بعد عامين من التقاعد.. ماركوس يستعيد القضية الزاباتية

أعلن النقيب ماركوس عودته ويبدو أنّه ينوي تحفيز الجموع من جديد. «هاهو أخيراً. لقد عاد. بعد زمنٍ صعب لم يسحرنا فيه بأسلوبه الذي لا مثيل له... مرحى. مرحى»، هذا ما كتبه بنفسه في الصحيفة اليومية اليسارية لاخورنادا بتاريخ الثلاثين من تموز. بعد عامين من التقاعد الإعلامي، يعلن المحارب الزاباتي الشهير عن عودته للمشاركة في حفلٍ شعبيٍّ كبير سيقام في أوفنتيك، في جبال شياباس، أثناء عطلة نهاية الأسبوع. وقال الناطق الرسمي باسم الحركة، التي تتخذ من سان كريستوبال دي لاس كاساس مقراً لها: «لم يقل إن كان سيظهر علناً، لكن يمكن أن نفترض ذلك».

 وجهة جديدة. مع أو دون مقابلات تلفزيونية، فإنّ صوت ماركوس سوف يسمع على الأمواج القصيرة، حيث سيدشّن برنامجاً يدعى «بين المجرات» يدوم ساعة كل صباح. «لن يغني النقيب للراديو الثائر، صوت الجيش الزاباتي للتحرير الوطني EZLIN، بل سيقدّم أغاني وحكايات وقصصا»، هذا ما أعلنه ماركوس في بيانٍ صحفي. وبنفس النبرة التلقائية، أعلن الرجل الذي يتمتع بحظوةٍ في الجبال عن حفلٍ كبير يدوم ثلاثة أيام مع مسابقة في كرة القدم، وحفلةٍ موسيقية، ورقص، وأكياس نوم، ومشروب التاكو بالكريما.

بمقدارٍ أكبر من الجدّية، أعلنت البيانات الأخيرة التي أدلى بها الناطق باسم جيش العصابات الذي أنشئ في العام 1994 إقامة لجان «الحكم الصالح» مكلّفة بتنسيق العلاقات بين المجموعات السكانية في شياباس وبين الجيش الزاباتي للتحرير الوطني، والمجتمع المدني الدولي، وممثلي البلديات «الرسمية». وسوف تكلّف هذه اللجان أيضاً باستعادة ضريبةٍ في المنطقة الزاباتية، راسمة شكلاً أكثر مركزيةً للحكومة. إنّها إصلاحاتٌ داخلية تمّ إعلانها في حين يعدّل الجيش الزاباتي بشكلٍ واضح استراتيجيته البعيدة المدى. وأعلن ماركوس مؤخراً في بيانٍ له قائلاً: «لقد علّقنا أيّ اتصالٍ مع الحكومة المكسيكية والأحزاب السياسية». أما فيما يتعلّق بالحكم الذاتي، سواءً كان ذلك في المجال الإقليمي أم الحقوقي، والذي أعلن دون نجاح منذ العام 1994، فسوف «يطبّق في المناطق المتمردة».

ويفسّر مناضلٌ فرنسيّ يعيش منذ عدة سنوات في شياباس التوجّه الجديد قائلاً: «بعد تسع سنواتٍ من الحوار للحصول على الحكم الذاتي بصورةٍ شرعية، لم يحصل الزاباتيون في نهاية الأمر إلاّ على قانونٍ وهمي. مع ذلك، كانوا مؤمنين به، لدرجة تنظيم مسيرةٍ منتصرة إلى مكسيكو ربيع العام 2001. لقد كان ذلك الوضع الذي تميّز بالأزمة والفشل سيئاً للغاية. تمّ الحديث عن  فرار المناضلين، وعن توتراتٍ داخلية قوية. يبدو أنّ المواقف الأخيرة لماركوس تفتح الطريق نحو دربٍ جديد. يبدو أنّ الأمر يتعلّق بتحقيق المشاريع الزاباتية دون انتظار الضوء الأخضر من الحكومة.»

في واقع الأمر، فإنّ تطبيق الحكم الذاتي في المناطق التي تسيطر عليها قوات الثوار المكسيكيين جارٍ منذ عدة سنوات: علاقات تجارية مكتفية ذاتياً، تطبيق القواعد القانونية المنبثقة من قانون الأعراف والعادات، حكومات مستقلة لا تخضع لسلطة الدولة، إغلاق المنطقة والسيطرة عليها، منع قبول المساعدات الحكومية... كلّها ممارسات مطبّقة منذ العام 1994 في أغواسكالينتيس، أول قرية زاباتية، وتمّ تعميمها بصورةٍ تدريجية في 38 بلدية متمردة.

مساندة حركة الانفصاليين الباسكيين ETA. «يمكننا أن نفسّر التصريحات الأخيرة التي أدلى بها ماركوس وذكره المستمر للحركة الانفصالية الباسكية بصفتها رغبةً في التقدّم على طريق الحكم الذاتي، هذا ما قاله معلّقاً شخصٌ ضليعٌ بذلك الملفّ في الحكومة الفدرالية. إنّهم يريدون إقامة دولةٍ حقيقية داخل الدولة المكسيكية. كما أنني أخشى من أن يترجم ذلك بسلطةٍ أقوى للإدارة العسكرية للحركة تجاه القرى».

 

يبدو الحوار السياسي بين ممثلي المؤسسات الجمهورية والحركة المتمردة يسير أكثر فأكثر في طريقٍ مسدود. وكان عددٌ من المثقفين، القريبين تقليدياً من الزاباتية، قد هاجموا ماركوس في العام 2002، وذلك لمساندته للانفصاليين الباسكيين في منظمة إيتا. أما في ما يتعلّق بالوضع المحلي، فيبدو متوتراً. وقال ماركوس: «السياق قريبٌ جداً من ذاك الذي سبق مجزرة أكتيال في كانون الأول 1997، حيث قُتل 45 رجلاً وامرأةً وطفلاً على يد أعضاء المنظمات شبه العسكرية بقسوةٍ استثنائية». ثمّ أضاف قائلاً: «وفق قانون الثأر، فإنّ العين بالعين والسن بالسن. إننا نقترح عينين اثنتين لكلّ عين وكلّ الأسنان لكلّ سن.»