بوليفيا..  كابوس جديد لليبرالية الأمريكية

الانتصار الساحق للمرشح الرئاسي في الانتخابات البوليفية «إيفو مورالس» ممثلاً عن التنظيم الاشتراكي اليساري، يراه الكثير من المراقبين الدوليين، والقوى التحررية والتقدمية سواء في أمريكا اللاتينية أو في العالم بأسره، انتصاراً كبيراً سيفتح للعديد من الانتصارات اللاحقة للقوى والتيارات الرافضة لليبرالية الجديدة والمعادية لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية العدوانية تجاه الشعوب والأمم في بقاع أخرى من العالم.

 لقد أكد مورالس لإحدى المحطات الإذاعية في كويا أنه يشعر بالفخر لأنه استطاع أن يكسر الطوق المعولم الذي يحيط بكل صغيرة وكبيرة في بلاده، مقيداً إرادتها الوطنية وسعيها للتحرر من هيمنة الآخرين..

الرئيس البوليفي عبر من العاصمة البوليفية عن عميق ثقته بالشعب البوليفي وأكد أنه يشعر بعميق الفرحة بالنصر، كما وتعهد بالعمل الدؤوب على ترسيخ وتعميق الوحدة الوطنية في عموم البلاد، ولم ينس في أول تصريح صحفي له بعد الانتخابات أن يرد على خصومه الذين حاولوا بكل الوسائل وبإمكانيات مادية كبيرة أن يعيقوا وصوله إلى سدة الرئاسة، ويؤكد أن الشعب البوليفي يعرفه جيداً كما ويحسن التمييز بين المرتبطين المرهونين لإرادة الخارج وبين الوطنيين الحقيقيين، لأن الحملات المغرضة المعادية لم تؤثر في نتائج الانتخابات، فالفقراء والمهمشون في المجتمع يعرفون من يدافع عنهم حقيقة ولماذا.

وربما المسألة الأهم أن مورالس انبرى للتأكيد أن المهمة الرئيسية الأولى لحكومته ستكون استعادة الموارد الطبيعية المخصخصة ومحاربة النيوليبرالية والسعي الحثيث لفتح العلاقات مع دول العالم وإجراء المحادثات مع مختلف الرؤساء لما فيه المصلحة المشتركة، بالإضافة لفتح قنوات الحوار مع أبناء الشعب ليعبروا عن تطلعاتهم وهمومهم المختلفة.

وأشار الرئيس البوليفي العتيد إلى أنه سيعمل على إعادة تنظيم البرلمان، كما ويفكر بالسفر لخارج البلاد للتواصل مع مختلف الرؤساء  في العالم. كما بعث رسالة شكر لأبناء الشعب والحكومة الكوبية للتضامن الأخوي المستمر مع الشعب البوليفي.

على الصعيد السياسي لم يتأخر الرئيس البوليفي الجديد في التأكيد على إدانته للحصار الأمريكي الاقتصادي والتجاري والمالي الظالم والمتعسف ضد كوبا، ومحاولة الهيمنة على كل مقدرات وثروات القارة الأمريكية الجنوبية.

وبمجرد ظهور نتائج الانتخابات البوليفية، أخذت بعض الصحف الأمريكية اللاتينية تذكر قراءها بالتاريخ النضالي لمورالس المحتضن شعبياً ضد الحكومات المتعاقبة في العقود الأخيرة على بوليفيا، وقالت إحداها إن استلام مورالس الحكم يشكل حدثاً شديد الأهمية في تاريخ بوليفيا لأنه سيقلب الأمور فيها رأساً على عقب.

يذكر أن الانتصار الشعبي لمورالس في بوليفيا، وهو المتحدر من سلالة السكان الأصليين يعد الأول من  نوعه، وقد بادرت أحزاب تجمع السكان ذوي الأصول الهندية وجبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني في السلفادور وغيرها من المنظمات لتهنئته والتعبير عن عظيم سعادتها ودعمها لنتائج الانتخابات.

 

إن نضال السكان ذوي الأصول الهندية، الفقراء بمعظمهم، لم ينقطع يوماً، وقد راحت تظهر أولى نتائجه منذ أن استطاعوا في تشرين الأول لعام 2003 إسقاط الرئيس «جونزالس سانشيز دي لوسادا» الأمر الذي مثل هزيمة ملحوظة لدعاة النيوليبرالية والموالين للولايات المتحدة الأمريكية، تلا ذلك وصول الرئيس «كارلوس ميسا» إلى سدة الحكم حيث استلم منصب الرئاسة ولكنه اضطر للتخلي عنه بعد أقل من سنة بتأثير الضغوط الشعبية، كما واضطر أيضاً الرئيس اللاحق له «إدواردو رودريغس» لتحديد انتخابات رئاسية مبكرة، الأمر الذي أدى لانتخاب مورالس الذي يطمح لإرضاء التطلعات والمطالب الشعبية.