جهاد أسعد محمد جهاد أسعد محمد

منتظر الزيدي يوجه عبر «قاسيون» تحية للمقاومين في غزة والعراق.. أنتم أحرار هذه الأرض.. وأنا ابنكم.. عدي الزيدي لقاسيون: منتظر سبّب الذعر للحكومة والعملاء لأنه وحّد العراقيين

مع حلول الذكرى السادسة للغزو الأمريكي للعراق وبقاء هذا البلد العربي تحت مطرقة جرائم الاحتلال ونهبه، وسندان حمامات الدم المتنقلة في أرجائه المرشحة أمريكياً للتشظي والتفتيت تحت يافطة الانسحاب الأمريكي المزعوم ونقل السيادة المنقوصة، استقبلت «قاسيون» في مقرها الأستاذ عدي الزيدي شقيق البطل منتظر الزيدي، الذي ما انفك يسعى لإبقاء قضية منتظر حارة في وقت أدمنت فيه «الأمة» نسيان أبطالها، خصوصاً بعد إصدار الحكم الجائر عليه بالسجن ثلاث سنوات.. هذه المرة حل عدي ضيفاً عزيزاً على صحيفتنا حاملاً رسالتين من الأسير منتظر يحيي فيها المقاومة في كل من فلسطين والعراق، وقد أجرينا معه الحوار التالي..

• هل يمكن أن تضعنا في صورة الأجواء التي سبقت ورافقت جلسة إصدار الحكم على منتظر الزيدي؟
أولاً أشكر جريدة قاسيون على اهتمامها الدائم ومتابعتها المستمرة لهذه القضية، خصوصاً بعد أن فترت همة معظم وسائل الإعلام الأخرى في متابعتها..
 أما فيما يخص الجلسة التي صدر فيها الحكم، حقيقة كنا على علم مسبق بالألاعيب المحتملة للحكومة، لذلك اتخذنا القرار بالذهاب مبكراً صبيحة الجلسة والانتظار على باب المحكمة، والمفاجأة التي صعقتنا هي قدوم خمسة من الأمريكان بسيارات مصفحة تابعة لشركة «بلاك ووتر»، فدخلوا قاعة المحكمة واجتمعوا مع القاضي من الساعة الثامنة والنصف حتى الساعة العاشرة والنصف تقريباً، ثم خرجوا دون أن نعرف ماهية الأحاديث التي دارت بينهم وبين القاضي، علماً أنهم في الجلسة الأولى كانوا حاضرين كمستمعين فقط..
عموماً كنا نحن أفراد العائلة متفقين قبل القدوم إلى المحكمة أن نتمثل ما قام به منتظر، بأن نرجم أعضاء المحكمة بأحذيتنا، حيث كنا حوالي /25/ فرداً من عائلة المنتظر، لكن يبدو أنهم شعروا بأننا سنقوم بفعل ما، لذلك عند دخولنا قاعة المحكمة فوجئنا بحضور أكثر من /45/ مرافقاً «بادي غاردز» متحفزين ومتشنجين ويتابعوننا لحظة لحظة، وقد تم منعنا من الجلوس في المقاعد الأمامية، فاضطررنا للجلوس في المقاعد الخلفية، وأجبروني على التعهد بألا يحصل أي سلوك فيه إخلال بالأمن، وقبل أن يدخل القاضي ويبدأ النائب العام بسرد القضية، طلب محامي «المنتظر» الشروع بمرافعة الدفاع مؤكداً أنه يملك الأدلة الكاملة لبراءته، وقد بدأ كلامه بالاعتراض على لوحة موضوعة على صدر المنتظر مكتوب عليها «صحافة البيت الأبيض»، وتساءل: كيف تُعلّق لوحة كهذه على صدر منتظر وهو العراقي والمحكمة في العراق؟ فكان رد القاضي: «عليك أن تقدم اعتراضك هذا لمحكمة التمييز».. وهنا أدركنا، وأدرك الجميع أن قرار المحكمة كان جاهزاً، وما الجلسة إلا مجرد مسرحية.. وتأكد استنتاجنا حين قال المدعي العام: لقد جاءنا كتاب من رئاسة مجلس الوزراء يثبت أن السيد جورج بوش جاء بزيارة رسمية ومعلنة، وكانت هذه النقطة إحدى نقاط دفاعنا لعلمنا يقيناً أن الزيارة كانت غير رسمية وغير معلنة، فقد كنا نملك شريطاً مسجلاً رفضت المحكمة الاستماع إليه، يؤكد أن الرئيس جلال الطالباني قال إنه تفاجأ مثله مثل كل العراقيين بقدوم جورج بوش إلى العراق، وقد قال بالحرف الواحد: «لقد استقبلني جورج بوش في العراق ولست أنا من استقبلته»، وهذا صحيح مئة بالمئة، لأن ساعة دخول جورج بوش المنطقة الخضراء كان الرئيس جلال الطالباني في أربيل.. المهم انتهت المسرحية بإخراجنا من القاعة نحن وكل وسائل الإعلام الموجودة، بحجة المداولة، بعد ذلك استؤنفت الجلسة بحضور عضوين من مجلس النواب، وبدأ القاضي بمساءلة منتظر، فاتهمه بضرب رئيس جورج بوش وهو ضيف العراق. فأجاب منتظر: إنني لم أضرب ضيف العراق بل ضربت محتلاً، وهذا حق شرعي لي أن أقاوم بطريقتي، فنطق القاضي الحكم بسجنه ثلاث سنوات حسب المادة /223/، عندها أخذ المنتظر بالهتاف بأعلى صوته: عاش العراق.. عاش العراق.. عاش العراق.. وراح يؤكد أن السنوات الثلاث التي سيقضيها في السجن بمثابة عربون وفاء للشهداء العراقيين الذين ضحوا من أجل حرية العراق واستقلاله، وعند خروج منتظر من المحكمة هجنا في القاعة، فأخرجونا بالقوة، ورفض منتظر أمام وسائل الإعلام الصعود في سيارات «الهامر» التي أتوا بها لاقتياده إلى السجن، إلا إذا سمح له اللقاء بي، وهذا ما تم بالإكراه والحرج، فقد كان ممنوعاً علي لقاؤه بسبب الجولة التي قمت بها في الدول العربية لحشد التأييد له.
وأمام باب المحكمة، ورغم الحراسة المشددة طلب مني منتظر إعطاءه المفكرة التي بحوزتي، وكتب عليها رسالة إلى غزة، ورسالة إلى الشعب العراقي، وأعطاني بعض القصاصات الورقية قد كُتب عليها أشعاراً، وقال: أرجو أن تقيموا لي حفلة في البيت بدل من الحزن، وأن توزعوا الحلوى على الناس، لأني ضحيت من أجل العراق، وأعتبر أن هذه السنوات الثلاث أضحية لشهداء العراق وغزة..
 • الآن بعد صدور الحكم، وهو قابل للاستئناف، ما هي الخطوة القادمة؟ وهل أنتم متفائلون بإمكانية تخفيف الحكم أو الحصول على البراءة؟
لقد سألوني هذا السؤال قبل دخولي المحكمة، وبصراحة كان ردي أنني لست متفائلاً في ظل ظروف العراق، فمنتظر سبب الرعب والذعر للحكومة ولجميع العملاء كونه وحّد العراقيين وأصبح بطلاً شعبياً ورمزاً، وربما يكون الشخص الوحيد الذي يتّفق عليه الشعب العراقي بمختلف أطيافه، وهذا بالضبط مالا يحبذه الأمريكان وعملاؤهم، فوجود شخص مرحب به في الشمال كما في الجنوب والوسط أمر يخالف ما سعوا طوال سنوات الاحتلال لضربه، لكن الخطوة المهمة الآن هي التركيز والعمل على استمرار وسائل الإعلام في تناول القضية، لأن الجولة التي قمت بها والضغط الإعلامي الكبير هو ما ساهم في تخفيض الحكم من /15/ سنة إلى ثلاث سنوات، لذلك نحن باسم منتظر وكل العراقيين نشكر جميع من ساهم بالحملة الإعلامية التي كان لها الأثر الكبير في تخفيف الحكم..
لكن المنتظر يبقى في خطر، والحقيقة أنني تحدثت مع أفراد العائلة ومع وسائل الإعلام عن احتمال اغتيال منتظر داخل السجن سواء على أيدي الحكومة، أو على أيدي الاحتلال.. وفي العموم، ورغم وضعنا المادي الصعب سنحاول أن نرفع دعوى في بلجيكا ضد من عذّب منتظر، وهذا يشمل موفق الربيعي مستشار الأمن القومي ولا ينتهي عند سمير حداد المرافق الشخصي للمالكي..
 • ألا تتلقون دعماً من أية جهة للاستمرار في العمل لإطلاق سراح المنتظر؟
لا توجد عندنا أية جهة داعمة.. نحن نعمل ضمن إمكانياتنا المحدودة، وقد اضطررت شخصياً لبيع بيتي وسيارتي للاستمرار في متابعة القضية، والحقيقة أني تلقيت مجموعة من الخيبات دفعة واحدة، فقد خذلنا المحامون العرب، وعلى رأسهم نقيب المحامين، فبعد أن كان الآلاف منهم يريدون التطوع للدفاع عن المنتظر، لم نجد في اللحظة الحاسمة أياً منهم، كما أنني الآن ممنوع من دخول معظم البلدان العربية..!