القاهرة - إبراهيم البدراوي - خاص قاسيون القاهرة - إبراهيم البدراوي - خاص قاسيون

الاقتراب من خط النهاية

ثمة قدر كبير من التشابه في جوهر بعض أهم قسمات الواقع الموضوعي في أعوام 1951-1981 وقسمات الواقع الراهن (في مصر).

أول هذه القسمات هو افتقاد تعدد الخيارات، وحينما تضيق الخيارات أو تتلاشى، فإن ذلك يعبر عن احتدام الأزمة. كان خيار مطلع الخمسينات من القرن الماضي هو حرق القاهرة والانقضاض على الحركة الوطنية، وكان خياراً خائباً. حدثت في إثره ثورة يوليو 1952، وكان خيار الاندفاع صوب علاقات وتسويات والارتماء على العدو الصهيو-أمريكي، والانقضاض على الحركة الوطنية مطلع ثمانينات القرن الماضي خياراً خائباً أوصل إلى حادث المنصة (اغتيال السادات 1981).. وها هي الخيارات وقد انحسرت أمام السلطة الحاكمة راهناً.

ثانيها الفراغ السياسي، إذ تم تغييب النخبة السياسية عنوة في الظرفين السابقين. بينما غابت النخبة طوعياً هذه المرة وقايضت على مبادئها باستثناء شريحة ضيقة منها بقيت خارج المنظومة السياسية الرسمية للسلطة. مع حضور لقوى الإسلام السياسي في الحالات الثلاث ولكنها أقوى في الظرف الراهن، رغم أنها تحمل سياسياً وطبقياً رؤى السلطة الحالية نفسها خصوصاً في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية، وإن كانت مموهة في السياسات الوطنية والقومية الخ.

ثالثها هو طموح الجماهير في التغيير، وهو راهناً أكبر من المرتين السابقتين بما يتناسب مع المعاناة اليومية غير المسبوقة، وبما يفوق تصورات النخب السياسية. فالغضب عارم وشامل والتحركات شديدة الاتساع (وإن كانت مبعثرة) تمتد من الطبقة العاملة حتى القضاة ومن الفلاحين حتى الطلاب والمثقفين الخ.

رابعها هو اشتداد الأزمة الاقتصادية الراهنة وما يصاحبها من فساد هو المحرك لكل سلوك وممارسات الطبقة الحاكمة الغاصبة للثروة والسلطة، وما أنتجته من فقر وتفاوت طبقي وجوع وبطالة وحرمان وتجريف قاسِ لكل ثروات الوطن.

وخامسها حضور القضية الوطنية بشكل أعمق من أي وقت مضى. لقد كان الغضب الشعبي عارماً أيام العدوان على لبنان وقبله على العراق، وهو الآن أقوى لأن حصار غزة والمذابح التي يقوم بها العدو جعل الخطر أقرب.

وسادسها مرتبط بكل مكونات المشهد المصري وقسماته الراهنة، وهو إدراك انكشاف الأمن القومي (بمعناه الشامل)، إلى جانب افتقاد إستراتيجية للبلاد بالرغم من الأخطار المحيطة، ومن توفر الإمكانيات والقوى والمؤسسات القادرة على صياغتها.. إذ أن مصر برغم كل ما تعانيه لازالت تمتلك قوى قادرة على الفعل ومنحازة للوطن ومدركة للأخطار الحالية.

***

إذا كانت المعارك المجيدة للعمال والفلاحين والقضاة والصحفيين والطلاب الخ تشي بشيء، فإن نموذجاً حاضراً يتمثل في المعركة العنيفة بين الحكومة وبين رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات- وهو جهاز رقابي رفيع المستوى- بشأن انتهاكات وانحرافات وتدمير مقومات الاقتصاد الوطني التي تقوم بها الحكومة، وهو واحد من مؤسسات عدة تشكل العمود الفقري للدولة حافظت على تماسكها ووجودها حتى الآن. إن هذه المعركة تشي بأمور وخلاصات هامة.

إن البلاد الآن على مفترق طرق حاسم، والأوضاع شديدة التعقيد والصعوبة والخطر، والأمور تسير سريعاً نحو خط نهاية لمرحلة وولوج أخرى. لكن مقدمات مخاض تتبلور..وهو قادم لا محالة .. حتى ولو كان عسيراً.

المقالة كاملة تجدونها على الموقع

www.kassioun.org

آخر تعديل على الأربعاء, 23 تشرين2/نوفمبر 2016 22:17