«ليبيا الكرامة»: عملية الهروب إلى الأمام

«ليبيا الكرامة»: عملية الهروب إلى الأمام

منذ 2011، لم تشهد الأزمة في ليبيا توافقاً، كالذي يجري اليوم على مستوى «المجلس الوطني»، بالرغم من انطلاق العملية العسكرية «ليبيا الكرامة»، بقيادة خليفة حفتر، حيث جرت تسوية الأزمة السياسية داخل «المؤتمر الوطني» بقرار المجلس القضائي.

جاء ذلك بعد الإعلان، في التاسع من حزيران الجاري، عن عدم دستورية حكومة أحمد معيتيق، المدعوم من تيار الإسلام السياسي، تحديداً من تيار «أنصار الشريعة»، الذين يشكلون أغلبية أعضاء «المؤتمر الوطني العام»، وتكليف حكومة عبدالله الثني بتسيير أعمال الحكومة، حتى إجراء الانتخابات البرلمانية في الخامس والعشرين من الشهر الجاري.

وقد جاء تأكيد معيتيق على التزامه بالقرار، ليؤكد أن حصيلة ما يجري في ليبيا هو في أحد مندرجاته أداة لاستمرار «المجلس الوطني» وشركائه، إسلاميين كانوا أم عسكريين ليبراليين، بإدارة شؤون البلاد.

الخطوة الاستباقية لحفتر

في محاولة لتلافي تكرار ما حصل من هزيمة للإسلام السياسي، يظهر بشكلٍ واضح الدعم الغربي للواء حفتر، بعد أن أصبح الشخصية البارزة في الإعلام الغربي، وتقديمه على أنه «مخلص ليبيا من الإرهاب» و«رجل ليبيا الأول»، بالرغم من وجود بعض التيارات المناهضة لحفتر، والتي لا تشكل أهمية كمياً أمام مجموع القوات العسكرية التي استطاع اللواء حفتر ضمها إلى قواته، حيث أعلن عن انضمام 70 ألف جندي وكل من سلاح الجو والبحرية وقوات الدفاع الجوي والقوات البرية إلى عمليته العسكرية، التي بدأت بضرب مواقع في غرب بنغازي، ومن ثم شهدت عملية «ليبيا الكرامة» تأييد وزارة الداخلية وإدارة الاستخبارات العسكرية، وانضمام مدينة طبرق بقاعدتها الجوية وكل ثكناتها للعملية.

الغرب يقوِّض ليبيا بخيارين

ويجري الحديث عن وصول قوات «درع ليبيا» الوسطى، المقربة من الإسلاميين على طول الخط الواصل بين مصراته وطرابلس لحمايتها، بطلب من «المؤتمر الوطني العام» ومساندة معارضي حفتر، وعلى رأسهم رئيس هيئة الأركان في الجيش الليبي، عبد السلام الصالحين، وكل من غرفة عمليات «ثوار ليبيا في طرابلس» وغرفة «ثوار بنغازي» و«أنصار الشريعة»، بالإضافة إلى إعلان «كتيبة راف الله السحاتي» واللواء 319 وكتائب من مصراته والزاوية تأييدها لما سمته «شرعية المؤتمر» وهي جميعها «كتائب» موالية للتيارات الإسلامية في «المؤتمر الوطني العام».

يجري تعديل في الساحة الليبية على أساس الهزيمة التي منيت بها قوى الإسلام السياسي  في دول الجوار، والذي تطلب تغيير اللاعبين فقط، في حين بقيت قواعد اللعبة ذاتها من فوضى سياسية وأمنية، تفرض استمرار التحكم بالنفط الليبي وسواحله، ليبقى الخياران المتاحان هناك: حليف عسكري ليبرالي جديد، أو مرحلة جديدة من الانقسام والصراع.