ماركيزيدين المجازر الصهيونية.. ومحفوظ.. مستاء من «العنف المتبادل»!! ماركيز يعرب عن تقديره للنضال البطولي للشعب الفلسطيني الذي يقاوم حرب الإبادة الهمجية الصهيونية اتفاقيات كامب ديفيد، بالإضافة إلى جائزة نوبل «للسلام»، تجاوزت شخص مناحيم بيغن لتشم

فجأة ودون إعلان مسبق سارعت العشرات من الجهات الإعلامية لتكذيب الخبر الذي تداولته الصحف العربية حول إدانة غابرييل غارسيا ماركيز للمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، إلاّ أن صاحب (مائة عام من العزلة) لم يسكت عن هذا التكذيب، فأعلنت جهات مقربة منه تأكيدها للبيان الصادر، وعاد هذا البيان إلى التداول على الكثير من صفحات الإنترنت التي أعادت نشره كاملاً وينتهي بالتوقيع الصريح لغابرييل غارسيا ماركيز مع النص باللغة الأصل دحضاً للأقاويل.

وكان ماركيز الحائز على جائزة نوبل للآداب عام1982 قد أدان في بيانه إدانة شديدة اللهجة المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني بتحريض مباشر من رئيس الورزاء آرييل شارون ضد الشعب الفلسطيني. وأعرب ماركيز عن تقديره للنضال البطولي للشعب الفلسطيني الذي يقاوم حرب الإبادة الهمجية التي يتعرض لها.

رجل المواقف الصعبة
ولم يبد صاحب (الجنرال في متاهته الأخيرة) اكتراثاً بردود الأفعال التي قد تأتيه من جراء بيان كهذا، وهو الذي يعرف تماماً المعاملة التي لقيها كل ممن أعلنوا مواقفهم الصريحة من القضية الفلسطينية وكانوا بصف العرب، وهو نفسه سبق له أن تعرض لمواقف كثيرة كانت  معبراً حقيقياً عن «الديمقراطية الأمريكية»، كان أولها عدم تمكنه من حضور فعاليات (نادي القلم الدولي) الذي عقد في نيويورك العام 1985 حين رفضت وقتها السلطات الأمريكية منح تأشيرة الدخول لاثنين من المدعويين للمشاركة في المؤتمر الأول كان غابرييل غارسيا ماركيز والثاني محمود درويش، وآخر هذه المواقف عد من الإساءات التي تعرض لها  ماركيز على الإنترنت.
    إلاّ أن كل هذه الأمور لم تمنع ماركيز من قول ما لديه: من عجائب الدنيا حقاً أن يحصل شخص مثل مناحيم بيجن على جائزة نوبل للسلام تكريماً لسياساته الإجرامية التي تطورت في الواقع، خلال السنوات اللاحقة على يد مجموعة من أنجب تلاميذ المدرسة الصهيونية الحديثة، بيد أن الموضوعية تحتم علينا الاعتراف بأن الذي تفوق على الجميع هو التلميذ النجيب آرييل شارون. إن فوز مناحيم بيغن بجائزة نوبل للسلام يظل في كل الأحوال من عجائب الدنيا.
 ولا يهم ما حدث، لا فائدة الآن من تغيير ذلك. فقد فاز مناحيم بيغن بهذه الجائزة مناصفة مع الرئيس المصري آنذاك أنور السادات، وكأنها نوع من المكافأة على اتفاقية خادعة أرست قواعد السلام من طرف واحد: الطرف العربي. لقد اقتسم الرجلان الجائزة إلاّ أن مصير كل منهما اختلف عن الآخر. فالسادات انفجر أمامه بركان الغضب داخل جميع البلدان العربية، ثم دفع حياته ثمناً لما فعله، أما بيجن فقد كانت الاتفاقية بحد ذاتها الضوء الأخضر للاستمرار بوسائل مبتكرة في تحقيق المشروع الصهيوني الذي لا يزال يسير إلى هذه اللحظة، في طريقه المرسوم. لقد أعطته هذه الجائزة منذ البداية الغطاء اللازم لأن يذبح وبسلام أكبر أكثر من 2000 لاجئ فلسطيني في المخيمات داخل بيروت في العام 1982 .

    ثم ينتقل ماركيز صاحب (مائة عام من العزلة ) ليؤكد أن اتفاقيات كامب ديفيد، بالإضافة إلى جائزة نوبل للسلام، تجاوزت شخص مناحيم بيغن لتشمل أبرع تلاميذ المدرسة الصهيونية الحديثة، وخاصة أرييل شارون، لقد فتحت هذه الجائزة الباب على مصراعيه أمام قطع خطوات متزايدة نحو إبادة الشعب الفلسطيني. وأدت إلى بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية . ويضيف أشهر كاتب بلغة ثربانتس: إننا لن ننسى - نحن الذين نقاوم فقدان الذاكرة - الوعاء الفكري لممارسات النازية.
    لقد استند هتلر على نظرية المجال الحيوي لتحقيق مشروعه التوسعي باحتلال أراضي الآخرين، ويقول بيغن صراحة أن الأراضي الفلسطينية هي ممتلكات يهودية ليس لأحد الحق في أن يتدخل فيها أو يطالب باستعادتها، وخص بالذكر التي احتلت عام 67، وكانت معسكرات الاعتقال سيئة السمعة هي المخرج المناسب بالنسبة له . لذا فهم يفيضون في سرد وقائع الإبادة الجماعية لتبرير إبادة جماعية أخرى. أما حكاية الملايين الستة من اليهود ضحايا هتلر فمن الممكن إحالتها إلى ترسانة الخرافات اليهودية، تمهيداً لإعادة ارتكابها من جديد تحت غطاء جائزة نوبل للسلام.
    ثم يؤكد غابرييل غارسيا ماركيز  أن نظرية المجال الحيوي الصهيوينة ارتكزت إلى أن اليهود شعب بلا أرض وأن فلسطين أرض بلا شعب. ومن هنا قامت الدولة الإسرائيلية غير المشروعة، وعندما تبين أن هناك شعباً، وهو الشعب الفلسطيني على هذه الأرض، كان من الضروري، حتى لا تكون النظرية مخطئة في إبادة الشعب الفلسطيني وهو ما يتم بصورة منهجية منذ 50 عاماً. لكن جوائز نوبل، بالإضافة إلى اتفاقية كامب ديفيد، اتخذتا شكل الرخصة الدولية بالقتل الذي لا يجرمه أحد. وتمكنت أجهزة الإعلام التي يسيطر عليها اليهود من إقناع البلهاء في الغرب بهذه الأكاذيب، مستثمرة عقدة الذنب عند القتلة.
    ويضيف ماركيز: لقد تهامس الجميع على استحياء، يبدو فعلاً أن هنا شعباً فلسطينياً، وأنه لسبب ما توارى عن الأعين طوال هذه السنوات. لقد ظل الشعب الفلسطيني بالفعل متخفياً في منطقة اسمها تجاهل الآخرين.اسمها ليل الضمير الشرعي.
    ويكمل ماركيز سرده قائلاً: عندما كنت في باريس صادف وجودي هناك مجزرة صبرا وشاتيلا، وتصادف وجودي أيضاً مرة عندما كنت في باريس عندما فرض الجنرال ياروزيلسكي سلطة العسكر ضد إرادة الأغلبية من شعب بولندة.أصابت الأزمة البولندية أوربا، ووقعت شخصياً على عدد كبير من البيانات التي تندد باغتيال الحرية في بولندة وشاركت في احتفالية أقيمت لتكريم وقفة الشعب البولندي، لكن أحداً لم يحرك ساكنا وساد صمت غريب عندما اجتاحت قوات شارون الأراضي اللبنانية، والمقارنة بين ما حدث في بولندة ولبنان لا تجوز، لأن حجم ما حدث في لبنان أكبر بكثير.
  إلاّ أن هناك بلا شك أصواتاً كثيرة تريد أن تعرب عن احتجاجها على هذه المجازر المستمرة حتى الآن لولا الخوف من اتهامها بمعاداة السامية أو إعاقة الوفاق الدولي.(…) لا أحد عانى في الحقيقة  كماعانى الشعب الفلسطيني. فإلى متى نظل بلا ألسنة ؟ إنني لم أجد من يومها من يدعوني إلى أي احتفال ببطولة الشعب الفلسطيني في أي مسرح تحت رعاية أية وزارة.
  إن هذا ما يدفعني الآن إلى التوقيع على البيان وبشكل منفرد، وأن أعبر عن اشمئزازي من المجازر التي ترتكبها يومياً المدرسة الصهيونية الشارونية. إنني أطالب بترشيح أرييل شارون لجائزة نوبل في القتل، ومن ثم أعلن تقديري اللامحدود لبطولة الشعب الفلسطيني الذي يقاوم الإبادة على الرغم من إنكار القوى العظمى أو المثقفين الجبناء أو وسائل الإعلام أو حتى بعض العرب لوجوده.
 إنني أوقع على هذا البيان باسمي: غابرييل غارسيا ماركيز.
    هكذا أنهى ماركيز بيانه، البيان الفردي الذي جندت بعض وسائل الإعلام لتكذيبه. هاهو واحد من أهم كتاب هذا العصر، يقف ليرفع رأسه في وجه كل الممنوعات ليقول لا .. وحيداً... في نفس الوقت الذي بقي فيه الكثير من المثقفين العرب صامتين أمام كل ما يحدث في فلسطين بل أن بعضهم من أمثال نجيب محفوظ أطلقوا تصريحات غريبة جداً فنجيب محفوظ صاحب رواية (بين القصرين) والحائز أيضاً على جائزة نوبل: أنه مستاء من العنف المتبادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين. فهل يقف ماركيز وحيداً؟؟!!..* *

معلومات إضافية

العدد رقم:
169