لماذا تتمنى أميركا وبريطانيا حرباً أهلية في العراق

 لن تكون هناك حرب أهلية في العراق، ولم يشهد البلد حرباً أهلية قط. ففي عام 1920، حذر لويد جورج من نشوب حرب أهلية في العراق إذا غادره الجيش البريطاني، تماماً كما يحذر الأمريكيون العراقيين الآن بحرب أهلية إذا ما هم غادروا. ومنذ عام 2003، دأب المتحدثون الأمريكيون على التحذير من خطر اشتعال الحرب الأهلية إذا غادرت القوات الأمريكية العراق.

إنّ ما لم تتعلمه ولا تستطيع أن تتعلمه القوى الامبريالية الاستعمارية هو أن العراق ليس دولة طائفية وإنما بلد قبلي. والرجال والنساء هناك يتزوجون حسب الديانة لا حسب الانتماء الطائفي. قبل عام من الآن، جلست مع طبيب كان شقيقه قد قتل للتو على أيدي مسلحين، وكنت متأكداً من أن هؤلاء القتلة كانوا من (طائفة أخرى) الذين أغضبهم اعتراض الشقيق على بناء مجلس (لذات الطائفة) في نهاية شارعه.

 

  وخلال غداء المأتم، سألت شقيق القتيل ما إذا كان العراق متجهاً إلى حرب أهلية.فردّ عليّ متسائلاً: لماذا تريدون أنتم الأمريكيون (الكاتب بريطاني) منّا أن نغرق في حرب أهلية. أنا (من طائفة) وزوجتي (من طائفة أخرى)، هل تريدون مني أن أقتل زوجتي؟ هناك الكثير من الصحافيين والكتاب والناطقين باسم البيت الأبيض الذين يروق لهم تهديد العراق بالحرب الأهلية. لكن لماذا؟

  قبل عامين، أدلى متحدث أمريكي رسمي بتصريح يروج لمثل هذه التهديدات. وقال إن «القاعدة» ـ وهو عنى بذلك (طائفة بعينها) طبعاً ـ تريد إشعال حرب أهلية، لكن (أبناء الطائفة الأخرى) رفضوا أن ينساقوا للأميركيين في إشعال حرب أهلية، وبقي العراق متماسكاً على نحو محبط للاحتلال.

  أما في لبنان، فمن السهل الترميز إلى الحرب الأهلية، (حيث) كان الأمريكيون والإسرائيليون يقفون في صف أي جانب يريدونه.

  وحتى في الوقت الحاضر، تواصل الحكومة الأمريكية إطلاق «تحذيراتها» من مخاطر الحرب الأهلية مجدداً، وكأن اللبنانيين بحاجة إليها. ومن المؤسف أن اللبنانيين عاشوا ويلات حرب أهلية كلفتهم 150 ألف قتيل. والعراقيون ليسوا بحاجة لمثل هذا الصراع الفظيع، فلماذا نتمناه نحن لهم.

 ■  روبرت فيسك

 

 عن موقعICAWS  بتصرف