الكسندر كوكبيرن الكسندر كوكبيرن

الأعلام الحمراء في غرب «البنجال»..

في وقت سابق من هذا الشهر، اكتسحت جبهة يسارية يقودها الحزب الشيوعي الهندي  (الماركسي) غرب «البنجال» بأغلبية ثلاثة أرباع، حيث فازت ب 233 مقعداً من مجموع 293 مقعداً تم الإعلان عنها. وفي تصويت مراقب بدقة متناهية، كان ذلك أكبر انتصار لهذا التحالف منذ ذروة إصلاحات الأراضي التي قام بها الحزب الشيوعي الهندي سنة ،1987 وانتصار اليسار السابع في التصويت على انتخاب الهيئة التشريعية الحكومية في غرب البنجال، والانتصار المباشر الخامس عشر (إذا أخذت انتخابات البرلمان المركزي من غرب البنجال في الاعتبار) منذ أن وصل الناخبون اليسار إلى سدة الحكم سنة 1977.

وفي دولة يبلغ عدد سكانها ما يقارب 100 مليون نسمة، صوّت أكثر من 40 مليون شخص، أي ما يقرب من 80% من جمهور الناخبين المؤهلين، في غرب البنجال، ليمنحوا الجبهة اليسارية التي يقودها الحزب الشيوعي الهندي الماركسي هذا النوع من الفوز.

وفي هذه الانتخابات الإقليمية اكتسح اليسار كذلك ولاية «كيرالا» في الجنوب الغربي، التي يبلغ عدد سكانها 32 مليون نسمة، بأغلبية ثلاثة أرباع، ضمن أكبر انتصار لليسار في تاريخ «كيرالا» كله. وقد فازت الجبهة الديمقراطية اليسارية بثلثي عدد المقاعد، حيث هيمن الحزب الشيوعي الهندي الماركسي نفسه على 61 مقعداً من مجموع 98 مقعداً ضمنها التحالف. وفي مقاطعة «واياناد» المرتفعة في ولاية كيرالا، التي قمتُ بزيارتها في العام الماضي، وحيث كان المزارعون يُقدمون على الانتحار في خضم الدمار الذي أحدثته الإصلاحات اللبرالية الجديدة، فازت الجبهة اليسارية بالمقاعد الثلاثة جميعاً للمرة الأولى في تاريخ «كيرالا».

وكان من بين أكبر الخاسرين في «كيرالا» عصبة المسلمين المتحدين في الهند، الرجعية، حيث صوّت ضدها هذه المرة، آلاف لا حصر لها من المسلمين، وبخاصة من الشباب من الجنسين. وخسرت العصبة المقاعد التي ظلت تحتفظ بها على مدى عقود من الزمن.

وكانت الأقلية الإسلامية تعرف أشياء قليلة عن اليسار منها، أنه لم يحدث في أي ولاية يحكمها اليسار، عندما كان في السلطة، أن أدت أعمال الشغب إلى إطلاق أعمال عنف طائفي.

إن وسائل الإعلام الوطنية الهندية هي على الأغلب مناوئة لليسار بصورة كاسحة. وقد عرضت نفسها للسخرية سنة 2004 وهي بصدد فعل ذلك مرة أخرى الآن. وفي غرب البنجال، تقدّم التفسير الذي يقول إن الانتصار الأخير للحزب الشيوعي الهندي الماركسي، يعود كله إلى الشخصية الرائعة لرئيس ولاية غرب البنجال، بوداديف باتاتشاريا، الذي ترى النخبة أنه رجل إصلاحات عظيم. وفي حقيقة الأمر، كان اليسار على الدوام مؤيداً للإصلاحات، بالاستعمال النزيه للكلمة، حيث تعني إصلاحات الأراضي وإصلاحات العمل التي يعتقد اليسار بأنها متطلبات مسبقة للأنواع الأخرى من الإصلاحات.

واليسار ضد الخصخصة التي تعني ببساطة سرقة الموارد العامة، من النوع الذي أوقفه الرئيس المنتخب حديثاً، ايفو موراليس، في قطاع الغاز الطبيعي في بوليفيا. وقد قاد اليسار احتجاجات رئيسية ضد الخصخصة.

إن انتصارات اليسار المذهلة تسبب الإحباط في أوساط الإعلام الرئيسية (باستثناء صحيفة هندو). وقد تضطر وسائل الإعلام إلى الاعتراف بأن ساسة اليسار والمنظِّمين كانوا هم الذين يتحدثون عن الجوع، والمجاعة، والأمن الغذائي، والإصلاحات الجديدة، والأزمة الزراعية، والقطاع العام، وضد الخصخصة.

إن الحزب الشيوعي الهندي الماركسي، هو البديل الوحيد القابل للحياة. فهو يقف إلى جانب الفقراء في وقت الشدة دائماً. هذا ما قاله أحد القرويين.. والأعلام الحمر التي رأيتها في القرى في وياناد ليست شعارات بالية، مثل الخردوات المعروضة للبيع في المعبر بين برلين الشرقية والغربية. فهي من الناحية السياسية حية، نابضة بالنشاط.