سيمبا روسو سيمبا روسو

مقتل مئات من الفارين من قصف حلف شمال الأطلسي «ليبيا وراءكم وأعماق البحر أمامكم»

راس أجير، تونس، أغسطس (آي بي إس)- سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، تسببت عمليات القصف المكثف على ليبيا التي شنها حلف شمال الأطلسي منذ خمسة أشهر بذريعة حماية المواطنين المدنيين، في مقتل أكثر من 1800 شخصاً أثناء محاولاتهم الفرار من الصراع الدائر حتى الآن.

فمنذ بداية «الربيع العربي» في ليبيا، وشن منظمة حلف شمال الأطلسي هجماتها المتواصلة ضد نظام معمر القذافي، لقي ما يزيد على 1800 شخص حتفهم غرقاً أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط على متن زوارق مكتظة وغير صالحة للإبحار.

كذلك فقد انتشلت دوريات الحراسة الساحلية الإيطالية 25 جثة للاجئين من جنوب الصحراء الكبرى، اختنقوا حتى الموت في غرفة محركات سفينة مكتظة بما يقرب من 300 شخصاً، كانت تحاول الوصول إلى جزيرة لامبيدوزا جنوب ايطاليا.

ويشار إلى أن معمر القذافي قد فرض في التسعينيات تحولاً جوهرياً في سياسات الهجرة الأجنبية إلى ليبيا، وفتح أبواب البلاد على مصراعيها أمام سيل المهاجرين من دول جنوب الصحراء الكبرى وطالبي اللجوء الوافدين من السودان وتشاد والصومال والنيجر.

فتوافد العديد منهم على ليبيا بحثاً عن عمل أو هرباً من العنف السياسي في بلادهم، أو عبروا الأراضي الليبية على أمل الوصول إلى مالطا أو لامبيدوزا اللتين يُنظر إليهما كبوابتين لدخول أوروبا.

هذا ولقد تعرض خفر السواحل الايطالية ومنظمة حلف شمال الأطلسي لانتقادات شديدة في وقت سابق من هذا العام، لعدم مساعدتها سفينة صغيرة كانت تحمل على متنها 47 أثيوبياً وسبعة نيجيريين وستة غانيين وخمسة مهاجرين ولاجئين سياسيين سودانيين، متجاهلة صرخاتهم طلباً للإغاثة. فلقي العشرات منهم حتفهم.

كما أصدرت منظمة أطباء بلا حدود تقريراً حديثاً بعنوان «المحاصرين في العبور: الضحايا المنسيين للحرب في ليبيا»، أفادت فيه أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي تمنع اللاجئين وطالبي اللجوء من الوصول وتغلق حدودها في وجههم بذريعة مكافحة الهجرة غير القانونية، وذلك بدلاً من توفير السلامة والحماية لهم.

وصرح المنسق الميداني لمنظمة أطباء بلا حدود في مخيم شوشة في تونس، ساشا ماثيوز «إننا نطعن في ممارسة المجتمع الدولي مثل هذه المعايير المزدوجة، ويجب التذكير بأن حلف شمال لأطلسي قرر التدخل في ليبيا لحماية المدنيين».

وأضاف أن رد الفعل على مستوى دول الاتحاد الأوربي «ليس عن طريق إغلاق الحدود، بل وينبغي أن تفتح حدودها لهم وأن تنظر إليهم كضحايا للصراع وأن تقبلهم».

ويذكر أن ليبيا- وهي ليست طرفاً في اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين وليس لديها أي نظام لجوء- هي شريك مهم للاتحاد الأوربي في حملة وقف تدفقات الهجرة عبر البحر المتوسط، وذلك منذ عام 2004 إثر رفع العقوبات المفروضة عليها.

وفي عام 2008، وقعت مؤسسة القذافي مع رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني على اتفاق يعرف باسم «معاهدة الصداقة» ويسمح بترحيل المهاجرين إلى ليبيا.

فصرح غابرييلي دل غراندي، منسق موقع «حصن أوروبا»، أن ما سبق هو بمثابة «أعمال غير مشروعة، ومن المتوقع أن تصدر المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان حكمها خلال بضعة أشهر، فهي تقوم حالياً باستعراض قضية 2009 ضد الحكومة الإيطالية بشأن ترحيل اللاجئين إلى ليبيا».

وشرح أن «هذه السياسات تتنافى مع القوانين البحرية الدولية، والمادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تمنح حق اللجوء، والمادة 3 من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان التي تحظر إرسال رعايا دولة ثالثة إلى أماكن يواجهون فيها معاملة لاإنسانية أو مهينة».

هذا وعلى الرغم من زعم السلطات الإيطالية أن «معاهدة الصداقة» مع ليبيا أدت إلى خفض عدد المهاجرين غير القانونين بنسبة 94 في المئة، يؤكد المدافعون عن حقوق الإنسان أنه جرى رفض إجراء التقييمات السليمة الواجبة لاحتياجات وطلبات اللجوء الخاصة بالمهاجرين المحتجزين.

وأكد الحقوقيون كذلك أن المهاجرين الذين ترحلهم إيطاليا إلى ليبيا يتعرضون للاحتجاز لأجل غير مسمى.

وأفاد ساشا ماثيوز أن «الحكومة الإيطالية أعادت التوقيع في شهر يونيو الماضي على الاتفاق نفسه (بترحيل المهاجرين إلى ليبيا) مع المجلس الليبي الانتقالي ومقره في بنغازي».

وشرح «لذلك نحن قلقون للغاية لأننا لا نعرف ما إذا كان أولئك الذين يغادرون مخيم شوشة للعودة إلى ليبيا سوف يحاولون الحصول على قارب يحملهم إلى أوربا وبالتحديد إلى إيطاليا، أم سيتم اعتقالهم في ليبيا... فنحن نعلم أن الأوضاع في هذه المعتقلات صعبة للغاية ويشوبها الكثير من العنف وسوء المعاملة».

■ (آي بي إس)