الرئيس المصري يحتل الصدارة وبكل شفافية

الرئيس المصري يحتل الصدارة وبكل شفافية

يخطئ من يظن أن المشهد المصري مايزال يلبس عباءة الغموض أو أنه لايزال يثير التساؤلات حول حقيقة ما يجري، فقد احتل مرسي الصدارة في مسألة توضيحه، إذ أنه لم يتأخر عن تغيير الخارطة العسكرية للجيش المصري باتجاهات مريبة، حيث جاء الإعلان عن سلسلة الإقالات في قيادات القوات المسلحة المصرية وضباطها مع إبقاء على ضباط آخرين وصفوا أيضاً بعلاقاتهم الطيبة مع النظام الأمريكي، كالعضو في المجلس العسكري محمد سعيد العصار الذي كان مقرباً جداً من المشير طنطاوي. 

جاءت هذه الإجراءات بالتزامن مع تشكيل حكومة الإخوان الجديدة ، والتي أثارت جدلاً دولياً حول مصر بعد مبارك، ومن ثم تم إلغاء الإعلان الدستوري المكمل والذي نص في مادته 56على أن « يباشر المجلس العسكرى الاختصاصات المنصوص عليها في البند 1 من المادة 56 من الإعلان الدستوري (المتعلقة بالتشريع وإقرار الموازنة) لحين انتخاب مجلس شعب جديد ومباشرته اختصاصاته» . حيث يستطيع الرئيس بذلك التحكم   بصلاحيات المجلس العسكري، و يصبح هو سيد الموقف وصاحب السلطة السياسية الأوسع  في البلاد، معلناً بداية الحقبة السياسية الجديدة  ومستفتحاً إياها برفع سقف القرض الذي طلبته مصرمن صندوق النقد الدولي بعد أربعة شهور من سقوط مبارك والذي (تم تعطيل مشروعه من أعضاء الإخوان أنفسهم سابقاً إبان حكومة الجنزوري) من3,2إلى 4,8مليار دولار. يقدم القرض لمصر مقابل شرط تم التعتيم عليه وهو قيام مصر بايداع قيمة هذا القرض بالجنيهات المصرية في صندوق النقد أي حوالي 30 مليار جنيه مصري وهذا يعني أن الاستدانة الفعلية تمت من أموال المصريين مقابل الشروط المفروضة من صندوق الدولي وأهمها رفع الدعم عن قطاعات الطاقة وتخفيض قيمة الجنيه المصري مما سيضاعف من فاتورة الدين الذي دفعه المصريون ومسبقاً فيما يزهو محمد مرسي بقرضه الحسن والذي تهافتت عليه الفتاوى في سبيل تبريره وابعاد شبهات الحرمة حوله!! أن التخفيض المتوقع لقيمة الجنيه سيؤدي أيضاً إلى زيادة قيمة الدين الخارجي لمصر والتي تستوجب السداد بالعملة الصعبة، إضافة إلى وضع البلد تحت الوصاية الدولية.

ومن المؤسف القول إن ثمن هذه المعاهدات لم يعد التحكم بثروات الشعوب فقط بل تعدى ذلك إلى حرمانها من تاريخها وموروثها وكرامتها وبالتالي قرارها تجاه مصيرها حيث يقوم مرسي الآن وعلى نهج الإخوان والجماعة بتمكين الولايات المتحدة من استرجاع الخسارة التي كادت أن تحدث بعد ثورة يناير .

حاول مرسي بذكاء تحويل أحداث سيناء لمصلحته إذ أنه أن أكد للولايات المتحدة نواياه الحسنة في الحفاظ على أمن سيناء بمكافحة الإرهاب،عن طريق ضباطه الجدد وقام بفتح معبر رفح لتخفيف الإستياء الشعبي الذي حدث في مصر، والذي دعا إلى مليونية مناهضة للإخوان، انتهت بحضورخجول للمناهضين ولم تخلُ بالرغم من ذلك من عنف مناصري مرسي ، وأضاف عليها قرار بإلغاء الحبس الإحتياطي بواسطة الصحافة الذي تنص عليه المادة 179 من قانون عقوبات في حال التطاول على رئيس الجمهورية وبذلك استطاع أن يسكت أصوات الجماهير المناهضة لحكم الإخوان و الذين ووجهوا بشعارات إخوانية مثل ( أفرم – أفرم  ) ضد الإعلاميين الذين تحدثوا عن عمالته كونه ممثلاً هو للبرالية الجديدة في المنطقة وفقاً للنسخة (الأمرو قطرية )، وتنفيذ أجنداتهما مظهرا وجهاً جديداً لدكتاتورية إخوانية جديدة تغلفها «رحمة الرئيس» .

انقلب مرسي على العسكر قبل أن ينقلبوا عليه هكذا يقول محللون، ويرد آخرون أليسواهم من دعموا مبارك وحموا أمن إسرائيل في عهده ؟ويأتي السؤال هنا ألسنا أمام أنظمة ذات جوهر واحد؟

يبدو أن الإنقلاب على العسكر قد تم فعلياً ولكن ليس لأجل تحرير سيناء بل لأجل قمع  الشعب بعد عهد مبارك حتى يستطيع الإخوان تقديم المزيد لدول الأزمة الإقتصادية العالمية .

إن إدراك دور الجيش المصري بتشكيلته القديمة في حماية الشعب المصري الذي لم يصمت أمام الحكومات العميلة للولايات المتحدة وإسرائيل دفعته لتغيير تشكيلة الجيش ، وخصوصاً بعد موقفه من الثورة المصرية ،وبعد نزول الجماهير إلى الشارع ضد سياسات العمالة الإخوانية الجديدة، والأوضاع الإقتصادية الإجتماعية ، وهو ماينبئ بإجراءات سياسية  خطيرة على المنطقة بأكملها .

وفي هذا السياق جاء  تحديد موعد زيارة الرئيس المصري للولايات المتحدة في  23ايلول القادم ، بعد أن قام بترتيب البيت المصري بطريقته الإسلامية ،وهو الآن يتصدر الواجهة السياسية بالمشاركة بمؤتمر دول عدم الإنحياز،وبتصريحاته بخصوص الأزمة السورية ،وهو إن كان تحضيرا جيداً من الولايات المتحدة لقيادة عربية ذات طابع إسلامي تتصدر الساحة العربية إعلامياً  وتروج للوفاق العربي الأمريكي -الإسرائيلي ،إلا أنه محاولة هشة وميتة حيث أن واقع الأزمة الإقتصادية وإنهيارالقطب المتمثل بالرأسمال الغربي، وتغير تشكيلة الصراع الدولي، وظهور قطب الجماهير كقوة جديدة على الساحة العربية أولاً، وعلى الساحة الدولية ثانياً سيحتل الصدارة في المنطقة العربية والعالم .