انتصارات اليسار متواصلة في أمريكا اللاتينية تشيلي للاشتراكيين مرة أخرى...

بحصولها على تأييد 53.49% من أصوات الناخبين مقابل 46.5 لخصمها الملياردير اليميني سيباستيان بينيرا، فازت المرشحة اليسارية ميشال باشليه في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الأحد الماضي في تشيلي لتصبح أول امرأة تشغل منصب رئيس الدولة في هذا البلد وفي القارة الأمريكية الجنوبية بأسرها.

وفور إعلان النتائج تحدثت باشليه (54 عاماً) أمام حشود من أنصارها عن والدها الذي كان جنرالاً وسقط إحدى ضحايا ديكتاتورية بينوشيه ووعدت بأن تكون في خدمة المواطنين على رأس بلد «سيفاجئ العالم قبل عام 2010 ببرهنته على أنه قادر على الازدهار من جديد». وشأنها شأن والدها الذي كان مقرباً من الرئيس سلفادور الليندي الذي دبرت الاستخبارات المركزية الأمريكية الانقلاب عليه، سُجنت باشليه وتعرضت للتعذيب في عهد بينوشيه قبل أن يجري إبعادها مع والدتها خارج البلاد لتعود بعدها وتنهي دراستها للطب في تشيلي.

وبينما هنأ الرئيس المنتهية ولايته والاشتراكي أيضاً ريكاردو لاغوس الرئيسة الجديدة قائلاً إن مهمتها ستكون صعبة، اعترف خصمها بينيرا بهزيمته معتبراً أن باشليه هي رمز لنضال ملايين النساء اللواتي يسعين للوصول إلى المواقع التي تعود إليهن، في حين قال اندرياس زالديفار إنها ستكون رئيسة لكل التشيليين حتى أولئك الذين لم يصوتوا لها.

وكانت أصداء الفوز المتوقع لباشليه تتردد في تشيلي وخارجها حتى قبل إعلان نتائج الدورة الثانية من الانتخابات حيث قالت الروائية العالمية ايزابيل الليندي ابنة الرئيس الراحل إن مُثل العدالة الاجتماعية التي كانت تشكل جوهر مشروع سلفادور الليندي ما زالت قائمة في تشيلي التي تعمق الديمقراطية سعياً إلى المزيد من الانسجام مع العدالة الاجتماعية، مؤكدة أن ما يريده «تقدميو» تحالف «التشاور الديمقراطي» من الاشتراكيين والمسيحيين الديمقراطيين والراديكاليين، هو إضفاء الطابع الإنساني على العولمة وجعلها لا تهمش أحداً. وأضافت إيزابيل إن «التشاور» ليس تحالفاً انتخابياً فقط بل التئاماً بين الحس بالإنسانية لدى المسيحيين والعلمانيين بعد استخلاص نتائج تاريخهم وأخطائهم، علماً بأن التشاور الديمقراطي هو ثمرة حلف بين حزبين كانا متعاديين حتى استفتاء عام 1988 وهزيمة بينوشيه لأن هذا الحلف عرف كيف يتجاوز النظرات الإيديولوجية الضيقة، بحسب بعض المراقبين.

من جانبها شددت الديمقراطية المسيحية سوليداد ألفيار التي كانت مرشحة للانتخابات الرئاسية في تشيلي وانسحبت في عام 2004 لتفسح في المجال أمام الاشتراكية باشليه على هذه الميزة التشيلية، وقالت «إن إرث الليندي يتمثل في انسجام عميق بين هويته وما كان يفكر به ولكن ذلك كان يجري في حقبة بالغة التعقيد ارتكبنا فيها جميعاً أخطاءً وما وقع بعد ذلك (17 سنة من الديكتاتورية) دفعنا إلى إنشاء تحالف مثل التشاور». ورأت ألفيار أن «التقدمية» على الطريقة التشيلية ليست بالضرورة نموذجاً للتصدير لكن «التشاور» قدم لتشيلي أفضل الحكومات، على حد تعبيرها.

 

أما الوزير الاشتراكي الفرنسي السابق جاك لانغ فقد رأى أن تشيلي يمكن أن تشكل مصدر إلهام لبلدان أخرى موضحاً أنه من السهل جداً أن يتذرع حزب ما بما تمليه ايديولوجيته لعدم تغيير الواقع، غير أن المطلوب هو بناء تيار إنساني ثوري يحتل فيه الفرد قلب النظام ولا يعتبر بضاعة في نظام رأسمالي.