وفا قطينة وفا قطينة

إيقاف ثورة الشرق - الإسلاميون هم الأداة !

رأس المال هو حجر الزاوية في الاقتصاد الامبريالي، وهو الثابت الوحيد في سياساتها، عليه تقوم مواقفها وسياساتها الخارجية تجاه الدول والشعوب، لأجله تشن الحروب، لأجله تساند أعتى الديكتاتوريات في العالم، لأجله تمارس عمليات القتل الاقتصادي بحق الشعوب، لأجله تدعم القوى الرجعية التي تساهم في تخلف الشعوب لإيجاد مجتمعات استهلاكية تعتمد على المركز الرأسمالي في حاجياتها ! منذ تفاقم الأزمة المالية العالمية، والامبريالية تحاول جاهدة وقف نزيف رأس المال بشتى الطرق والوسائل، تارة بطمأنة الشعوب، تارة بمحاولة عقد اتفاقيات التعاون الاقتصادي مع الاقتصادات الصاعدة، تارة بدعم أنظمة رجعية عميلة.... وأخيراً – كما دائماً – تهدد باللجوء للحرب، وتمارسها.....

عاشت الأرض العربية بعد نيل الحرية والاستقلال من الاستعمار الاجنبي تحت نير أنظمة قمعية، بعضها رجعي تم اختلاقه، لا بل وخُلق لبعض تلك الأنظمة إمارات وممالك لا مبرر تاريخياً لوجودها!... وبعضها الآخر برجوازي وطني فشل في تحقيق أهدافه القومية تبعاً لفشله في تحقيق البرنامج الاجتماعي الاقتصادي وتخلفه على الصعيد الديمقراطي، مما ساعد في تهميش طبقات واسعة من مجتمعاتنا اقتصادياً واجتماعياً.
كان لا بد لهذه المنطقة أن تثور في يوم من الأيام، فالأزمة المالية العالمية تفاقمت، وأصبحت أزمة بنيوية، فمن الطبيعي أن يثور الشرق الأوسط، فهو في مجمله اقتصادات تابعة للمراكز الرأسمالية (تحصل فيها الزلازل نتيجة الهزات في المراكز)، فكان لا بد للامبريالية من احتواء تلك التحركات (الانتفاضات)، خوفاً من فقدانها امتيازاتها الاقتصادية والجيوسياسية في المنطقة ! :
الامبريالية وكما نعلم فإن لها نفوذاً تاريخياً في منطقة الشرق الاوسط – عسكري – سياسي – أنظمة رجعية – وأخيراً مؤسسات دراسات و(أن جي أوز) و(يو أس إيد) تمكنها من معرفة حاجيات وتطلعات شعوب الشرق الاوسط، مما يؤهلها للتدخل بفاعلية لدى حدوث ثورات بالمنطقة، وهذا ما فعلته الامبريالية، فقد فاجأتها الثورة التونسية بدايةً، وانطلقت الثورة المصرية فوجدت الامبريالية نفسها أمام جموع هادرة من الطوفان البشري الذي لا يمكن الوقوف بوجهه (فكان من الطبيعي أن تقف بوجه عميلها السابق مبارك، فلا يوجد عاقل يتخذ موقفاً مغايراً أمام تلك الجموع الهادرة)... فكان لا بد لها من التدخل بعد أن استوعبت الضربة الأولى، فاعتمدت لذلك عدة أساليب قديمة احترفتها الامبريالية مع شعوب الأرض.... الحروب... الأنظمة العميلة.... قوى الثورة المضادة.. وهنا كان الإسلام السياسي!..
طوال عشرات السنوات، والأنظمة العربية الرجعية تحافظ على شعرة معاوية مع جماعات الإسلام السياسي، وبعضها كان يحتضن جماعات الإسلام السياسي ويوفر لها الدعم المالي والإعلامي والتدريب، وتم تسخيرهم للقتال إلى جانب الأمريكي في حروبه ضد الشعوب !.
إن انهيار الاتحاد السوفييتي حوّل الإسلاميين (دون أن يختاروا) إلى منطقة مواجهة أخرى ضد مصالح حلفائهم السابقين في آسيا الوسطى، تلاها تنفيذ عمليات القاعدة – ضد الحليف الأمريكي القديم – في إفريقيا وشمالها والعديد من المناطق. هذا التوجه المعادي – ظاهرياً – لأمريكا ترافق مع خوض الإسلاميين حروب التخريب في جمهورية الشيشان الروسية ويوغوسلافيا والجزائر، وغيرها....
بالنظر لتاريخ حركة الإسلام السياسي الحديث، فهي كانت أداة بيد الإمبريالية في حالة الاستقطاب العالمي الثنائي أيام الاتحاد السوفييتي، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي تحولت للعداء مع الامبريالية، أمّا اليوم فالاستقطاب العالمي قد عاد وعاد معه الإسلام السياسي لمهمته القديمة !، المفارقة الأخرى التي يمكن استنتاجها من تاريخ تلك الجماعات أنها كانت دائماً أداة بيد الرجعية ضد البرجوازية الوطنية (تبعاً للرابط الأيدولوجي – الديني - الذي جمعها بالأنظمة الرجعية)...
الإسلام السياسي اليوم هو إعادة تشكيل لأنظمة الحكم القائمة، فهو لا يمتلك برنامجاً اقتصادياً جديداً، أو اجتماعياً !، ما يمتلكه اليوم هو الدعم الإعلامي الهائل من طرف الرجعية العربية في جزيرة العرب تحديداً، باللإضافة للاعتراف الأمريكي بهم، الأمر الذي أعطاهم نشوة الانتصار (بالاعتراف الأمريكي) وجعلهم يهرولون إلى السلطة وفي سبيلها يقدمون التنازلات تلو التنازلات في القضايا العربية.... بدءاً من اعتبار الإخوان المسلمين مقتل ابن لادن - حليفهم السابق – هو خطوة جيدة على طريق إحلال السلام بالشرق الأوسط، مروراً بمواقف الإخوان المسلمين في مصر تجاه شباب الثورة في ميدان التحرير وسعي الجماعة الدائم لضرب شباب الثورة إعلاميا وميدانياً عبر تحالفهم الوثيق مع المجلس العسكري، إضافة لما صرّحوا به مراراً حول الإبقاء على طبيعة العلاقة الحالية بين مصر والكيان الصهيوني، لا بل ووصل الحد ببعضهم أن أجرى لقاءات مع الإذاعة الصهيونية ليطمئنها على مستقبل نفوذ الكيان الصهيوني في مصر !، إلى تونس التي صرّح الجبالي والغنوشي بأن أمريكا هي حليفهم الاستراتيجي كما صرّحوا بأنه لا ضرورة لقانون معاداة الصهيونية في الدستور التونسي !... إلى إسلاميي ليبيا – حدث ولا حرج -.... إلى إسلاميي سورية الذين تعهدوا بقطع العلاقة مع حزب الله وإيران والمقاومة الفلسطينية....
زد على ذلك البعد الطائفي لدى الإسلاميين، ومدى تشنج علاقتهم الحالية بإيران ! كل هذا وذاك جاء بالتزامن مع التحولات الجذرية التي تشهدها بعض تشكيلاتهم المقاومة، حيث يتبنون الآن الكفاح السلمي ضد الاحتلال الصهيوني.
فالإسلاميون هم إحدى الأدوات الامبريالية في مشروعها للاستمرار في السيطرة على مقدرات الشرق الاوسط، لا بد من الاستعداد لمواجهتهم بشكل برنامجي ممنهج... وهذا يقع على عاتق القوى الوطنية والديمقراطية والاجتماعية ممن يمتلكون برامج اقتصادية ثورية جذرية...
مجتمعاتنا سئمت القهر الاقتصادي الاجتماعي الواقع عليها بفعل الرجعيات التابعة والبرجوازيات الوطنية التي أثبتت فشل مشاريعها، وسيواصل الثوريون التصدي لتلك الأنظمة وأسيادها في واشنطن والكيان الصهيوني، وأذنابهم الجدد من قوى الإسلام السياسي... وهذا ما تشهده ثورة مصر وتونس حالياً.
ملاحظة : الامبريالية وأدواتها المحلية تحاول جاهدة اليوم وقف زحف الثورات العربية جغرافياً إلى مناطق جديدة، والإسلاميون هم الأداة أيضا !