نسمة، على أقل من دولار في اليوم، وفقا لبيانات الأمم المتحدة، شهد تاريخ هذا البلد حتى عام 1924، سلسلة من الانتفاضات الشعبية التي عاد أغلبها إلى نزاعات سياسية والصراع على السلطة والأنظمة الدكتاتورية، إلى حد سيطر فيه الانقسام الوطني على أحداث القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
وعادة ما روج قادة محليون لمثل هذه الانتفاضات والنزاعات، نظراً لغياب دولة قوية قادرة على إدخال الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الجذرية اللازمة، وأيضاً على تمتين الهوية القومية للبلاد منذ استقلالها عن أسبانيا في عام 1821.
يشرح المؤرخ والعالم الاجتماعي رونالدو سييرا، أن الانشقاق والتفتت هيمنا على البلاد حتى حرب عام 1924 الأهلية، فقد كانت هندوراس فريسة للجماعات المسلحة المدعومة من زعماء سياسيين محليين وكبار ملاك الأراضي في مختلف الأقاليم.
وأضاف أن النزاعات والقلاقل الشعبية كان تخفي صراعات محلية على السلطة، وأن الأهالي كانوا ينخرطون فيها على أمل الحصول من أحد الزعماء على قطعة أرض أو مصدر للرزق. لكنها لم تكن حروباً أهلية بمعنى الكلمة حتى عام 1924 حين خرج العنف السياسي عن إطاره المحلي لينتشر على الصعيد الوطني العام، إثر تزييف الحزب الليبرالي الحاكم لنتائج الانتخابات ضد الحزب الوطني المعارض.
بدوره، شرح الكاتب فينلندر دياث تشافيث، أن القلاقل الشعبية جاءت نتيجة للصراعات الدائرة حول ملكية أراضي البلاد، التي كانت تتركز في مساحات زراعية شاسعة في أيدي حفنة من كبار الملاك، على حساب غالبية الأهالي المحرومين.
أما المؤرخ مارفين باراهونا، مؤلف «هندوراس في القرن العشرين»، فقد ذكّر بأن الحرب الأهلية في عام 1924 قد شملت عمليات قصف جوي على العاصمة، إضافة إلى قصف المدفعية والمدافع الرشاشة.
وتدخلت الولايات المتحدة عسكرياً في هندوراس بحجة حماية مواطنيها. وتم التوقيع على اتفاقية سلام بين الأطراف المتحاربة، على متن قطعة بحرية حربية أمريكية مرابطة في ميناء أمابالا جنوبي البلاد.
لكن الوجود الأمريكي في هندوراس بدأ بصورة ملحوظة في القرن التاسع عشر، من خلال شركات الموز، وخاصة «يونايتد فروت كومباني» التي كانت تملك أو تسيطر على مساحات شاسعة من أراضي البلاد، وسككها الحديدية وموانئها.
كما تحكمت شركات الموز في الحكومة وخلقت نظام الحزبين السياسيين، ومولت كل منهما للتآمر على الحزب الآخر، وساندت قيام الدكتاتوريات في الثلاثينيات والأربعينيات. واستمر هذا الوضع حتى عام 1945، حيث مهد إضراب عام للعاملين قي قطاع الموز، لنشوء حركة اجتماعية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
414